بيان من  العلماء أعضاء فرع رابطة العلماء بفاس، وجمعية قدماء القرويين، وجمعية خريجي كلية الشريعة ينتقدون فيه المبادرة الحكومية حول التعليم الأصيل سنة 1980 ويضعون تصوراً شاملاً بديلاً من الأساسي إلى العالي


نحن العلماء أعضاء فرع رابطة العلماء بفاس، وجمعية قدماء القرويين، وجمعية خريجي كلية الشريعة.

- شعورا منا بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا للحفاظ على المقومات الروحية لهذه الأمة،

- ووعيا منا بالأوضاع المزرية التي يتخبط فيها العالم الاسلامي والمتمثلة في التخلف والانحراف والانقسام واليأس والتيه وانعدام الوازع،

- واقتناعا منا بأن هذه الأوضاع إنما تزداد سوءا وبؤسا بسبب غياب تعليم إسلامي يضمن تكوين الانسان المسلم القوي الأمين، ويتولى تعبئة طاقات الأمة في اتجاه التحديث والمعاصرة، من منطلق الإرادة الروحية والثقة بالله وتقديس العدل والحرية والكرامة وسائر المثل السامية،

-وحيث إن سلسلة التجاب والمحاولات في إصلاح التعليم لم تستطع إنقاذ أية دولة مسلمة من عالم التخلف، بل بالعكس نحن نزداد تخلفا في الوقت الذي نزداد فيه ابتعادا عن قيمنا الدينية، حيث أصحبت الأجيال الجديدة تعاني من مظاهر الاستلاب والغربة وانفصام الشخصية والجهل بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وما يعلم من الدين بالضرورة.

- وانتهازا للفرصة التي أتاحها صاحب الجلالة أمير المومين وحامي حمى الوطن والدين بمناظرة ايفران التي انبثقت عنها اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم، وبمناسبة حلول القرن الخامس عشر الهجري الذي نرجو أن يكون منعطفا جديدا في المسيرة الاسلامية الرائدة.

- وعقب دراسة ورقة العمل التي طرحتها وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر على اللجنة الوطنية المذكورة، وبعد اجتماعات متوالية لتكوين تصور وصياغة مشروع حول هذا الإصلاح، فإن العلماء المجتمعين بمدينة فاس لهذه الغاية توصلوا إلى ما يلي :

1- تسجيل مآخذ على ورقة العمل المذكورة.

2- اقتراح البديل في صورة مشروعين: أحدهما لإصلاح التعليم الأصيل، والثاني لطرح توصيات حول التعليم العام.

الـمآخذ على المبادرة الحكومة

يأخذون على ورقة العمل المذكورة ما ياتي:

1) ملاحظات عامة:

- الفلسفة التعليمية في الوثيقة تقوم على تكثيف المواد العلمية والتقنية، وطغيان الماديات على الروحيات، بينما الحاجة تدعو إلى التوازن بينهما.

- النظام التربوي الجديد الذي تقترحه الوثيقة تستند إلى تجارب ناجحة لدى دول متقدمة ونحن إذ نفضل أن تكون لنا تجربتنا الخاصة النابعة من ذاتيتنا وبيئتنا المغربية بما فيها من معطيات وتجارب وأصالة، نتفتح على كل تجربة ملائمة مفيدة، ونرفض كل نظام مستورد يصطدم مع مقوماتنا الاساسية سواء ورد من الشرق أو الغرب.

- كان على الوثيقة أن لا تكتفي بالهيكلة العامة للتعليم، وأن تقدم البيانات التفصيلية الواضحة في وسائل التنفيذ الضرورية للعملية التعليمية التي تتناول البرامج وتكوين الأطر والكتاب المدرسي، وغير ذلك.

- نصت ورقة العمل على تعميم التعليم وتوحيده ومغربته وتعصيره في جميع المراحل، لكنها لم تراع المقومات الأساسية المراعاة المطلوبة. فبدل أن يجعل في الصدارة هدف إسلامية التعليم وتعريبه، ويذكر بعد ذلك التعميم والتوحيد والمغربة والتعصير، اكتفى بالاشارة إلى إسلامية التعليم بين بعض الأهداف الثانوية، وبألفاظ تتراوح بين الوضوح والغموض كالدين والاسلام والأصالة والروح (صفحات 34 و35 و37).

- إن الوثيقة جعلت توحيد التعليم على حساب ما تبقى في التعليم من إسلام وعربية، فبدل أن تؤصل التعليم كله (أي تجعله إسلاميا عربيا) وبدل أن تسوي التعليم الأصيل بالعصري، وبدل أن تحافظ حتى على الموجود من الأصيل على ما هو عليه (عصرت) كل التعليم بما في ذلك الأصيل، بل همشت هذا الأخير تهميشا، فرافده الأساسي (حفظة القرآن) ينتهي سنة 2000 -حسب المخطط- حين يعم التعليم جميع الاطفال، هذا التعليم المهمش المسدود الأفق، ومن منهم سيكون مؤهلا له، وهم جيمعا لايدرسون ما يؤهل لذلك وهو حفظ القرآن وعلم العربية؟

- نعترف بأن الوثيقة في تحديدها للأهداف العامة للتعليم الأصيل بلورت الشعارات التي ندعو إليها جميعا من تخريج العلماء المتضلعين والمتفتحين والمساهمين في تطوير الفكر الاسلامي، لكن ما هو السبيل الى تكوين هؤلاء؟ والرافد الذي يؤهلهم لا يهيء طلابا جديرين بذلك.

2) ملاحظات حول التعليم الأولي في الوثيقة :

- اقتصرت الوثيقة في برنامج التعليم الأولي على استخدام القصص والحكايات لغرس بذور الدين والأخلاق، ولم تنص على التعليم القرآني، واعتماد بعض الآيات والأحاديث لتحفيظها للأطفال مما هو أساسي في هذه المرحلة التكوينية.

3) ملاحظات حول التعليم الأساسي في الوثيقة : ومدته 8 سنوات

- يلاحظ أن التعليم الأصيل مدرج في الوثيقة بصفة هامشية، والذين أدرجوه فيها يظهر أنهم لا يفهمونه، ولا يدركون أهدافه ومراميه، والدليل على ذلك هو الحيز الضيق الهامشي الذي أعطي له في الهيكل التربوي للوثيقة، فليست له نسبة مئوية، والذين يسمح لهم بولوجه استعملت الوثيقة في حقهم كلمة الإمكان، وتركت الأمر لرغبتهم التي لا توجد حوافز ومغريات لإذكائها.

- جاء في الوثيقة : تكون مدرسة التعليم الأساسي وحدة تربوية متكاملة، ولذلك يمكن بناء مدارس من 8 سنوات أو من 6 أو من 4) والملاحظ أنه من شأن هذا البناء أن يجزئ هذه الوحدة التربوية، ولا يخضعه لمعطيات البيئة الواحدة ومميزاتها الديمغرافية والجغرافية والمحلية. ورغم بعض الاعتبارات الاقتصادية التي قد يتعلل بها لتبرير هذه التجزئة، فإننا نلاحظ خطورتها من الناحية التربوية، وما يترتب عليها من مشاكل اجتماعية.

- لم يرد في تقويم الوثيقة للتعليم الأساسي ما يشير إلى تنمية الروح الدينية بينما ركزت على المردود التقني.

- قضية انعدام التكرار في هذا التعليم الاساسي يجعل الأساتذة لا يتحملون أية مسؤولية ويدعوهم إلى اللامبالاة بتبعات المهنة، بخلاف ما إذا كلفوا بحمل النتائج وتبعاتها، كما أن ذلك يؤدي إلى فتور في عمل التلاميذ وضعف طموحهم، وانخفاض مستواهم، مما يرتب آثارا سيئة على تعليمهم الثانوي والعالي، بالاضافة إلى أن الوثيقة لم تحدد الأسس التي يقوم عليها التوجيه في التعليم الأساسي الى الشعب التخصصية في الثانوي.

- لا توفر الوثيقة تكافؤ الفرص بينالتلاميذ الملتحقين بالتعليم الأصيل وإخوانهم المتابعين للتعليم العمومي، فالأولون آفاقهم المستقبلية غامضة ومسدودة، بينما الآخرون تنفتح الآفاق الكثيرة أمامهم من الميادين التقنية والتجريبية والرياضية وغيرها.

4) ملاحظات حول التعليم الثانوي في الوثيقة، ومدتة 4 سنوات.

- تقول الوثيقة : (يسمح استثنائيا بالتكرار مرة على الأكثر خلال الأربع سنوات لأسباب تربوية أو صحية) وهذا يجعلنا نتساءل عن مصير التلاميذ الذين لم يحالفهم الحظ في الأربع سنوات، ولم ينقذهم التكرار الاستثنائي.

- تخلو شعبة الآداب العصرية وكذلك الشعب العلمية والتقنية من هدف التفتح على الحضارة الاسلامية والفكر الاسلامي، واتاحة الفرصة أمام التلاميذ لدراسة الاسلام ومقارنته بالنظم الأخرى المواجهة والمتحدية.

- شعبة الآداب الأصلية هي في الوثيقة فرع من فروع الشعبة الأدبية، وليس لها من الاستقلال ما يضمن لها البرنامج الأصيل والذاتية المتميزة.

5) ملاحظات حول التعليم العالي في الوثيقة :

- لم يفصل القول في الجامعات، ولم يشر البتة إلى جامعة القرويين.

- فصل المقترح المجموعات كلها الداخلة في نطاق مؤسسات تكوين الأطر إلا ما يتعلق بالتعليم الأصيل الذي سكتت عنه الوثيقة مكتفية بترقيمه فقط.

- يلاحظ أن الوثيقة حصرت دور الجامعات في نطاق محدود لا يتعدى تكوين الأطر العليا والبحث العلمي، وأعطت للمدارس والمؤسسات حق تكوين الطلبة في مرحلة الاجازة فما دونها، مع أن الجامعة يجب أن تكون هي المهيمن وغيرها من المؤسسات يتفرع عنها.

- أغفلت الوثيقة أية اشارة الى البحث العلمي في التعليم العالي الأصيل، كما أنها لم تعط أية تفاصيل عنه في التعليم العالي بصفة عامة.

اقتراح البديل

إن  العلماء هم أول من اقتنع بوجوب إحداث المدرسة الوطنية انطلاقا من مبدإ توحيد التعليم منذ فجر الاستقلال حيث طالبوا بذلك على أساس إسلاميته وعروبته.

- ونظرا لخيبة ظنهم وما شاهدوه من ممارسات وخصوصا في مجال التربية الاسلامية التي خصص لها نصف ساعة أسبوعيا تلقى فيها نظريا دون تطبيق، ودون اعتبارها في الامتحان ودون معامل مما أدى إلى تخريج أجيال جاهلة كل الجهل بدينها خلال عشرين عاما بعد الاستقلال.

- وحيث إن كثيرا من المسؤولين في مراكز التقرير بأجهزة الدولة تخرجوا من هذه المدارس واقتصرت معارفهم في التربية الاسلامية على ما ذكرنا، فكانت رؤيتهم لتوحيد التعليم مبنية على هذا الأساس ولذلك فهم يفتقدون القدرة على التنظير الصحيح والموضوعي.

- واقتناعا من العلماء بأنه لا توحيد للتعليم إلا على أساس تأصيله، وهو هدف يبدو بعيد التحقيق في الوقت الحاضر، وإسهاما منهم في العمل المبارك الذي دعا إليه أمير المومنين وحامي حمى الملة والدين، فإنهم يقدمون مقترحهم في مشروعين متكاملين :

> مشروع لاصلاح التعليم الأصيل :

- وعيا من العلماء بالدور الذي لعبه التعليم الأصيل في المحافظة على كيان البلاد ومقدساتها.

- وحرصا منهم على استمراريته رقيبا على ضمير هذه الأمة يمدها بالاشعاع الروحي القرآني والنبوي عندما تدلهم الدياجي وتلتبس السبل.

- واقتناعا من العلماء بأن المدرسة الوطنية المغربية لا تأخذ طريقها الصحيح إلا إذا قامت على أساس تأصيل التعليم.

- وحيث إن ورقة العمل تعتبر التعليم الأصيل مجرد شعبة تخصصية من شعب الأدب في السلك الثاني، وهو ما يقلص حجمه، إذ يتوفر في الوقت الحاضر على شعبة العلوم التجريبية المعربة، ويرجى تزويده بشعب أخرى.

لذلك يلح العلماء على المحافظة على هذا التعليم ويحددون أهدافه ووسائله وتصور إصلاحه فيما يلي :

أ- الأهداف

الحفاظ على تراثنا الاسلامي ومقوماتنا الروحية والثقافية التي ظلت نبراس الأمة المضيء في مواجهة الغزو والاستعمار على مر العصور، والتي عملت على انسجام المغاربة والتحامهم، ووحدة آلامهم وآمالهم، وحصنتهم من كل أخلاق دخيلة.

- إمداد البلاد بعلماء متضلعين في العلوم الاسلامية، ومتفتحين على العلوم الحديثة، وقادرين على مواكبة ركب التقدم الحضاري، والمساهمة في تطوير الفكر الاسلامي، وبعث روح الاجتهاد.

- تزويد البلاد بالأطر المتخصصة لبث الوعي الديني الصحيح في الداخل، وللقيام بنشر الدعوة الاسلامية في الخارج، تلك الدعوة التي اضطلع بها المغرب عبر العصور ولاسيما في افريقيا وأوروبا.

- تخريج الأطباء والمهندسين والصيادلة والتقنيين وسائر أرباب المهارات من هذا التعليم ممن تتوفرفيهم متانة التكوين العلمي وسمات الأصالة والالتزام.

ب- الوسائل

- رصد الحصص الكافية واختيار المناهج المناسبة المتدرجة، وتأليف الكتب المدرسية الملائمة لتقوية مدارك التلاميذ في سائر فروع الدراسات الاسلامية، وتعزيز معارفهم في اللغة العربية وقواعدها.

- التفتح على اللغات الأجنبية، والتزود بالمعارف الاساسية في العلوم والرياضيات.

- تأمين الطمأنينة والاستقرار لتلاميذ وطلبة التعليم الأصيل بفتح آفاق المستقبل أمامهم، وضمان كل التجهيزات لمؤسساتهم من وسائل تعليمية وغيرها.

- تشجيع البحث العلمي في هذا التعليم مما يكشف عن مواهب أصحابه، ويثري الفكر المغربي بأنواع الخلق والابداع التي طالما قدمها أبناؤه على مر العصور.

التصور الاصلاحي لهذا التعليم

>  يحافظ على التعليم الأصيل بطابعه المميز، وملامحه الخاصة، ليكون نواة للمدرسة الوطنية المرجوة، ومنذ الآن يمكن رسم الصورة الهيكلية له فيما يلي :

> التعليم الأساسي الاجباري الأصيل: ومدته 8 سنوات :

- يحدث تعليم اساسي اجباري أصيل -الى جانب التعليم الأساسي العمومي- مدته 8 سنوات يطبق فيه منهج يناسب التعليم الأصيل، وتقوم الدراسة فيه على الاهتمام بحفظ القرآن الكريم، واستظهار نصوص من السنة النبوية، وتعميق المعرفة اللغوية الى جانب ما يدرس في التعليم العمومي، ويلجه التلميذ من السنة السادسة من عمره.

- التعليم الأساسي الأصيل تحدث له مؤسسات في المدن والبوادي، ويجب أن تمثل نسبة تلاميذه 50% من نسبة التمدرس.

- في السنة السابعة من التعليم الأساسي الأصيل يوجه عدد من تلاميذه إلى مدارس التكوين المهني بنسبة محددة.

> التعليم الثانوي الأصيل : ومدته 4 سنوات :

- ليس التعليم الثانوي الأصيل مجرد شعبة تخصصية من شعب الآداب كما تتصوره ورقة العمل، بل هو في تصورنا تعليم ثانوي كامل تطبعه الأصالة والروح الاسلامية، ويتسع لجميع الشعب النظرية والتقنية ولذلك نطالب بما ياتي :

1) مساواة التعليم الأصيل للتعليم العمومي في تنويع الشُّعَب، وذلك باحتوائه على كل الشعب الموجودة في هذا الأخير (علمية ورياضية -علمية تجريبية -اقتصادية الخ) لاسيما وأنه يتوفر على شعبة علمية تجريبية معربة منذ عدة سنوات أثبتت كفاءتها وجدارتها.

2) تدريس اللغات الأجنبية في التعليم الأصيل بكيفية جادة ومنتجة بحيث يوضع منهاج لكل قسم يكمل منهاج القسم السابق، ويهيئ التلميذ لمنهاج القسم اللاحق، لا كما نشاهده اليوم حيث يكرر المنهاج نفسه في كل قسم مما يعكس السلبية والمردود الهزيل.

3) تقوية المادة الاسلامية في الشعب العلمية الأصيلة الموجودة بالفعل أو التي ستوجد وذلك بطريقة تضمن تزود التلميذ بنفس المعلومات العلمية التي يتلقاها زميله في التعليم العام مع زيادة تعميق المعرفة الاسلامية. ذلك أن التعليم الأصيل يستطيع إضفاء روحه  على شعبته العلمية بفضل أسس أربعة يتوافر عليها : التوجه الدراسي المشبع بالروح الاسلامية -محتوى مواده التي لا تقف عند العناوين -تنقيصه من حجم بعض المواد الثانوية لحساب المادة الاسلامية -وأخيرا طبيعة الاستاذ وتكوينه الممتاز.

4) مراجعة مناهج التعليم الثانوي الأصيل، وتأليف الكتب المدرسية الملائمة له، وتطويره مع المحافظة على روحه وجوهره.

5) من الناحية الشكلية والهيكلية نقر نظام السنوات الأربع في التعليم الثانوي مثلما أقررنا نظام السنوات الثمان في التعليم الأساسي الاجباري طبقا لما هو منصوص عليه في ورقة العمل.

التعليم العالي الأصيل

- فتح المنافذ أمام طلبة التعليم العالي الأصيل لمتابعة دراستهم بعد الاجازة، فليس من المعقول تصور جامعة تقف عند حد الاجازة، وتحيا بدون أطر عليا، وأنه لمن المؤسف أن تبقى جامعة القرويين العريقة بعد ربع قرن من الاستقلال مقصوصة الجناح، وهي القادرة على اغناء الفكر والثقافة بالمغرب بالبحث العلمي الموضوعي الجاد، وإذا كانت التشريعات قد نصت على احداث (الديبلوم والدكتوراه) فإنه يجب اخراج ذلك الى حيز الوجود والتطبيق دون مماطلة أو تسويف، وفتح الآفاق أمام طلاب هذا التعليم حتى يستشعروا الثقة بالنفس، فيغتنوا ويغتني شعبهم بأبحاثهم ودراساتهم واجتهاداتهم.

- احداث كليات أخرى تابعة لجامعة القرويين لها بقية التخصصات التي تحتاجها الأمة كالطب والهندسة والعلوم الخ. وهذا ينسجم مع ما نطالب به من احداث كل الشعب العلمية والتقنية في الثانوي الأصيل، وعدم اعتباره مجرد شعبة تخصصية من شعب الآداب، فنحن نريد أن يحتوي التعليم الاسلامي على كل المهارات والصناعات والمجالات الحيوية كي يوجهها ويطبعها بطابعه ويسخرها للخير العام، وينسجم هذا أيضا مع الماضي العلمي ا لمشرف الذي لجامعة القرويين حيث كانت تدرس في رحابها جميع العلوم، ويشارك طلبتها في جميع التخصصات، ويتخرج منها علماء متضلعون لهم الباع الطويل والاقتدار الكامل في جميع المواد و العلوم.

- تنشيط البحث العلمي بكليات القرويين، ورصد الاعتمادات الكافية له.

- تخصيص منح للطلبة من أجل الدراسات العليا لتكوين الأطر العليا بجامعة القرويين.

- فتح المجال أمام المتخرجين من جامعة القرويين للعمل في الجامعات والمدارس العليا الأخرى لبث الاشعاع الروحي والثقافي الاسلامي والحس اللغوي العربي في كل أبنائها مهما كانت تخصصاتهم.

> مشروع تصورات حول  التعليم العام

- شعورا من العلماء بمسؤوليتهم تجاه كل أطفال الأمة وشبابها لحماية عقيدتهم وأخلاقهم والاطمئنان على لغتهم ومقوماتهم الثقافية، وتأمين تأهيلهم العلمي والمهني من كل الشرور.

- وحيث إن التعليم العام يراد منه تحقيق نفس الأهداف التي يحققها التعليم الأصيل.

- ونظرا إلى أن التقارب بين هذين النوعين من التعليم سوف يشتد ويتدعم نظرا للتفتح المستمر للتعليم الأصيل على معارف العلوم والرياضيات واللغات الأجنبية، وأخذ التعليم العام شيئا فشيئا بالعمق المعرفي الاسلامي واللغوي الذي هو قوام التعليم الأصيل، مما يمهد -إن شاء الله- للمدرسة الوطنية المغربية الموحدة.

لذلك يرسم العلماء تصورهم حوله، ويقترحون أهدافه ووسائله وبعض التوصيات عنه فيما يلي :

< الأهداف :

- تخريج القوي الأمين في كل تخصص تحتاج له الأمة، وذلك بتربية النفس والعقل والبدن، وتربية الخلق والضمير والارادة، وتربية الملكات، والمهارات تربية قوامها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر، وجوهرها التخلق بأخلاق القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة وسيرة السلف الصالح، ومنطلقها استمرار الرسالة التاريخية للمسلمين في تشييد الحضارة الانسانية والعمران البشري.

- تعليم الأمة وتشغيلها.

< الوسائل :

- توجيه سليم كما وكيفا للأطر.

- أدوات ناضجة ما أمكن (الأستاذ -الكتاب -المنهاج الخ).

- نظافة  ادارية وخلقية وعلمية.

- اتاحة مجالات الشغل الرسمي والحر على المستوى الوطني، والاعداد المهني بتعهد القابليات وتنميتها، وفتح الأوراش للتلاميذ والطلبة للعمل التطوعي حتى يتنمى فيهم حب العمل ويتعودوا على ممارسته.

- ثقافة إسلامية وعربية كافية تقسط حسب التخصصات والسنوات منذ التعليم الأولي الى آخر مراحل التعليم العالي.

- إيجاد لجان للتنسيق بين التعليمين الأصلي والعصري من أجل التمهيد للتوحيد الصحيح.

توصيات حول التعليم العام

- بالنسبة للتعليم الأولي الذي ينص المشروع على رصد سنتين له قبل ولوج التعليم الأساسي، يجب أن يقوم أساسا على تحفيظ بعض السور القرآنية والأحاديث النبوية، وتركيز الأخلاق الاسلامية بالاضافة الى ما هو مقرر في برنامجه العام، ويجب أن يتجسد إشراف الدولة التربوية عليه في مراقبته باستمرار وصرامة، والاستيثاق من تطبيق البرامج المقررة له.

- التعليم الأساسي العمومي، يجب أن يحقق الهدف منه وهو : تكوين الانسان المسلم التقي الأمين، ولذلك يجب أن يشتمل على ما تتعين معرفته من الدين بالضرورة كالعقائد والعبادات والتفسير والحديث والفرائض والأخلاق بدرجة كافية، وأن تقسط هذه المعارف حسب السنوات. وأن استشارة العلماء والأخذ بآرائهم في وضع هذه البرامج وتقسيطها، يعتبر ضمانة سلامتها وتأمين أهدافها، وتعميق محتواها.

- بالنسبة للتعليم الثانوي يقع التركيز في الشعب العلمية والتقنية والمهنية على مواد التخصص، وتعتبر المادة العربية الاسلامية ثانوية في الوضع الحالي الآن وفيما تقترحه الوثيقة، وهذا فيه اهمال للمقومات الروحية للمتخرج، فنحن لسنا بحاجة إلى المتخرج الفارغ من كل محتوى روحي، وأن أي تخصص لا يغني عن السمات الضرورية للشخصية المسلمة، تلك السمات التي يجب تعهدها طيلة كل مراحل التكوين بالتلقين والممارسة حتى تنطبع الشخصية بها، وتصبح أبرز شيء في مقوماتها، وهذا ما يوجب إعطاء الحصص الكافية للمادة الاسلامية في كل الشعب واعتبارها أساسية، وعدم التذرع بدعاوى التخصص للنيل منها ومن حصصها.

- بصفة عامة وفي جميع سنوات التعليم الأساسي والثانوي يجب استبدال كلمة (التربية الاسلامية) المتداولة الآن، وأن يحل محلها تسمية المواد  بأسمائها المقررة مثلا : (فقه -تفسير -حديث -سيرة الخ) حتى يدرك التلميذ منذ البداية أنه أمام معارف واسعة تقتضي منه واسع الجهد لاقتناصها، وتقسط حسب السنوات، فتختص سنوات التعليم الأساسي مثلا بالعقائد والعبادات والأخلاق والتاريخ الاسلامي، ويدرس فقه المعاملات والفرائض والتفسير والحديث والسيرة النبوية وموقف الاسلام من الايديولوجيات من سنوات التعليم الثانوي.

- الاهتمام بالناحية العملية والممارسة التطبيقية في المواد الاسلامية، وهكذا يمكن إحداث مسجد في كل مؤسسة تعليمية لتعويد التلاميذ على الصلاة والوضوء.

- اعتبار المواد الاسلامية في الاختبارات الدورية، والامتحانات المصيرية، ورفع معاملها في كل الشعب بحيث لا ينقص عن 5 في أية شعبة.

- بالنسبة للتعليم العالي يتعين إدخال مادة الثقافة الاسلامية في كل الجامعات والكليات والشعب دون استثناء، وفي كل سنوات التخصص، ويجب أن لا تقل الحصص عن ثلاث ساعات أسبوعيا كحد أدنى، وأن تعتبر مادة أساسية، وأن تسند إلى أساتذة أكفاء مؤمنين بالدعوة الاسلامية، وأن تقدم وفق منهاج مترابط عبر السنوات ومعمق ومقنع، وهكذا نضمنالتأهيل الاسلامي، لكل الأطر المغربية من أطباء ومهندسين وغيرهم، ونساعدهم على الاندماج الصحي في مجتمعهم، ونطمئن إلى عملهم المهني الموجه لخير الجماعة ومن أجل بنائها.

- كذلك بالنسبة للتعليم العالي، يجب إعطاء الأهمية للجامعات أكثر من مدارس التكوين باعتبار أن الجامعات في المدى البعيد تضمن إثراء الفكر، وفتح آ فاق المعرفة، ومجال الخلق والابداع، ويجب أن يجعل الانطلاق أساسا في التعليم العالي من الجامعة بحيث تكون هي المهيمنة على مراكز التكوين السريع والمتوسط والعالي ومراكز البحث العلمي.

خـــاتـمــة

هذه خطوة جوهرية لتصوراتنا تطغى عليها النظرة التركيبية الشمولية، بيد أننا على استعداد لاعطاء كل التفاصيل، وتوضيح كل ما يحتاج إلى بيان أو تأويل في هذه الوثيقة إذا تفضل المسؤولون باستدعائنا، ورغبوا في سماع وجهة نظرنا. فالعلماء كانوا دائما معنيين بأمر التعليم، وهم على استعداد الآن لبذل كل جهد في سبيل انجاح المحاولة الاصلاحية له تحت قيادة أمير المومنين وحامي حمى الملة والدين جلال الحسن الثاني نصره الله وأيده.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>