قال رسول الله في رواية للبخار ي: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن : وبم يا رسول الله؟ قال : تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن : وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن : بلى. قال : فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصَلّ ولم تصم؟ قلن : بلى، قال : فذلك من نقصان دينها<(رواه البخاري)
6- وتكفرن العشير : وهو أمرهام في الحياة الزوجية، وفي استمرارها ونجاحها، وقدرتها على القيام بواجبها.
والكفر، في أحد معانيه، ضد الشكر، وهو جحود النعمة، والكافر : الليل المظلم لأنه ستر بظلمته كل شئ، وكل شئ غطى شيئا فقد كفره ومنه سمي الكافر، لأنه يستر نعم الله عليه.(مختار الصحاح).
فكفران العشير جحود لفضله وحسناته، وتغطية لكل حسن يؤديه إلى زوجته عند أي سبب لاترضى فيه، وقد يصل الأمربالمرأة إلى إنكار كل فضل لزوجها، والحكم عليه بأنها لم تر منه خيرا قط، وأن حياتها معه ظلمة وطلم ومكابدة.
وهذه الصفة عامة في النساء، وإن تفاوتت بين واحدة وأخرىوهي نوع من الظلم، والبعد عن الحق، وغمط الناس فضلهم، والبعد عن الود والعدل والإنصاف.
وهذا يدل على اختلاف طبيعة المرأة عن طبيعة الرجل، ويؤكد الفوارق بينهما، فالمرأة تحكمها العاطفة أكثر مما يحكمها العقل في أغلب الأحوال، وا لرجل يحكمه العقل أكثر مما تحكمه العاطفة في أغلب الأحوال أيضا.
والعشير : من المعاشرة، التي هي المخالطة والمعايشة، والعشير هو الزوج، وللزوج في الإسلام حقوق ،كما للزوجة حقوق، ولكن مكان الزوج مهم في حياة المرأة، وواجبها نحوه معروف،وطاعة واجبه،وهو بابها إلى الجنة إن أدت فروضها وقامت بواجبها وأطاعت زوجها، ورسول الله جعل هذا الأمر معادلا لأعمال الرجل في الجهاد والحج وحضور الجمع والجماعات، وفي ذلك مكرمة للمرأة، ورحمة بها من رب العالمين، إذ جعل طريقها إلى الجنة سهلا ميسورا إن أرادت ذلك، وعملت بما عليها، ولهذا قال رسول الله : >نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده<(رواه البخاري).
وقال أيضا: >لاينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه<(أخرجه الحاكم في مستدركه 2/190).
وقال أيضا : ” ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا آذت، أو أوذيت، جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول : والله لاأذوق غُمْضًا حتى ترضى<(أخرجه النسائي في عشرة النساء 257).
والرسول أيضا أوصى الرجال بالنساء، وكانت هذه الوصية من آخر وصاياه في خطبة الوداع فقال : >استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوابالنساء<(أخرجه البخاري).
وفي حديث آخر قال : >لايصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولوصلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها<(أخرجه الإمام أحمد)
وسألت عائشة النبي أيالناس أعظم حقا على المرأة؟ فقال :”زوجها”. فقالت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال : “أمه”.
هذه الأحاديث، بقدر ما تؤكد على واجب الزوجة نحو زوجها، وأهمية الحسنى إليه، وإشاعة المحبة والود والتقدير والمشاركة له، بقدر ماتؤكد أيضا على أهمية هذا الأمر، الذي تستطيعه المرأة وتتقنه حين تريد، في بناء الأسرة، ونجاحها، وسعادتها وقدرتها على تخطي الصعاب، وأداء الأمانة نحو الأجيال.
وهذا بحد ذاته هوالذي يجعل المرأة ذات أهمية في الحياة والمجتمع، فهي الركن الأساسي في الحياة، هي عنصر الروحانية التي تسري في الأسرة فتربط بين أبنائها، وتشيع الود والمحبة والطمأنينة فيها. وهذه هي المعاشرة الصحيحة وعدم كفران العشير.
ونحن نعلم أن رسول الله عندما حدد المسؤولية المناطة بالناس في مختلف مواقعهم في الحديث المشهور “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته” ابتداء من الإمام، إلى الرجل، ثم المرأة التي حدد مسؤوليتها، ومجال رعايتها في بيت زوجها وماله وولده.
أما كفران العشير، فإنه يناقض هذه الأسس كلها، وبدلا من أن تؤدي علاقتها بزوجها إلى الجنة والمغفرة في الآخرة، والنجاح والفوز في الدنيا، يؤدي كفران العشير إلى النار.
وهذا درس تربوي مهم، يحدد القواعدالأساسية لنجاح المرأة في الحياة، وفوزها برضوان الله، كما يبين لها المخاطر والمزالق التي تخرج بها عن جادة الحق، والعدل والصواب، وتؤدي بها إلى الهلاك والنار.
كما هو درس تربوي لتبيان مسؤولية المرأة في نجاح الأسرة وديمومتها، وقدرتها على أداء واجبها.
7-ومما ورد في رواية البخاري وغيره قوله عليه الصلاة والسلا م : ” مارأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن”.
وهو تبيان لأثر هذا السلوك الخاطئ للمرأة في نفس الرجل، ونتائجه الكبيرة على الوفاءوالود والديمومة.
وهل تجد المرأة تحذيرا وتصويرا لما يمكن أن ينتج عن سلوكها في كثرة اللعن والشكاوى وكفر العشير، من أن يؤدي ذلك إلى ذهاب التعقل والحلم من الرجل الحازم، وفقدانه السيطرة على أعصابه إزاء ما يراه من شكاة وكفر لكل ما يعمله من خير لزوجه؟.
إنها عبارة مفزعة، وتحذير قاطع بأن هذا الطريق لايترك للرجل العاقل عقلا ولاحلما، ولايترك للزوج الحازم صبرا ولا روية، فيذهب من جراء ذلك العقل والحزم والحكمة والصبر وتنهدم الحياة، وتفسد المودة، وتنقلب الحياة إلى شكوك واختلاف وعداء.
وهذا يشير إلى أثر المرأة في الأسرة، وأثرها في ديمومة الحياة الزوجية وسعادتها، وأثرها في دفع الرجل وقدرته على تحمل مشاق الحياة وأداء ماعليه بإتقان وصلاح.
8- عد هذا الواقع الذي يحيط بالنساء، وهذه التصرفات التي تخرج الحليم عن حلمه، والعاقل عن رويته يبين الرسول أن النساء ناقصات عقل ودين، وهل أدل على نقصان عقلها من هذه الصفات التي تكثر في النساء، فتخرجهن عن جادة الصواب، وتتنكب بهن عن طريق العقل والحكمة؟.
أليس من طبيعة المرأة أن تجنح إلى عواطفها عند كل أمر، وتخالف مقتضيات العقل، وأحيانا الدين، وتركض وراء المظاهر وتركن إلى المديح والثناء ولو كان في ذلك ضلال وإثم؟
ألا تتعامل الزوجة إلا من عصم الله مع الزوج بعواطفها ومزاجها ورغباتها، فترضى عنه وتثني عليه إذا لبى رغباتها، واستجاب لطلباتها وتغضب منه، وتنكر حسناته ومعروفه عندما يأبى أن يلبي واحدة من هذه الرغبات؟.
ألا تتسرع المرأة في إطلاق الأحكام لمجرد تأثرها بشئ ، وبدون أن تحيط بالمسألة، أو تستقصي الأسباب والأدلة؟.
لقد استفسرت الصحابيات الكريمات عن مظاهر نقصان العقل والدين، فأجابهن رسول الله بامر يعرفنه جميعا حيث أشار إلى أن شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل، لأنها تتأثر، وتنسى، وتستجيب لعاطفتها وتتسرع في حكمها. وهذا يدل على نقصان عقلها، أي نقصان قدرتها على الإحاطة بالأمر، والروية في الحكم، والتماس الحقيقة في الوقائع. هكذا خلقها الله عز وجل أنثى ،ذات طبيعة تختلف عن طبيعة الرجل، طبيعة تستطيع بها أن تتحمل مالا يتحمله الرجل، وتصبر في أمور لايمكن أن يصبر عليها الرجل. ولولم تكن كذلك لما استجابت للزواج، ولما فرحت واستبشرت وصبرت وتحملت ما يعقب الزواج من تبعات نحو الزوج، ثم الحمل، ثم الولادة، ثم الحضانة، والتربية، ثم الرعاية للأبناء، والبذل والصبر في تربيتهم. وكلها أشياء فوق طاقة الرجال، تحتاج هذه الأمور الطاقة الشعورية، والعاطفة العميقة الدائمة التي تعينها على تحمل ذلك والاستمراربه، والسعادة بأدائه. ولوكانت تفكر في كل هذه الأمور بعقلها كما يفكر الرجل، لرفضت الزواج وتخلصت من الحمل، وألقت بالوليد الذي أذاقها الآلا م والتعب والسهر والقلق وانعدام الراحة.
فهي بحاجة إلى هذه الطبيعة المتميزة، المفعمة بالمشاعر الصادقة، والمختلطة بالصبر الطويل، والرضى والسعادة الداخلية لكل هذه الآلام ولولا ذلك لما قامت الحياة، ولما استمرت مسيرة البشر على هذه الأرض. وإن هذه الطبيعة وهذه الميزات هي التي جعلت للمرأة مكانة متميزة زوجة وبنتا وأما، وهي التي تأكدت في النصوص القرآنية والحديثية في الأوامروالتوجيهات بحسن الرعاية للمرأة، والحث على حسن التعامل معها >خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي<.
وفي رواية : أاكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا<(رواه الترمذي)
وكذلك في وصية الرسول الكريم بحسن الصحبة والتعامل مع الأم أولا، وثانيا وثالثا، ثم الأب رابعا. فهل هناك تكريم ورعاية أفضل من هذا التكريم وهذه الرعاية؟
وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات كفاء مابذلن نحو الأولا د، وجزاء ما قدمن وتحملن بصدق وسخاء ورضى، دونه أي صدق وأي سخاء وأي رضى ولهذا حق لهن هذا التكريم من الله ورسوله.
فهل هذا النقصان في العقل، والتميز بالعاطفة والصفات التي تميز المرأة منقصة لها أم مكرمة؟ وهل هذا يجعلها أدنى قيمة من الرجل؟
إنه المؤهل التي أعطي لها، والشهادة التي زودت بها من الخالق الحكيم لتكون الزوجة المحبوبة المكرمة، البنت الأثيرة المرعية، والأم المبجلة المطاعة.
إنها السمة الكريمة التي صبغت بها لتحمل هذه المسؤولية التي لايستطيع غيرها أن يحملها، والوسام الذي يحق لها أن تفخر به في الحياة، وتسعد به في دار الخلد، والمفخرة التي جعلتها أهلا لما أنيط بها في حياة البشرية.
وأما نقصان دينها ، فقد بينه رسول الله بتوقفها عن الصلاة والصوم إذاحاضت، أو نفست، والعبادة قربى إلى الله وأي قربى وعروج إلى الله وصلة دائمة به. والإشارة إلى توقف المرأة عن هذه العبادة حث لها على زيادة الطاعة، والتماس الثواب في التعامل والسلوك لتعويض مايفوتها من ذلك في العبادة أثناء حيضها ونفاسها.
خاتمة:
هذه لمحات مما يوحي به هذا الحديث الشريف، حيث وضع أسسا في التعامل بين المرأة والرجل، ومعالم في بناء الحياة الزوجية الناجحة، وبين المخاطر والأخطاء التي تهدد هذه الحياة، وتتردى بالمرأة إلى الفشل في الدنيا والعذاب في الآخرة.
وإنها لتربية تقوم على حقائق الفطرة الإنسانية، وطبيعة المرأة ومميزاتها، لتكون على دراية بما زودها الله به من صفات، وماوضعه عليها من مسؤوليات، ومايعيق نجاحها في حياتها وترديها في النار.
ولذا فقد حث رسول الله النساء على التصدق، بل كثرة التصدق، لتكفير الذنوب، لأن المعصية لاتمحى إلا بالطاعة، وفوات الأمور يستدرك بما يبذله الإنسان من خير، طاعة لله عز وجل ، واستشعارابالذنب، وأوبة إلى الحق.
وكانت استجابة الصحابيات، وهن من خيرة النساء، ولسن من اللواتي تلهيهن الحياة عن الواجب، أو تجرهن المظاهر والعواطف إلى ارتكاب الخطأ والاستمرارفيه، فلذلك كانت استجابتهن استجابة سريعة، وطاعتهن طاعة مخلصة، فجعلهن ينزعن حليهن وقلائدهن وقرطهن، وخواتيمهن، ويقذفن به في ثوب بلا ل، يتصدقن به”
وهذا الذي بذلنه، هو كل ما تهواه المرأة وتتمثل أو تتزين به، وتؤثره على كثير من الأشياء. إنه يمثل المظاهر، والدنيا، والزينة والمتاع.
كل ذلك بذلنه بسخاء طاعة لله، واستجابة لتوجيه رسول الله فكان الدرس درسا ً عمليا، والتربية تربية واقعية، وضعت الأسس، وبينت المعالم، وأقامت الشاهد العملي للتربية الإسلامية.