ليس الحب بين الرجل والمرأة خطيئة يعاقب عليها المحب شرعا، كما أنه لا يعاقب على إحساسه بالجوع أو العطش أو التعب أوالألم…
إذن فما المشكلة حين أنصحك أختي ألا تملئي عالمك الفتي بضباب كثيف من زفرات النفوس الملتهبة بحب في جسدك ؟
هل فكرت مرة أن تحتسي سما لتدفعي عنك عضة الجوع أو ظمأ الهواجر ؟ لا أظنك فكرت، لأنك تعلمين أن السم ليس نافعا لجوع أوعطش.
فهل فكرت حين تحركت نفسك نحو زفرات حب كالح، أنه ليس بالحب الذي يشفي نفسك ويملؤها بالسكينة..؟
إني أعلم أن الحب لا يخضع للمنطق وعالم الأفكار، فلست تملكين إن سيطر على كيانك حب شغلك، لكني ألومك أن حبست هذا الحب في تفاهة من وحي إبليس.
أنا أحسب معك مواطن الحب الفارغة في قلبك، وصدقيني أو كذبيني، لكنني سأكتفي ببرهان واحد ينتج لي من هذا الحساب والإحصاء -إن أنت كذبتني- هو أنك ضيعت حبك في الفراغ.
- أين حب الله تعالى في قلبك، أنت المسلمة أمة الله؟ هل هناك في الوجود من يستحق الحب الكامل غير الله سبحانه، سلي عن ذلك القانتات العابدات، أوسلي عن ذلك كل هذا الكون البديع الجميل.
- أين حب رسوله الكريم سيد المخلوقات الذي يملأ جماله النفوس؟ وهو الذي قال فيه الشاعر المحب:
وأجمل منك لم ترى قَطُّ عيني
وأفضل منك لم تَلِدِ النساء
أين حب الصالحين السابقين منهم واللاحقين؟
- ولست أذكرك بحب والديك وإخوتك وأقربائك؟
- أين وأين…..؟ مجالات واسعة تفرغين فيها طاقة حبك، مبسوطة أمام ضميرك.
ثم إني واعٍ بعد الذي عددت عليك، أن جزءا من قلبك متروك لحب رجل، لكن ثقي أنه جزء صغير، لن يستطيع أن يستولي على كل قلبك المملوء بالحب الذي قصصت عليك.
هذا الجزء من الحب لست تلامين عليه، بشرط واحد هو العفة والكتم، تكتمين هذا الحب حتى تفرغيه في مجاله الطبيعي : الزواج.
بالذي فطر الحب في نفسك، إن الله ليغار أن تنتهك حرماته، والمؤمن مطالب أن يتخلق بأخلاق الله تعالى، فوالله إني لأغارحين أنظر في تائهة قد جرها إبليس حتى أسقطها بين يدي وحش مفترس، هو أيضا من صنعة إبليس.
هي أمورمعلومة تعفيك من كل هذا الضنك وهذه الحيرة، تبدو شاقة على النفس، لكنها كالدواء المر يعقبه الشفاء بإذن الله.
الأول : قراءة القرآن أناء الليل والنهار، وقراءة العلم النافع.
الثاني : الصبر والصلاة.
الثالث : غض البصر، فالنظر سهم من سهام إبليس فبالأحرى الابتسامة أوالكلام أو المماشاة والمصاحبة… الرابع : الستر.
فإن لم ينفع هذا العلاج -وما أظنهيفشل- فهو المرض بعينه المسمى بـ”العشق”، هو مرض دواؤه الوصال والاتصال بالمعشوق، في إطارواحد من الحلال هو الزواج، فإن كان اتصالا في الحرام، فأنت تعلمين أن رسول الله قد قال : >إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم<. فإن لم يتيسر الوصال الحلال، فلا دواء كالعفة والكتم والصبر، وقد قال :>من عشق فعف فكتم فمات مات شهيدا<. هذا إن بلغ الأمر إلى العشق، وإلا فإن الأمر هين، وإياك أن تخدعك نفسك. ورددي معي أخيرا هذه الآيات المبينة : {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} – {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} – {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} – {واستعينوا بالصبروالصلاة}.