ألم قلم – الحرب على العراق: دروس وعبر


إن المتتبع لمجريات الأحداث الدولية على الأقل خلال السنة الأخيرة، يستخلص بكل وضوح أن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق كان قد خطط لها منذ زمن بعيد، واختلقت عدة ذرائع وأسباب وطرق قصد إذلال العراق حتى يمتنع من الاستجابة فيكون ذلك ذريعة لشن الحرب عليه، لكن العراق فوت كل تلك الذرائع، ومع ذلك فرضت عليه الحرب فرضا، وسقط نظامه بشكل مفاجئ، وقدمت تعليلات وتحليلات، حول خيانة أو صفقة، وكيفما كان الأمر فإن سوابق الحرب ومجرياتها ونتائجها تحملعدة دروس وعبر من بينها :

1- أن الاستبداد بالحكم بشكل مطلق وعدم استشارة الشعب وقياداته الواعية الغيورة على المقدسات والوطن والأمة يؤدي إلى الغرور وعدم الثقة، مما يسبب تصدعا دا خليا، وعدم تماسك الجبهة الداخلية كما يقال.

2- أن “تحييد الدين” وجعل مجاله مرتبطا بالمسجد وبعض الأحوال الشخصية فقط، لايؤدي إلى البناء الحقيقي للشعوب الإسلامية ولايقود إلى نهضتها وتقدمها، بل يؤدي إلى  التقهقر المعنوي والانتكاس النفسي حتى وإن بدا الجانب المادي قويا أو معافى.

3- أن اعتماد الحزبية الضيقة والحزب الوحيد الحاكم والصوت الوحيد و”لاأريكم إلا ما أرى”، وتكميم الأصوات المخالفة يؤدي بشكل قطعي إلى عدم تلاقح الافكار وضعف الشعور بالانتماء للوطن واضمحلال الشعور بالمسؤولية مما يقود إلى إحساس بالنقمة على هذا الحزب، وتمني زواله ولو بأيدي الأعداء، كما يقود إلى الخيانة وعقد الصفقات بسهولة.

4- أن اتخاذ بطانة السوء، يؤدي بالقطع إلى “الخيانة” وإلى عقد”صفقات” مع العدو، لأن بطانة السوء لاتقوم بالنصح الجاد، بل تخدع الحاكم وتنافقه خوفا أو طمعا.

5- أن شعار” القومية العربية” أثبت فشله بشكل ذريع في كل الدول العربية، شأنه في ذلك شأن شعار الاشتراكية والشيوعية والرأسمالية وما شابه ذلك. يبدو ذلك من خلال انهيار الأنظمة الحاملة لهذا الشعار، ومن خلال تلاشي الأحزاب الحاملة لهذا المبدأ في الوطن العربي. وما أثارته من نعرات طائفية وعرقية.

6- أن الاسلام هو الضامن لقوة الشعوب الاسلامية، وتلاحم القمة بالقاعدة، والحاكم بالمحكوم. وهو الذي يستنهض الهمم والقرائح، ويمنع من الخيانة والصفقات، لأن المسلم الحق لايخاف من بطش الحاكم المستبد، بقدر ما يخاف من خالقه عز وجل.

7- أن الدول القوية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لايمكن أن يؤمن جانبها أو أن يثاق بها، لأن هذه الدولة، هي التي سمحت للنظام العراقي بقمع عدة انتفاضات شعبية، وخاصة بعيد انتهاء حرب الخليج الثانية.

8- ومعنى ذلك أن القوة هي السبيل الوحيد للدفاع على السيادة والكيان والاستقلال، وهو ماعبرت عنه كوريا الشمالية، بعد أن انهار النظام السياسي في العراق.

9- أن احتلال العراق خطوة أخرى تعلن عن بداية نهاية الوجود الأمريكي في العالم الاسلامي، لأن حرب العراق واحتلال العراق، وماصاحب ذلك من جرائم يهود في فلسطين، سيؤدي بالتأكيد بل قد أدى فعلا إلى غرس كراهية مطلقة لكل ما هو أمريكي في العالم الاسلامي.

ولقد كشف زوال النظام القومي في العراق هذه الحقيقة، لأن معظم القنوات العربية بدأت تكشف عن “فظائع هذا النظام وما ارتكبه من جرائم في حق الشعب العراقي” وكأن هذه القنوات كانت على ميعاد مع القوات الغازية لتبرير احتلاله -عفوا- تحريره للعراق.

د. عبد الرحيم بلحاج

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>