إن أول مابدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قيام دولة الاسلام في المدينة المنورة، هو ربط القلوب بعضها ببعض، وتقوية الصِّلات، وتوطيد العلاقة بين أبناء الأمة، حتى يستشعر المسلم روعة الأخوة الإسلامية التي تتسامى عن الفوارق العنصرية والمادية التي درج الناس على اعتبارها من الفوارق الأساسية بينهم في الحياة، وهذا الذي جعل الأرملة واليتيم يحس بدفء الأخوة الصادقة في المجتمع الإسلامي.
قال صلى الله عليه وسلم: “من عال ثلاثة من الأيتام، كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوين، كما أن هاتين أختان، وألصق أصبعيه السبابة والوسطى ” رواه ابن ماجة.
إن أخلاق البر والإحسان في الأيام التي تتعلق فيها أعين الفقراء بما في أيدي الأغنياء، لهي من أعظم مايدخر لدار البقاء، قال بعض السلف: كنت في بدء أمري سكيرا مكبا على المعاصي، فرأيت يوما يتيما فأكرمته كما يكرم الولد بل أكثر، ثم نمت فرأيت الزبانية أخذوني أخذا مزعجا إلى جهنم وإذا باليتيم قد اعترضني، فقال دعوه حتى أراجع ربي فيه فأبوا.
فإذا النداء: خلوا عنه فقد وهبنا له ما كان منه بإحسانه إليه، فاستيقظت وبالغت في إكرام اليتامىمن يومئذ.
إن سبيل الإكرام للذين فقدوا عطف الأبوة، وحنان الأمومة سبيل ينتهي بصاحبه إلى أبواب الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: “أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أني أرى امرأة تبادرني، فأقول مالك ومن أنت؟ تقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي”(رواه أبو يعلى بسند حسن).
إن أهل الرحمة في الدنيا هم أهل الرحمة في الآخرة، وألطف الناس بعباد الله هم أولى الناس بلطف الله، قال صلى الله عليه وسلم: ” والذي بعثني بالحق لايعذب الله يوم القيامة من رحم اليتيم ولان له الكلام، ورحم يتمه وضعفه، ولم يتطاول على جاره بفضل ما أتاه الله”(رواه الطبراني بسند رواته ثقات).