أينما تولي وجهك يصدمك واقع الفساد والانحلال والتفسخ الأخلاقي وتفكك القيم إلى عملات تُصرف بها الانحرافات الفكرية والسلوكية باسم المصلحة والتقدم والتحرر. والنتيجة المنطقية لواقعنا هو السقوط لقمة جاهزة في فم الأعداء المتربصين بنا من كل جانب. وغني عن القول بأن ما تعانيه أجزاء من الأمة في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي غيرها هو مما جنته أيدينا من فساد وظلم، وما ران على أنفسنا من ذلة وخنوع وعبودية لغير الله تعالى. وما يحدث لنا لا شك يزيد من التوتر والقلق الذي يعيش فيه المسلم جراء اضطراب واقعه المعيشي والخلل الذي يستشعره فيه. ونحاول في قمة يأسنا واضطرابنا أن نستجير من هذه النار بالرمضاء، فنزداد احتراقا ونمعن في السقوط. وينتابنا شوق إلى معرفة الدرب الموصل للأمان، والدرب أمامنا نحاول أن نغض الطرف عنه ونتجاوزه من منطلق تكبر وعناد لا نجرأ أن نبديهما إلاله. لكنه يقتحم كل قناعاتنا السابقة الهشة التي اكتسبناها من موارد غريبة عنا، مجتثة الجذور عن أصالتنا، والتي أوردتنا مورد الهلاك. يتسلل بمشكاته المبهرة إلى أرواحنا يحاول أن يوقظ فيها إيمانا ضيعناه لفرط غبائنا.ونحس بمقدار حاجتنا إلى هذا الإيمان ليرتقي بضعفنا نحو قوة ربانية تمنحنا الاعتزاز والحماية والقوة.فهلا جربنا سلوك درب تنمية غزيرة الإيمان في قلوبنا و الفرار إلى الله كي تستقيم حياتنا على الجادة التي تعصمنا من هوى أنفسنا ومن جبروت الغير. هلا جربنا الفرار إلى الله بعد أن جربنا مختلف التيارات والاتجاهات والفلسفات الوافدة التي وإن ساهمت في إدخال بعض الأفراد إلى مناطق القوة والمنصب والغنى إلا أنها لم تستطع أن تدخل ذرة من ذرات الرضى أو القناعة والأمان إلى نفسها، لم لا نجرب الفرار إلى الله من أجل اكتساب كل ما نطمح إليه في ظل العمل الصالح بدل السقوط في مستنقعات التفقير والتجهيل والإفساد واقتناص منفعة زائفة لا تسمن ولا تغني من جوع الروح المتطلعة إلى بصيص من طمأنينة وأمان.ألم يان للذين يتطلعون إلى التحرير والحرية أن يدركوا أنه كلما خضع لله واستسلم لعبوديته وحده تعالى كلما ارتقت نفسه في مدارج الحرية والعزة والمناعة ؟؟ ألم يان للتائهين من المسلمين أن يفروا إلى الله ويحددوا الهدف من حياتهم ويوقفوا أنفسهم عليه لينمحي قلقهم وينخرطوا في البناء بدل هدم أنفسهم وأمتهم؟؟ ألم يان للذين ينفرون من الإيمان والتصديق بحقيقته أن يفكوا سلاسل الخوف والكآبة التي تطوق أرواحهم ويفروا إلى الله ؟؟..نداءات مخلصة تدرك أن النصر ليس سهلا وإنما يحتاج إلى مجاهدة وصبر بقول :>حُفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره<، وتدرك أن الفرار إلى الله هو القوة الضامنة للتمكن في الأرض وجني الفلاح والعزة والأمان..اللهم لا ملجأ منك إلا إليك فأعنا على الفرار إليك..