بارقة – لاتيأسوا.. فـ{إن جندنا هم الغالبون}


ما وقع في العراق هو الذي وقع في مصر وسوريا سنة 1967، وينتظر أن تتكرر الهزائم في بلادنا الإسلامية والعربية مادامت المناهج التربوية والإعلامية والتشريعات القانونية والدساتير العليا وكل ما ينظم المجتمع ويتولى إعداد الإنسان بعيدة عن شرع الله، ومادام الأقوام يحتكمون إلى الطاغوت ويقدسون الطغاة وأفكارهم التافهة وآراءهم الساقطة {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}.

لقد تحررت القدس وفلسطين وغيرها من بلاد المسلمين على يد صلاح الدين بالتوبة والإنابة إلى الله والثقة به وحسن التوكل عليه والزهد في حطام الدنيا والبعد عن الرياء والسمعة وبالشفقة والرحمة بين المسلمين {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا }

كما تحرر المسلمون عن  الاستعمار بالعودة إلى الله، وما رأينا جهادا ناجحا إلا وقادته من أهل الدين والمروءة والصلاح مع الخبرة والفطنة والوعي.

إن أمريكا منذ تأسيسها لدولتها أسرائيل في قلب  الوطن العربي بناء على مؤتمر كامبل وهي تخطط لاحتلال المجال الحيوي لها حفاظا على النفط واستغلا له وتحكما فيه، والبلداء منا نسوا  أو لم يعلموا بالمرة تصريحات إيزينهاور الرئيس الأمريكي في الخمسينات أن على أمريكا أن تملأ الفراغ الذي حدث في الشرق الأوسط  بخروج  الأنجليز منه ثم كانت نكبة 1967 ، ثم بدأت سياسة الخطوة خطوة بإدارة كسينكر ثم الدخول في مسلسل السلام، وكانت حرب العراق/ إيران مخططا لها لإضعاف الدولتين معا واستنزاف أموال البترول الخليجي ثم الاحتلال البليد للكويت الذي كان فخا محكما وقع فيه زعيم حزب البعث العراقي مما جر عليه حربا شارك فيها العرب والعجم، وكان بإمكان أمريكا احتلال العراق، ولكن وقع التأجيل حتى  يجردوا العراق من سلاحه ويشتروا الضمائر الخائنة لزعيمهم والحاقدين عليه من الشيعة والأكراد والسنة وغيرهم، حتى إذا ما تأكدت أمريكا أن المأدبة قد هيئت كانت الهجمة التي رأينا، وكان انهيار النظام البعثي الذي يستلهم تعاليمه من نبيه : ميشال عفلق اليوناني القبرصي الأصل بصورة مفاجئة مذهلة تاركا “المتطوعين”  من البلاد العربية وحدهم في الميدان، ومخلفا الحسرات والصبرات في القلوب والعيون على الشعب العراقي الأبي الكريم.

إن الله وعد المؤمنين به والمتكلين عليه والناصرين لدينه بالنصر، لكنه اشترط الإعداد اللازم في كل ما تقتضيه الحرب، وقبل ذلك أن نكون صفا متراصا {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}.

إن القلة المؤمنة التي انتصرت في الماضي وفي حروب التحرير كانت هي وقياداتها تنطلق من الدين وتجاهد في سبيل الله  لا في سبيل الطاغوت. {يا  أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، {إن ينصركم اللله فلا غالب لكم} {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة}.

إن مأساة الشعب العراقي مأساة كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، فإنه شعب الخير والإيمان والكرم والشهامة والرجولة والنجدة والعلم والفضل، وكان دائما سباقا في المكارم منجدا لإخوانه في الأزمات والمصائب، وكان دائما في الطليعة إبان حروب فلسطين وجهادها. ونحن المغاربة لاننسى فضل العراق علينا عندما خلع ملكه محمد بن يوسف رحمه الله، وإبان سنوات التحرير، فقد آزرونا بالمال وفي المحافل الدولية كما فتحوا جامعاتهم ومدارسهم في وجه الطلاب المغاربة دون شرط أو قيد، كما التحق بكليتهم العسكرية بنية الجهاد شباب مغاربة ومنهم من له تاريخ حافل في ميدان تحرير المغرب بل وتونس والجزائر.

إن ماحل ويحل ببلدان إسلامية متعددة يجب أن يكون عبرة لباقي الحكام حتى يهبوا من غفلتهم ويكفوا أنفسهم عن الغرور والطغيان ومحاربة شعوبهم وأن يستبدلوا بذلك النصح لها والإخلاص لقضاياها والرأفة بها واستثمار أموالها وطاقاتها في سبيل ترقيتها وحكمها بما أنزل الله وبما يرضى دينها وعقيدتها، ويبذلوا الجهود لتولية الأكفاء المخلصين شؤونها، وعلى الحكام والشعوب الإسراع بالتوبة إلى الله والإنابة إليه من المعاصي والكبائر كإباحة الخمور والتعامل بالربا والجهر بالخلاعة والزنا والتهتك وغير ذلك مما نهانا الله عنه وتوعد المصرين عليه بسوء العاقبة في الدنيا وبالعقاب في الآخرة .

ومنذ نحو من عشرين سنة وجهت رسالة لحكام المسلمين  ختمتها بقولي : (1)

” إن المجهودات الجبارة التي تبذل في السفاسف والصحاصيح والترهات والاجتماعات الفارغة والمؤتمرات العجفاء وتكوين المنظمات المترهلة وترويج هذا اللغو من الدعايات!! ومداراة الأعداء وتملقهم وبذل  الوعود بشعارات إسلامية جوفاء أو قومية رعناء، وغير ذلك من الحركات المعلولة والأعمال المشلولة والمظاهر المسلولة التي سارت عليها البلاد الإسلامية وفي المقدمة العربية ، كان ينبغي أن تحول  نحو ميادين البحث الحثيث والسعي الجاد  والقاصد للحصول على  ثقة ربهم وثقة أمتهم وشعوبهم، وبذلك فقط تختفي  مظاهر تخلفنا في المعركة الداخلية والخارجية وتحقق الخطوات الأولى في بناء الانتصار في دوامة الصراع المرير الذي نخوضه بالرغم عنا، وما دمنا لم نحقق هذه الخطوة الأساسية لإقلاعنا الحضاري فإن جميع مايقال هراء، وما يفعل باطل، وويل للعرب  من شر قد  اقترب”.

—-

(1) رسالة : “الثقة بالله أولا” نشرت بدار الاعتصام بالقاهرة في الثمانينات وبالرياض، في سنة 1988 وهي الآن في طبعتها الثالثة قريبا إن شاء الله.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>