الماشية في اصطلاح الفقهاء تطلق على الابل والبقر والغنم، وهي التي تجب فيها الزكاة دون غيرها، لقول معاذ رضي الله عنه قال: >بعثني رسول اللهصلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الابل، والبقرة من البقر<(رواه أبو داوود).
وعلى هذا فلا تجب الزكاة في الخيل والبغال والحمير، لقولهصلى الله عليه وسلم >ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة<(رواه مالك في الموطأ).
وعند مالك رضي الله عنه لايشترط في وجوب زكاة الماشية السوم، بل سواء كانت سائمة أو معلوفة أو عاملة أو مهملة، تجب فيها الزكاة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: >في أربعين شاةً شاةٌ” وفي الابل خمسٍ شاةٌ<(رواه أحمد وأبو داوود والنسائي والبخاري).
فقد أخذ مالك رحمه الله بمنطوق هذه الأحاديث على إطلاقها، ولم يقيدها بمفهوم المخالفة في قوله صلى الله عليه وسلم : >في الغنم السائمة زكاة> إذ لم يرالسوم شرطا في وجوب الزكاة، بل اعتبره وصْفَ كمال، مع أن السوم مروي في الصحاح، وخرجه مالك رحمه الله في الموطأ.
أما الجمهور فقد اشترط السوم في زكاة الماشية، فإذا كانت معلوفة أكثر أيام السنة، فلا زكاة فيها عندهم، خلافا لما لك رحمهم الله أجمعين.
ويشترط في زكاة النعم بلوغ النصاب ومرور الحول، ولكل نوع من النعم نصاب معلوم، وفي كل منها نصيب مفروض وإليك بيان ذلك بالتفصيل:
1- الإبل : وتشتمل الذكور والإناث والصغار والكبار، فإذا بلغت خمسا بأصلها أو بنتاجها، ففيها شاة جذعة وهي التي أتمت سنة ودخلت في الثانية من غالب غنم البلد من الضأن أو المعز، ثم إذا زادت عن خمس زاد الواجب ، بعد أن تبلغ الزيادة النصاب.
وتوضيح ذلك هو كما يلي:
من 5 إلى 9 يدفع المزكي عنها شاة واحدة جذعة. ومن 10 إلى 14 يدفع عنها شاتين. ومن 15 إلى 19 يدفع عنها ثلاث شياه. ومن 20 إلى 24 يدفع عنها أربع شياه. ومن 25 إلى 35 يدفع عنها بنت مخاض -من الإبل-، وهي التي أتمت سنة ودخلت في الثانية، أو ابن لبون ذكر، وهو ما أكمل سنتين ودخل في الثالثة. ومن 36 إلى 45 يدفع عنها بنت لبون، وهي التي أتمت سنتين ودخلت في الثالثة ومن 46 إلى 60 يدفع عنها حقة وهي التي أكملت ثلاث سنين ودخلت في الخامسة. ومن 76 إلى 90 يدفع عنها بنتي لبون. ومن 91 إلى 120 يدفع عنها حِقَّتَيْن. ثم ما زاد على ذلك يدفع عن كل خمسين حِقَّة، وعن كل أربعين بنت لبون. أي يتغير الواجب من الأصل على من ملك 130 فأكثر من الإبل، فيكون حساب الزكاة بتقسيم أعداد الإبل على خمسينات، أو أربعينات، أو يؤلف بينهما، ففي كل خمسين حقة، وفي كل اربعين بنت لبون، مثلا: ففي 130 حقة وبنتا لبون، وفي 140 حقتان وبنت لبون، وفي 150 ثلاث حِقات، وفي 160 أربع بنات لبون. وفي 170 حقة وثلاث بنات لبون، وفي 180 حقتان وبنتا لبون. وفي 190 ثلاث حقاق وبنت لبون. وفي 200 أربع حقاق، أوخمس بنات لبون.
2- البقر: لازكاة في البقر في أقل من ثلاثين بقرة، فإذا بلغت ثلاثين بأصلها أو نتاجها، ففيها تَبِيعٌ ذَكَرٌ إلى تسع وثلاثين، والتبيع عِجْل عمره سنتان. وإخراج الأنثى أفضل فإذا بلغت أربعين، يدفع عنها مُسِنّة أنثى. وهي بنت ثلاث سنوات ودخلت في الرابعة ولاتؤخذ إلا أنثى . ثم مازاد على الأربعين ففي كل أربعين مسنة، وفي كل ثلاثين تبيع، وتفصيل ذلك كالتالي :
من 40 إلى 59 يدفع عنها مسنة، ومن 60 إلى 69 يدفع عنها تبيعان. ومن 70 إلى 79 يدفع عنها مسنة وتبيع. ومن 80 إلى 89 مسنتان، ومن 90 إلى 99 ثلاثة أتبعة، ومن 100 إلى 109 تبيعان ومسنة، ومن 110 إلى 119 تبيع ومسنتان، وفي 120 إلى 129 ثلاث مسنات، أو أربع أتبعة. وهكذا يكون الحساب، وما بين عقود العشرات من الأوقاص عَفْوٌ.
ويجمع ا لجواميس والبقر في الزكاة، لأن اسم الجنس جمعهما في قولهصلى الله عليه وسلم >في كل ثلاثين من البقر تبيع<(رواه أبو داوود).
3- الغنم : وتشمل الضأن والمعزذكورا وإناثا، لأن اسم الجنس يجمعهما في قولهصلى الله عليه وسلم : >في كل أربعين شاةً شاةٌ<(رواه أبو داود) لازكاة في الغنم حتى يحول عليها الحول وهي أربعون بأصلها أو بنتاجها، فإذا بلغت أربعين 40 إلى 120 يدفع عنها شاة جذعة، وهي ما أتمت سنة ودخلت في الثانية. ومن 121 إلى 200 يدفع عنها شاتين. ومن 201 إلى 399 يدفع عنها ثلاث شياه، وفي 400 شاة أربع شياة، ثم مازاد بعد ذلك ففي كل مائة شاةٍ شاةٌ.
ومعلوم أنه لازكاة في الأوقاص: والوقص هو الزيادة بين الفريضتين من كل الأنعام، فلا زكاة في هذه الزيادة على النصاب حتى تبلغ فريضة ثانية. وهكذا فإذا بلغت الإبل خمسا ففيها شاة، وإن زادت أربعا فهذه الأربع ليس فيها شئ من الزكاة، وتسمى هذه الأربع وقْصًا. حتى إذا بلغت عشرا ففيها شاتان إلى أربعة عشر، فهذه الأربع ليس فيها زكاة وهكذا في سائر النعم. والحَولُ يعتبر بالأمهات، فمن كان عنده عشرون من الضأن فولدت تمام النصاب، وجبت الزكاة لتمام حول الأمهات، كربح المال يضم إلى أصله ويزكى على حول الأصل.
لاتوخذ في الزكاة السخلة، وهي الصغيرة من الغنم ضأنا كانت أو معزا، ذكرا أو أنثى، ومع ذلك تعد على أرباب الغنم. وكذلك لاتوخذ العجاجيل من صدقة البقر، ولا من الفصلان في صدقة الابل، والفصيل ما دون بنت مخاص. علما بان العجاجيل والفصلان تعد على أربابها. ولايوخذ في الصدقة التيس وهو ذكر المعز الصغير، ولا الهرمة، ولا الحامل التي ضربها الطلق، ولا فحل الغنم، ولاشاة العلف وهي المعدة للتسمين للذبح ، ولا التي تربي ولدها.
وخلاصة القول. أنه لايوخذ في الصدقة خيار أموال ا لناس ولاشرارها، وإنما يؤخذ الوسط.
ومن لم يكن عنده السن الواجبة عليه، فأخرج الأعلى، أجزأه على الأدنى، لا العكس ، كمن وجبت عليه حقة، وليست عنده، فأخرج عنها جذعة، اجزأه ذلك لا العكس، وإذا شاء اشترى حقه من السوق وأخرجها، وكذا من كان عنده السن الواجبة عليه، وفضل شراءها من السوق، ولم يخرج مما عنده أجزأه ذلك.
وإذا اجتمع الضأن والمعز، فإن وجبت واحدة وتساوى النوعان، كعشرين ضائنة. ومثلها من المعز. خير الساعي في أخذ واحدة ما الضأن أو من المعز، وإن لم يتساويا كعشرين ضائنة وثلاثين معزا، أو العكس، اخذ الشاة من الاكثر.
ذ. محمد حطاني