منْ أوراقِ شاهِدَة : اللهْ ينَجِّيكْ مَنْ ثْلاَثَ العَافْيَة، والبْحَر، والمَخْزَنْ!!


هذه الوجوه الصَّدِئَة، المُتعبة، التي تَبْدُ وكما لَو قُذِفَتْ مِنْ مَجاهيل إفريقيا الجائعة، هذه الوُجُوه المليئة بالأخاديد الضاربة في البؤس والحاجة، هي لأمهات من بلادنا، أمهاتنا الصابرات المحتسبات من كارثة إلى كارثة، أُخِذَت لهن صُور الإدانة، من طرف كاميرا قناة الجزيرة، في عز يُتْمِهن في أبنَائهن، عشية اندلاع حريق سجن سيدي موسى الذي سينضاف إلى محارق سجون سوق الأربعاء وعكاشة.. فهل كان مجانبا للصواب ذلك المواطن الذي تناهى إلى سمعي صوت دردشته مع البائع بالدكان المجاور للدكان الذي كنت أتبضَّعُ منه، واستنكَاره، وهُو يَتَسَاءل حانقا : “واشْ كَايْنْ شِي مَخْزن ولاّ مَا كَايَنْشْ، يَبْقَا بنادم كايتشوا كي قضبان اللحم الغنْمِي!!!. وكان تساؤُلُه رجْعَ صَدَى لتساؤل الكثير منا هذه الأيام..

إنّ تِكْرار طقوس الشواء هذه، لأبناء الشعب بالسجون المغربية ليُتَرجم بشكل أو بآخر حَالة استقلاليةٍ مُتَفَاقِمة من شؤون الجماهير، وبالتالي اللِّي بَغَاشِي حَاجة كَايْدِيرْها!!، ولا حاجة لمواصلة الحديث عن العدل والعدالة والإنصاف!! ودولة الحق والقانون التي تعرت عنها ورقة التوت الأخيرة مع تراكم الفضائح المالية والاجتماعية، فما عاد يؤمن بوعودها مع ازدواجيتها الأوضح من شمس الظهيرة أحد!.. فغداة حلول الصيف الساخن إياه فرقع مهندسو الفتن كِذْبَتَيْ يُولْيُوز، وغشت القاضية بأن فلول القاعدة النائمة بالمملكة السعيدة، في طور وَضْع اليد عليها اسْتِباقاً لتفجِيراتٍ إرهابية، ستُحِيل مُراكش الحمْراء بحيطانها، و الحمراءُ بالنشاط والفَرْفَشَة” العالمية في رحاب رياضها وفنادقها، إلى أنقاضٍ ورَميم، ولاسِينما ولافنا صُهيونياً (عَفْواً) دوْلياً، ولا هُمْيحْزنون، وهُو اسْتِبَاقٌ مرْفُوق بقطع دابِر “أمراء الدم”؟!! أصْحاب حكم “ظلا مِسْتان”! الذين يملكون (بْلاَ خْبارْ المخزن) الأسلحة البيضاء والسيوف والذخيرة الحية؟!! والكتب الصفراء الملغومة، لأسياد الإرهاب “ابن تيمية”، و”محمد بن عبد الوهاب” وغِيفارا (عفوا) سيد قطب!! .. والخرائط والتعليمات لِسَاعة الصفر، وبدا الشعب في حالة اسْتِنْفَار مُخْزيّة، وبعض النساء في حالةِ تأهّب قُصْوى للدفاع عن سَراويلهن الضيقة، وتَنانِيرهِنّ القصيرة!!.. وقِيلَ إنها الأيام الحاسمة لثورة خمينية الهوى، وهابية المنهج، قاعدية النتائج!!!.. وأخْرجَ الجيش مِنْ رُطوبة ثكناتِه والمحامون من ركُودهم، والقُضَاة المُتكَرِّشُون منْ خُمُولهم وشهِدْنا أكبر غضبة لدولة الحق والقانون، ولأول مرة لفائدة “شَمْكَار” طاغوت بحي شعبي بَيْضَاوي، كان يغصب ويقطَعُ الطريق حتى على الجيران، الذين تنفسوا الصُّعَداء لرَحِيله.. وعُقِدَتِ المُحاكمات المَارَاتُونِية، تِلْو المحاكمات، وصدَرَ بَيَانُ أمريكا، ممْهُوراً بِالرضى للْجِدِّية، والإتقان في التعامل مع ملف الإرْهاب المغاربي، “ما كَايْنْ بَاس فالشْغُل مَحْبُوكْ ولاّ مَتْرُوك”.. فمن يحبك شغل العَدْل الشّعْبيّ النّبَضْ لا الأمريكي الهوى بهذا البلد، ويُوقف هذا المدَّ الطوفاني من الجرائم، باجْتثاثِ عُروق الجريمة، بنفس الهمّة والشّطارة ونفْس الدعم اللوجيسْتِيكي المُسْتنْفر للحالة “الخوانجية”!!!. ألا يقول المثل المصري : يَامَا في السجن مِنْ مظاليم، وهؤلاء المعتقَلِون التعسَاءْ ضحَايا مصيبتين اثْنَتَيْن : المخزَنْ والعَافْية.. والمثل المغربي اللّه يْنَجيكْ منَ ثلاث : العافية، والمَخْزَنْ والبحر”، يُحذِّرُ من السقوط في شِراك أحدِهَا، فكيفَ بمَنْ يَقَعُ ضَحِية الثنائي الأخطر : العافية والمخزن، باعتبار أنّ الكثير مِنْ هؤلاء الضحايا مظَالِيمُ مَافْيَا مَالية شرهَة كالجَرَاد، تَلْهَفُ الأرزاقَ، وتَدْهَنُ حَلْقَ مُصْدِري الأحْكام، وتَقُودُ المُسْتضعفين بالتالي إلى قطع الأعناق شِواءً أو بالاخْتِنَاق، وتَظَلّ هيّ، مُحصَنة في موقعها بلا حساب، وبلا عقاب، وإنْ كَانَتْ كبَائرها يَزْلق فيها الجْملْ!!!.. وقد اسْتَبَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، أوضاعَ القهر والاستضْعاف هذه، وأنذَرَ بالهَلاك مَنْ يكَرسونها، حين قال عليه أزكى الصلاة والسلام: > إنّما هَلَك مَنْ كان قبلكم، أنّهم كانوا إذا سرقَ الشريف تركُوه، وإذا سَرَق الضّعيف أقامُوا عليه الحدّ< أو كما قال، وأعطى النموذج المُعجز من نَفْسِه وأهلِه إذ أقسم أنْ لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع يَدَهَا< لكنهم كما يقول الشاعر :

قَدْ أسْمَعْتَ لو نَادىتَ حيّاً

فمَنْ يَلْتفِت إلى هذا الهَلاكِ الأكيد، ومَنْ يَسْتَبِقُ هذه العاصفة، فيُبطل مفعول أعاصيرها، وألا لاَ يَغْتَرّنّ أحدٌ بالهدوء العابر الذي يَسْبق العاصفة، ذلك الهدوء الغادر الذي قال في أحواله -التي تُشبه أحوال الشعب هذه الأيام- عبد الرحمان المجذوب :

متلْتْ نَفْسِي الحَمّامْ/مَبْنِي عْلاَ صَهْدْ نَاروُ

مَنْ بَرّا مَابَانْ دُخان/ أُومَنْ الدّاخَلْ طَابُو حْجَارُو!!!

بقلم :

ذة. فوزية حجبي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>