محدثة تكره أهل الحديث!!


لقد زين الغرور للطاغية على الامام البخاري، أن تتمادى في الرد علينا، ذلك لأن الجدال ا لذي لا طائل تحته  طريقها في العلم، وسبيلها للفهم، وذلك والله آفة من آفاتها، وأصل من أصول الخطأ عندها، ومثلها لاتزال الشبهة قائمة على لسانها، جارية على قلمها، ولاتزال معدة لكل قول قولا، ولكل دليل دليلا، ولكل اعتراض نقدا، لأن الأصل في تركيبها المماراة والحدة واللجاجة.

والمتأمل حال “الكاتبة” يقف على أنها اتخذت ا لوقيعة فينا مذهبا عرفت به، وغلب عليها، حتى إننا عندها “قلم مفتون” ، ومن ” اهل الجمود والتقليد”، وأن ما كتبناه ودبجناه يدل على ” الرجعية”، ويبعث على ” الخلال الجاهلية”!!

ألا فاعلمي أيتها الحصاة أننا لانبالي بك بالة، ولو كان لك ألف لسان عيان سباب طعان، ولو استطهرت بعد بكل متهور بهات خساف!!.

وما بنا – هنا- الانتصار لأنفسنا،ولارد العدوان بعدوان أشد إيلاما من الأول، ولكن يعز علينا الإمام البخاري وصحيحه أن تتجرأ عليه مجهولة العين والحال، لم تؤت طرفا من أدب يعصمها، ولاحظا من علم يعرفها قدرها وحدها.

ولقد بلغت الفتنة بالكاتبة مبلغا عظيما هلكت فيه، وآية ذلك عندنا:

1- إعجابها بنفسها، وذهابها أيما مذهب، فهي تحسب أنها كالضوء العظيم، بيد أنها توضع في بُنْدُقة وكالبحر بيد أنها تصب في فستقة: استمع إليها وهي تنوه بما تكتبه تقول: “.. لقد حاول ذلك القلم المفتون أن يقلل من شأن بحوثي وتحاريري…”(1)

ونحن نقول لها: وهل بحوثك ‘إلا خلط سمي علما؛ وجرأة قيل فيها نقدا، وتحامل أصبح رأيا، وتقليد للمتخرصين سمي اجتهادا ظلما، ووقيعة في الأئمة شهرت بها حتى صار ذلك لك عادة ودينا، وهدم أحمق تقولين إنه البناء وخبط وهوس تقولين فيه : “حداثة” و”تجديد”، و”عقلانية” و”تطوير”!!.

2- ظنها أنها قد أتت في العلم شيئا عظيما وفتحت في أبوابه فتحا مبينا، وقالت فيه بقول مخترع غير مسبوق، وزعمها أنها قد ظفرت بثمرة ما كتبت ودبجت، وبلغت غاية ما تمنت وأملت، انظر إليها تقول – وقد بلغ منها العجب مبلغا عظيما-: ” لقد حطمنا الصنم لاول في فكر أهل الحديث وعقول المتأملين وهو البخاري…”.

ونحن نقول لها: إنه لأهون عليك أن تولدين ولادة جديدة ، تصبحين بها ذكرا، من أن تصنعين ما قد زعمت، وهل تحسبين أنك تستطيعين بمقالات عرجاء في جريدة مقعدة أن تنقضي بناء، أو تهدمي صرحا؟!! إنك لن تبلغي من ذلك ولاقلامة ظفر حتى تعرض بحوثك على لجنة من كبار أهل العلم الذين عليهم المعول في الحديث وعلومه، فإن هم أجازوا مافيها – ولن يفعلوا- صح لك ماتزعمين وما تدعين !!! ثم أوتحسبين أن عاقلا يقرأ لك، فيتابعك على ما تهرفين به؟! ثم أتظنين أن أحدا يقرأ لك؟! أو يلتفت إلى  ما تسودين به جريدتك المقعدة؟! ومن ذا يقبل على جريدتك التي تكتبين فيها، لكي يتعلم الهدى والعرفان، ويتفقه في دينه، ويتعلم كيف يكون التجديد والاجتهاد في قضايا هذا الزمان؟!.

ثم أين آثار ذاك “التحطيم” الذي زعمت فإنا لم نره باديا للعيان؟! فهذه منابرنا في المساجد تصدع بالبخاري آناء الليل وأطراف النهار، وهذه مناهجنا التعليمية في المدارس والجامعات، تقرر أن لا نظير للجامع الصحيح في الصحة لمريد الحجة والبرهان؟!.

ومن ذا تراه سلم لك أيتها الحصاة بذلك “التحطيم”،وأجازه وأمضاه؟! أَهُم العلماء المتخصصون في مشرق العالم الاسلامي ومغربه الذين قولهم  هو القول، ورأيهم هو الرأي؟ أم هم التغريبيون الحداثيون الذين لاحفل بهم، إذ لا اشتغال لهم بهذا الشأن؟! أم تراهم طائفة من الجن الذين غلبت عليهم فتصدرت فيهم “مفتية قاضية؟! وهؤلاء لاسبيل لنا إليهم إلا أن تخبرينا أنت عنهم؟!!

وبعد فلم يبق من بحوث المفترية على الامام البخاري إلا السب والشر وبذاءة اللسان والاستطالة والدعوى الفارغة .

3- تفخيمها لأمر الجريدة التي تنشر فيها وتعظيمها لشأنها، إذ وصفتها في بعض ما كتبت بأنها “الغراء” وهذا الوصف يستحي أصحاب الجريدة أن ينعتوا به جريدتهم، إذ كيف تكون ” غراء” ، وفيها إعلانات آثمة لطالب: “النكات” و”الدراسة” زعموا “البريئة” وفيها أيضا إعلانات خاصة ب”الفلكيات” وب”الابراج” ،وهذا من أعجب العجب عندي : جريدة حداثية “عقلانية” يكتب فيها كبار “الحداثيين العقلانيين”، تتقدمهم مفتية الثقلين، وحاملة لواء التجديد والتحديث في زمانها!!! وفي البعض أركانها ما ينقصها ويهد عليها بنيانها؟!! إذ كيف يجتمع النقيضان: العقل والدجل، والحداثة والخرفة في صعيد واحد؟ّ وبعد فلم يتق إلا أن نحمل وصف الكاتبة للجريدة على محمل التملق والتودد لأصحابها عساها تظفر بنوالهم وعطيتهم، وتحظى عندهم بالمحل الأرفع بحيث لو كتبت تهذي لنشروا هذيانها بالحرف البارز، والعنوان العريض(4)!!.

ألا أيتها المجددة “الحداثية ” فاعلمي أن هؤلاء – أعني أصحاب الجريدة- سيأكلونك لحما، ويرمونك عظما يوم القيامة، ولن يغنوا عنك من الله شيئا وإن توالت مقالاتك تترى على جريدتهم!!.

4- بغضها الشديد لأهل الحديث الذين شرفوا بحمل الكلمة النبوية الصحيحة النقية، والزراية على أعلامهم،و التنقيص لأئمتهم الذين إذا ذكروا ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فكأنهم رحمهم الله تعالى دليل عليه،وإرشاد إليه، وولعها بالترويج لمثالبهم وستر مناقبهم، فها هي ذي تقول تحكي صنيع الكوثري في رده كلام ابن عبد البر فيمن استجاز الطعن على أبي حنيفة-: ” .. لقد أجاب شيخنا الكوثري- كان الله لك يا كوثري (5)-  رحمه الله تعالى عن كل هذه الطعون جوابا كافيا شافيا في كتابه تأنيب ا لخطيب، وبين رداءة مذهب أهل الحديث، وقلة فقههم،ولن أكرر ما ألقمهم من أحجار ( كذا وكذا وكذا ) ما سد افواههم (كذا) وفضحهم في عقر مذاهبهم…”(6).

وأنا فأقسم قسما أبرفيه: مارأيت أحدا تعلق قلبه بالحديث فأبغض أهله وما عرفت قط في الطاعنيين على الحديث وأهله في هذا العصر، أحمق ولا أَمْوَق من “محدثة الاحداث” تزعم أنها تنفي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلموهي لأهل الحديث كارهة،وتستعلن بذلك وتتبجح به!! ولعمر الله إن هذا لدليل قاطع وبرهان ساطع على  أن المفترية ليست من أهل الحديث في شئ ، إذ كيف تكون منهم وهي تبغضهم؟!!.

5- ذا اعتبرت أسلوب المفترية فيما كتبته من مقالا ت وردود وتأملت مَعْرِضَه ونظرت في أعطافه لم تر منه إلا سبكا فاسدا ومنزلة متخلفة عن الإفصاح والبيان، وذلك دليل على طبْعٍ ضعيف ومادة في العربية واهنة حتى إن المفترية لتسف إسفاف من لم يعرف القرآن والحديث، ولاتَنَقَّلَ بين منازل بليغ كلام العلماء ولا ذاق حلاوة بديع الحكم ولا وقف على طلاق سوائر الأمثال.

يا هذه، أو تحسبين أن كل من قرأ وريقات من كتاب، وأمسك القلم فكتب صار كاتبا أو باحثا أو دارسا؟! أم أنك تظنين أن كل من سوَّد صحيفة بما اتفق له من لفظ ومعنى، عُدَّ أديبا أو محدثا أو مفكرا؟!!.

ولقد كنا نبهنا على هذا المعنى في بعض ماسلف لنا من اعتراض على  المفترية، وأعدنا القول فيه كرة أخرى لأننا ألفيناها تقول وهي تعنينا: “لقد حاول ذلك القلم المفتون أن يقلل من شأن بحوثي وتحاريري المنشورة بجريدة الاحداث المغربية…

معتمدا من الناحية اللغوية بعض اللحون الواردة عن غير قصد لأن الكمال لله”، ذلك لأننا لم نقصد بنيان عثراتها الكتابية من زلات نحوية وهنات تركيبية، فذاك أمر هين في جانب مانؤاخذها عليه من إسفاف أسلوبها في الكتابة، وانحطاطه عن درجة من في جوفه شئ من القرآن والحديث ، ولدقة هذا المعنى  وغرابته، صعب على  المفترية فهمه فقالت – اسم الله عليها- : ” لكن ذلك القلم المفتون..يصر أن يبقى  بعيدا عن تعقل محل  النزاع ويجعل الحديث في الشريعة الإسلامية وعلومها، وقفا على أصحاب النحو والإعراب، أو على الذي لايلحن يوما ما في دنياه.. أو كأن  الله تعالى لم يشرع الإسلام والبحث فيه إلا للعرب وأصحاب البلاعة منهم. ليملأوا بضروب البديع وبالسجع كما يحلوله أن يردد في فتنته”(7).

فأنت ترى أن المفترية – لفدامتها وقلة فهمها- لم تستسغ ما أومأنا إليه من المعنى الدقيق، ودليل آخر يشهد لما تقدم آنفا من  كلامها- ويعضده أنها جلبت بعض الاخبار المنقولة عن بعض الأئمة الذين وقع في كلامهم لحن على وجه الفرط والندرة(7) فيقال لها: ومن ذا الذي عدك من العلماءحتى نغتفر لك بعض ما يقع من لحن وأغلاط؟! أم من ذا الذي أدخلك في زمرة الفضلاء حتى نتغاضى عن بعض زلاتك؟! وهل يسعك من العذر ما وسع من ذكرت من أهل العلم؟!!

ألا ما أقبح الجهل، يزين لصاحبه أنه من أعلم الناس فلا عليه بَعْدُ أن يندُر منه الخطأ على سبيل الفلتة والعثرة التي تقال من ذوي الهيئات الكبار(8)!!.

والكاتبة لما لم ترزق البيان في جودة العبارة وجزالة اللفظ، وحسن التركيب، وقع منها ما ينبو عنه الطبع المرهف، والذوق الرفيع، والملكة المواتية وذاك الذي أسف كثيرا من كلامها، وخرج به من الوضوح  إلى الغموض، ومن السهولة إلى التعقيد، ومن قرب المأخذ فيه إلى  الوعورة والإلغار، وأقرب ما قد يمثل به على ذلك من كلامها، عناوين مقالاتها كقولها: ” كلمة في الحداثة والمحدثين”.

وأين أهل الحديث من الحداثة؟! وهل عرفوها بمعنى المفترية  الأهوج؟؟ وكقولها: ” أهل الحديث ومقالات الإسلاميين(8) قلنا : أما أهل الحديث فذكرتهم ا لمفترية في مقالها، بيد أنها لم تعرج على مقالات الإسلاميين!! فما بال هذا العنوان؟ّ! وهل هناك ماهو أشد اضطرابا وقلقا منه؟!.

ولقد – والله- هان عِلْمٌ لايصحح ولايحقق إلا بمثل المفترية ، ولقد والله ذلت أمة لايخرج منها من هو أفصح لسانا، وأبين بيانا، وأهدى السبيل يصحح ويهذب وينقح، ويتكلم بكلام جزل، ومعنى شريف في علم لايعطيك كله حتى تعطيه كلك!!.

فما للكاتبة والقول في الأسانيد، والكلام على دقائقها وخفاياها، ومالها وللتجريح والتعديل، والخوض في مسالكها الغامضة؟! بحسبها أن تقرأ كتابا لأحد مردة أهل الحديث، ولتكتب بعد في التنوير” و”التقدمية” و”العقلانية” و”الحداثة ومابعد الحداثة” ، فلسنا نبالي عندها أطارت أم وقعت، أو فصحت أم أسفت، أو هجنت أم مدحت!!

6- تناقض المفترية وتهافت قولها، فبعض صنيعها يهدم بعض قولها؛ وبعض كلا مها يضرب بعض فعلها، فهي تأمر بأمر ولاتأتي منه شيئا، وتنهى عن أمر وتأتي أكبر منه ، استمع إليها تقول – ووددنا أنها سكتت- : “لقد أصبح الإنسان المتحضر اليوم على جانب كبير من الفجاجة (كذا وكذا) وسعة الصدر، بحيث لايحتاج إلى الإرهاب والقمع والصفع والركل والرفس، وإسالة الدماء والنيل من كرامة الآخر، لكي يقنع الناس برأيه ومذهبه وإرادته(9)”.

قلنا: ليس ثم من استعمل الإرهاب والقمع والصفع والركل والرفس والسب والتعيير غيرك، وذلك هو مرذول قولك في  “البخاري كان بينه وبين الحق حجاب” و” البخاري وجب ملامه” و”البخاري البركة في خلافه”، وكل ذلك دليل على أن لك عقل الحمقى، ورأي الضعفى ، وكياسة الممرورين!! وهنا نريد أن نقول للكاتبة: إن بعدها عن هدي العلماء الربانيين، هو الذي أوقعها في هذا التناقض الصارخ، فلو أنها استنت بمن قد مضى لقبلنا منها أن تكون : حنفية حداثية أو كوثرية عقلانية اومحدثة بيد أنها بلية(10)!!.

وإذا أردت أن تقف على أقبح من القبح نفسه، فانظر إلى قول الكاتبة : “…والدين الذي يحبه الله تعالى ويرضاه هو الدين القائم على المحبة… والإقناع بالطرق العلمية السليمة، والحجج الساطعة…”(11).

إي نعم هو الدين الذي يتعلم من ” الاحداث المغربية” وهو الدين الحداثي الجديد الذي تبشر به البطار، أو من يكتب تحت هذا ا لاسم المستعار!!.

وليس الغرض الإفاضة في هذا المعنى، فلنا إليه دعوة في موضع يأتي، ولكن تأمل أيها القارئ الكريم تنويه الكاتبة بالدين القائم على  الإقناع بالطرق العلمية والحجج الساطعة، وتساءل معي: هل راضت البطار نفسها فيما كتبت واعترضت واحتجت وخاصمت، بما ذكرته هاهنا؟!! أم تراها عندما تمسك القلم لتكتب عن البخاري وعن أهل الجمود والتقليد وعن الرجعية تنسى الإقناع بالطرق العلمية والحجج الساطعةّّّّ!! ولاتزال بعد تسب وتلعن وتقبح وتكذب وتفتري وتزوروتحتقر وتطنز وتتهكم!! لتقول بعد: بحوثي وتحاريري!! وتدعي أنها مفتية الثقلين العلامة النسابة!!.

ألا ما أكثر  أسماء الهر، وما أقل الهر في نفسه!! ياسيدتي، ماذا سيبقى منك التاريخ بعد ألف عام، هل هو إلا سب سطرته، أو كذب اختلقته أو سنة صحيحة دفعتها، وهل إذا نطق التاريخ يوما، ماذا عساه يقول فيك، لعله قائل : إنك غلطة إنسانية، وشبهة آدمية كانت …ثم درجت فكأنها لم تكن شيئا مذكورا!!.

7- سَبْقُ  الكاتبة إلى تقرير أمر غريب لم يتقدمها إليه أحد، ودفعها لأمر استقر في الأذهان ثبوته وصحته، فمن ذلك قولها: ” لقد بدا جليا (كذا وكذا) بأن البخاري يعد من أهل الحديث المكثرين من الرواية دون اهتمام بالتفقه والدراية ودراسة المتون، ولم يكن من أهل الغوص على المعاني مثل أبي  حنيفة…”(12).

قلت: كان الله لك يا أبا حنيفة!! وهذه هي المصيبة التي لامصيبة مثلها، إنكار الكاتبة لمنزلة أنزل الله فيها البخاري حيث أنه كان غواصا على المعاني، دقيق الاستنباط، فقيها بمقاصد المتون، مستثيرا لدفائنها، حتى تردد عند  الأولين والآخرين القول المشهور : ” فقه البخاري في تراجمه”. ووقف عند هذا لمقصد الشريف، والمعنى اللطيف كثير من شراح الجامع الصحيح كالكرماني والعيني وابن حجر والقسطلاني، بل إن من أهل العلم من أفرد كتبا للكلام عن فقه البخاري وغوصه على دقيق المعاني في تراجم كتابه، كابن المنير ناصر الدين الإسكندراني وابن رشيد السبتي وغيرهما.

فما حيلة “الأستاذة” التي تأكل الأساتذة بالكذب والتزيد والافتراء؟! بيد أن دليلا واحدا من أدلتنا – والحمد لله- ياكل آلافا مؤلفة من أدلتها!!

يا هذه من أحرى بالإتباع، أهؤلاء الفضلاء من   مشرق العالم  الاسلامي ومغربه، الذين مرت أنظارهم على الجامع الصحيح فألفوا فيه فقها دقيقا ومعنى خفيا ليس يجئ إلا من فقيه من مثل البخاري ثم عبروا عن رأيهم في هذه القضية في كتب أبقاها التاريخ ذخرا لهذه الامة أم قولك المستهجن المرذول الذي بعث عليه الحداثة وتأويلاتها، والتنوير وفلسفته الزائفة، و” التقدمية” وشعاراتها الخادعة؟!! مع ما أضيف إلى ذلك من  المكابرة والمراء، وإثبات الزيف وتزييف الثابت!!

8- جناية المفترية على الاسلام لتوهين أمره ونقض عراه، ومسخه مسخا جديدا، وذلك بنسبة ماليس منه إليه ورد الدخيل الوافد إليه. تقول المحدثة الحداثية!!: “.. فقد وجدت في الاسلام بوادر الحركة الحداثية والمفاهيم العقلانية وأسس التنوير سواء على مستوى المجتمع المدني أو على مستوى ا لدولة…”(13) ولنا وقفات عند هذا  القول:

- الوقفة الأولى : واضح من كلام الكاتبة أن الحداثة تعني الدفاع عن العقلانية، وذلك الذي يقول به جمهور من ابتلي بهذا الداء(14).

-  الوقفة الثانية: كما كان جماع أمر الحداثة قائما على العقلانية اصطدم منتحلوها بكثير من مسلمات الاسلام التي تنطق بها النصوص القرآنية والحديثية فبادر أغلبهم إلى اعتبار الدين عائقا دون تبني الحداثة(15). والمفترية على البخاري منهم، ذلك أنها تبشر بدين جديد لايستند إلى صحيح الحديث الذي في البخاري لأنه يناقض العقل.

-الوقفة الثالثة : لما لم يجد الحداثيون العرب من نحلتهم الجديدة بداً، طفقوا يلتقطون من الاسلام عقيدة وشريعة وتاريخا، ما عساه يدفع عنهم ثائرة الامة الاسلامية المتمسكة بدينها ومقوماتها، وسموا هذا الصنيع : “تأصيلا” وذاك الذي نطقت به عبارة الكاتبة التي نقلناها آنفا.

وفي الحق، فليس تأصيل الحداثة- بمعناها الذي يرادف الاعتراض على ماهو قديم- إلا ضربا من العبث بالدين والتاريخ، إذ كيف يصح في العقول أن تنزل مفاهيم وافدة دخيلة على فكر مباين لها في المصدر والغاية والهدف؟!!

- الوقفة الرابعة: لما قعدت الحيلة بالحداثيين أمام نصوص إسلامية تخالف ما عندهم تذرعوا بمناهج جديدة للفهم، فنشأت عندهم ” قراءات جديدة” للنصوص، تقوم على التكذيب تارة أو على  ” التأويل” تارة أخرى وذلك لعمر الله هو عين ما صنعته المفترية على البخاري من أول يوم كتبت فيه إلى الآن.

على أن أعجب ما في ردود الكاتبة علينا قولها وهي تعنينا: “… وجعل يتساءل في خبث: محدثة أم حداثية وهو تساؤل يدل على انتماء صاحبه لأهل الجمود والتقليد وبعث الخلال الجاهلية من مدافنها (كذا وكذا)… ويدل كذلك على  رجعيته وعلى أنه يختار الرجعية (تأمل هذا التكرار الذي يسجد له البلغاء!!) ، كما صرح في ورقته، واستنفذ ما في رجعيته من سهام طائشة ليرمي بالحداثة (كذا وكذا) وينفيها من قاموسه أما من الدنيا فهيهات(16)”.

ونحن هنا نحب أن نجلي موقعنا من الحداثة، حتى لاينبري من يُقَوِّلنا فيها مالم نقل، ذلك أن  الحداثة إذا كانت تعني تطوير النواحي التقنية والاشكال المادية لحياة الانسان اليومية فلسنا ننازع في هذا المعنى ولاندفعه، مراعاة لناموس التغيير الذي أجرى الله تعالى عليه هذه الحياة الدنيا، واما إذاكانت الحداثة تعني الانسلاخ من الدين وتذويب الهوية والكفر بالخصوصية فذاك الذي ندفعه وننازع فيه، وليس والله- نبالي بعد أرضيت عنا البطار أم لم ترض!!.

ألا فلتعلم الكاتبة أنها لم تنفرد بانتحال ” التجديد” و” الحداثة”، ولاهي أول من ادعى ذلك أوحامى عنه، فقد سبقها قوم، وسيأتي على أثرها قوم آخرون، لكنها أول من اجترأ على  الائمة بالسب والتعيير، وعلى  المخالفين بالحط والتنكيل، والموعد الله.

د. محمد بن زين العابدين رستم

———-

1- انطر رد المفترية علينا في “ا لاحداث المغربية” ليوم 25/09/.2002

2- انظر ما كتبته مفتية الثقلان!! انتصارا للطاعن المعتار مصطفى  بوهندي في ” الاحداث المغربية” ليوم 8/10/2002. وسبحان الله فبعض الشر ينزع إلى بعض، والطيور على أشكالها تقع، وصدق الله جل وعلا عندما يقول : ” ذرية بعضها من بعض”.

3- انظر رد الطاغية علينا في الاحداث ا لمغربية ليوم 25/09/2002.

4- ولقد فعلوا ذلك غير ما مرة، والله المستعان.

5- هذا من تعليقي وكلامي فافهم.

6- انظر مقالة المفتونة: ” أهل الحديث ومقالات الإسلاميين” الأحداث المغربية ص 13، 2/10/2002.

7- الاحداث المغربية ليوم 25/9/2002

8- انظر الاحداث المغربية ليوم 2/10/2002 ص 13

9- الاحداث المغربية 25/9/200

10- بلية: مصيبة، ولا يغيبن عنك أن الكاتبة لاتفتأ تذكر الأحناف والكوثري بخير!!

11- الاحداث المغربية 25/9/2002

12- الاحداث المغربية 18/9/2002

13- الاحداث المغربية 25/9/2002

14- انظر: الحداثة والتاريخ ص 46

15- انظر: االاسلام والحداثة ص 30

16- الاحداث المغربية 25/9/2002

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>