توصيات ندوة اللغة العربية … إلى أين؟


لما كانت اللغة هي التي تحول الأفراد من جماعة بشرية إلى  مجموعة ثقافية مترابطة،وكانت اللغة العربية تجمع إلى ذلك صلتها الشريفة بالعقيدة الإسلامية والتراث العربي الإسلامي،وجب أن يكون التجانس الثقافي اللغوي هدفا استراتيجيا للناطقين بالضاد على اختلاف أجناسهم،وحارسا أمينا على قوام الشخصية العربية المسلمة.

وانطلاقا من ذلك،أصدر الشاركون في ندوة اللغة الغربية… إلى أين؟ التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والبنك الإسلامي للتنمية في ا لرباط في الفترة من 25 إلى 27 شعبان 1423،الموافق ل 1 و3 نوفمبر 2002م التوصيات التالية:

أولا : تعزيز الثقة باللغة العربية،والاعتزاز بها حفاظا على كيان الأمة،وترسيخا لشخصيتها ووجودها. واعتبار التفريط في اللسان العربي القرآني تفريطا في الهوية والذاتية الثقافية للأمة،ويتصل بذلك تقدير التراث العربي الإسلامي والعناية به وإبراز دوره في الحضارة الإنسانية من خلال أمثلة واقعية.

ثانيا: التوسع في نشر اللغة العربية بمختلف الوسائل،وتقدير ودعم كل الجهود التي تبذل في هذا السبيل على مستوى الدول والمنظمات والمجامع والأفراد،وتهيئة الفرص للمزيد من العناية بنشر  لغة الضاد وثقافتها وحضارتها،وتمتين الصلة بين ا لجهات المعنية بهذا الدور وطنيا وإقليميا وعالميا،من أجل تطوير الكيف والكم في نشر اللغة العربية والثقافة الاسلامية.

ثالثا : أن تتولى المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافة ( إيسيسكو) بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( أليسكو ) ،ومجامع اللغة العربية إعداد استراتيجية لنشر اللغة العربية وخطة شاملة للعناية بها في المناهج الدراسية والكتب المنفذة لها،والوسائل المعينة على  نشرها في مختلف المستويات،على  أن تسعى هذه الجهات إلى الحصول على الدعم المادي المعنوي من الدول العربية والإسلامية  وجهات التمويل المعنية بتفعيل برامج هذا المشروع.

رابعا :  التأكيد على اشتمال أي خطة لدعم تعليم اللغة العربية على مايلي:

1- مناهج متقنة ووسائل تعليمية متطورة لمراحل التعليم المختلفة،ولغير المتخصصين،وغير الناطقين باللغة العربية،تراعي الفروق الفردية،وتستجيب إلى حاجة المتعلم،وتستفيد من إمكانات العصر الحديث وتقنياته المتنوعة.

2- توجيه المنظمات والدول والمجامع اللغوية إلى تشجيع إجراء مسابقات وطنية وإقليمية لتأليف كتب منفذة لتلك البرامج والمناهج،وتكريم مؤلفي الأعمال ا لقيمة،وإجراء تقويم مستمر لتطوير حركة التأليف في هذا  المجال،مع الأخذ في ا لاعتبار تحسين هذه العملية ومقارنتها والمؤلفات المماثلة لخدمة اللغات الحية الأخرى،قصد الاستفادة من تجاربها والاستئناس بخبرات واضعيها.

3- المراعاة في هذه المؤلفات للجوانب النفسية،والتربوية،والثقافية واللغوية للمتلقي’ بحيث تتناسب مع سنه،وبيئته،وخلفيته الثقافية،وقدراته العقلية،وتعمل على تنمية مهاراته بالطرق العلمية والتربوية.

4- الاستعانة في إعداد المناهج والكتب المنفذة لها بنتائج الدراسات اللغوية الحديثة،وأن يلتفت إلى  المشكلات اللغوية القائمة والمتوقعة،مع ا لاستفادة من الدراسات والبحوث السابقة في هذا الشأن.

5- إنشاء مكتبة خاصة بكتاب تعليم اللغة العربية ومنهجيته ووسائله المعينة واستراتيجياته على جميع الأصعدة،وتكليف الجهات المختصة بإبداع كل كتاب يتضمن تجربة مماثلة في هذه المكتبة،مع تجارب الامم الأخرى في خدمة لغاتهم،وتيسير السبل لجعل هذه المكتبة مركزا بحثيا يطور فيه المتخصصون أبحاثهم ودراساتهم ويرجعون إلى  مصادره من أجل مستقبل أفضل وتقييم مستمر لخدمة تعليم اللغة العربية.

خامسا: إعداد مدرس اللغة لعربية إعدادا علميا وخلقيا ومهنيا وتكريمه وتشجعيه ماديا ومعنويا حتى يعطي وينجز،وتجنى ثمار عطائه وإنجازه،وأن يمنح الرعاية الوظيفية التي تجعله قادرا على أداء واجبه في خدمة اللغة العربية وثقافتها وقيمها وحضارتها.

ويشمل الإعداد كل ما يسهم في تنمية قدراته ومهاراته ويجعله قادرا على التأثير بفاعلية في هذا المجال الحيوي،مع تمكينه من التكوين المهني وفق آخر ما وصلت إليه التقنية الحديثة في مجالات التعليم،والاتصال،التربية،وعلم النفس،والحرص على التكوين الأصيل في علوم اللغة العربية والثقافة الاسلامية وآداب اللغة.

سادسا: ضرورة الاستعانة في تدريس اللغة العربية بالوسائل السمعية والبصرية الحديثة،لمختبرات اللغة وأجهزة الاستماع،والأشرطة المرئية،والشرائح المصورة،وأقراص الحاسوب والاستفادة من التقنيات الفضائية لنشر العربية عبر برامج التعليم عن بعد،والاستفادة من تجارب الآخرين في كل هذه المجالات لمعرفة استراتيجيات التدريس ومداخله وأساليبه وتقنياته.

سابعا : الاهتمام ببرامج تعليم العربية لغير الناطقين بها،المقروءة منها والمسموعة والمرئية،ودراسة اهتمامات غير الناطقين وأغراضهم من الاطلاع على اللغة الثقافة العربية الإسلامية،ومراجعة المحتوى الثقافي الذي تقدمه مناهج وكتب تعليم اللغة العربية إلى هذه الشريحة بما يغني حاجتها ويحقق أغراضها التي لاتتعارض مع قيم الثقافة الإسلامية وأبعادها العقدية والشرعية والأخلاقية.

ثامنا : الاهتمام بطرق التدريس التي تركز على المتعلم وتجعله محور العملية التعليمية،وتراعي الفروق العردية والفئات الخاصة.

تاسعا : التوسع في نشر اللغة العربية في الدول التي كانت العربية لغتها الرسمية،مثل الدول الافريقية الواقعة في جنوب الصحراء،والجاليات العربية في الخارج،ودعم هذا العمل بالوسائل المادية والمعنوية،بما يجعله قادرا على منافسة اللغات والثقافات الأخرى بأساليب قادرة على  الصمود والتأثير.

عاشرا : إعطاء اختصاصات إضافية وفعالية أكبر لمجامع اللغة العربية وعلى رأسها اتحاد المجامع العربية،للمساهمة في رسم الخطط والاستراتيجيات التربوية والعلمية لتعليم اللغة العربية لجميع الشرائح،وربط وشائج المجامع ليحدث بينها تكامل فعال في هذا المضمار،وإشراك المنظمات العربية الإسلامية ذات العلاقة في تمويله،وإغنائه بالخبرات والأفكار البناءة.

حادي عشر : العمل بجدية ونشاط على  نشر قرارات المجامع اللغوية العربية والمؤسسات المختصة الأخرى،على أوسع نطاق ممكمن،والاستفادة في ذلك من مختلف وسائل النشر والإعلام والاتصال،وإغنائها بالبحوث والدراسات والمحاضرات والندوات،وحلقات النقاش حتى لاتظل حبيسة الجدران التي انطلقت منها،وحتى تسهم تلك القرارات في تيسير اللغة،وتطويرها،وجعلها ملبية لحاجات العصر وظروف إنسانه:

ثاني عشر: ضرورة تعيين مراجع ومدقق لغوي أو مستشار لغوي متخصص في جميع المرافق التي تصدر عنها أدبيات للتداول والنشر،ومحاولة تعميم ذلك في الادارات العامة،ويتأكد ذلك في حالة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها.

ثالث عشر: تشجيع الكتاب العربي بكل الوسائل،وتشجيع تكوين الجمعيات الأهلية لحماية اللغة العربية والدفاع عنها،والإشادة هنا بالجمعيات القائمة في هذا المجال.

رابع عشر: ضرورة احترام الوضع الدستوري الذي تحظى به اللغة العربية في الدول العربية ويجعلها لغة رسمية تمثل ذاتية الأمة وترمز إلى سيادتها،وتأكيد أهمية تطبيق ذلك على الواقع الملموس في جوانب الحياة المختلفة.

خامس عشر : استحداث مراكز لتطوير اللغة العربية أسوة بمراكز تطوير اللغات الحية في العالم،وذلك لتلبية الحاجة إلى تطوير أساليب تعليم لغة الضاد وإيجاد مداخل تدريسية علمية جديدة،وإجراء دراسات مشتركة لتعليم للغة بين اللغويين والتربويين.

سادس عشر: طبع أعمال هذه الندوة وتعميم فوائدها بنشرها على مستوى واسع حتى تكون توصياتها موضع عناية وتطبيق من الجهات المعنية على اختلاف مواقعها.

سابع عشر: وشعورا من المشاركين بكثرة محاور الندوة وأهميتها أوصوا بالعمل على انعقاد ندوات دورية متقاربة لخدمة هذه المحاور وتعميق الدرس في جوانبها المتعددة.

ثامن عشر: مواصلة السعي لدى المنظمات الدولية،وخاصة الأمم المتحدة للاحتفاظ بمكانة اللغة العربية باعتبارها إحدى لغات العمل المتعددة لديها،ودعوة الدول العربية إلى  تقديم الدعم المالي المخصص لهذا الغرض.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>