في كل يوم وفي كل ليلة، تخوصص مؤسسة وتفوت ضيعات وأراضي ومساكن فخمة وسيارات فاخرة. كل هذا وما خفي أعظم يفوت لأصحاب البطون المنتفخة جدا بأكل الحرام ليزداد انتفاخها على حساب شعب التصق جلده بعظمه من شدة الجوع وقلة ذات اليد.
ظاهرة التفويت هذه لايكاد اثنان من عامة الناس أو خاصتهم يختلفان حول فسادها وصلتها الوثيقة بالظلم الاجتماعي، إذ بها ومعها يصادر حق عموم الشعب فلا يستفيد من خيرات أنعم الله بها على هذا البلد المجاهد ليس لأحد مهما علت مكانته أن يبيع أو يفوت أو يتمتع لوحده بها إلا ظلما وعدوانا لكن وللأسف الشديد نجد الظلم والكبت والقهر والفساد في ظل المتناوبين على تسيير الشأن العام للدولة . فمن حكومة إلى حكومة ومن برلمان إلى برلمان ومن مجالس ( منتخبة) إلى مجالس يستيقظ الشعب كل يوم على خبر يفقده الأملفي تغيير الحال إلى أفضل وبينما نحن ( أهل فاس) ننتظر نمو أشجار غابة السلام بلهفة شديدة لأنه على غير العادة تأخر نموها وكأنه مقصود بغرس أشجار مع إيقاف تنفيذ النمو حتى يسهل اختراقها أو اقتلاعها.
لم أكن أتوقع أن يتجرأ أحد على التصرف في الحزام الأخضر وبيعه إلى أخطبوط يحاول التربع على عرش الاقتصاد في البلاد ليقضي بذلك على فرص التجار الصغار في العيش.
نعم لم أكن أتوقع أن تفوت غابة السلام لأني ومثلي كثير كنا ننتظر نمو أشجارها ليجد أبناؤنا فضاءا يمرحون فيه ويكون لهم متنفسا في مدينة لا تكاد تجد فيها مكانا عاما يقصده سكانها في أيام العطل. حتى استيقظ الناس والجرافات تحصد الأشجار لتحتل غابة السلام وتنصب صواريخ مدمرة لكل متجر صغير لايستحق الحياة، والبداية بالدكاكين الموجودة بحي واد فاس وحي تغات ثم الأقرب فالأقرب.
وكنت آمل كذلك أن تنمو الأشجار لتخفف من آثار تلك الغازات السامة التي خنقت أنفاسنا والتي تنبعث من ذلك المعمل الموجود بالحي الصناعي ( بن سودة) والذي وصل سمه إلى كل أنحاء المدينة وربما يتعداها إلى الضواحي نعم كان أهل فاس يتحدثون بوجوب إغلاق هذا المعمل وكنت آمل أن تكبر الأشجار لتخفف من هذا السم لأني كنت أشك في قدرة السلطات على هذا الخطر فقضي بذلك على الأمل الضعيف ولِتُفوت غابة السلام كما فوتت عين الشقف والغابة التي أسفل منها ففي العين تملأ بطون السكارى بالخمر وتدوخ عقولهم ليستقلوا سياراتهم ويسوقوها بجنون، بل تسوقهم هي إلى الموت أو أن يكونوا سببا في مقتل الأبرياء، وطريق عين الشقف شاهدة على تلك الحوادث المؤلمة التي تحدث بكثرة وكل أصحابها فقدوا وعيهم في عين كانت لعامة الشعب وفوتت لأصحاب النفوذ. وأما الأخرى ( أي الغابة) فقد كانت للشعب ملاذا من حرارة فاس المرتفعة وخاصة في الصيف لتتحول إلى مسبح تتعرى فيه بنات المسلمين وتنظمفيه مسابقات تغضب الرب والعباد كمسابقة أحسن (تبان) بالإضافة إلى السهرات الماجنة والأمسيات الراقصة!.
إن المؤسف هو أن كل ما يباع أو يفوت لايستغل إلا فيما يغضب الله تعالى. ونحن على وشك استقبال وفد جديد لممثلي الشعب نتسائل هل بقي في المغرب ما يباع أو يفوت؟ أم أن حكومة التغيير قد أتت على الأخضر واليابس؟ فلكم الله ياأهل فاس وعزاؤنا وعزاؤكم واحد في غابة السلام. والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
> عبد الحميد أبو يحيى