فكر إسلامي : اقتراح لهيكل شوري تشريعي في الدولة : “نموذج لمنهج تفكير إسلامي”


القيم التي استلهمناها في وضع هذا التصور الهيكلي للنظام الشوري :

نؤكد دائماً أن الإسلام بمصدريه القرآن والسنة جاءنا بالقيم والمحددات والضوابط التي يمكن أن نصمم على أساسها أي نظام حياتي. ولكن الإسلام لم يفرض علينا نظاما.. هذه مهمتنا نحن.. نأخذ القيم  والمحددات والضوابط ونخلطها بالظروف الحضارية التي تحيط بنا ونستخدم ذلك كله في تصميم منظوماتنا الحياتية.. ويمكن بالطبع أن نسترشد بالأمثلة المحلولة في تاريخنا الحضاري بل يجب أن نفعل ذلك.. مدركين أن الحلول التاريخية هي محاولة المسلمين لتحقيق قيمهم ومحدداتهم وضوابطهم في بناء نظم تناسب حالتهم الحضارية.

ومن هنا فإن من يقول بأن الإسلام لم يفرض علينا نظما حياتية نستخدمها ليوم القيامة صادق فيما يقول، ولكنه لابد أن يكمل أن “القيم والمحددات والضوابط” التي تفرضها علينا مصادر الاسلام “القرآن والسنة” لابد أن تستلهم في وضع أي نظام حياتي. وعندما نستلهمها في تصميم نظمنا سوف يثمر هذا التصميم ثمرة حياتية لها مذاقها الخاص مغايرة لثمرات قيم أخرى ومحددات وضوابط أخرى. وبقدر نجاحنا في تحقيق القيم والمحددات والضوابط الإسلامية في تصميم نظمنا الحياتية.. اقتربت هذه النظم من الصراط المستقيم.. الذي ندعو الله آناء الليل وأطراف النهار أن يهدينا إليه… {اهدنا الصراط المستقيم}. وبالطبع سنسمي ما نصممه محاولات إسلامية.. بمعنى أن البنية الأساسية عقيدة وقيماً ومحددات وضوابط هي البنية الإسلامية.

وبالطبع يمكن أن تكون هذه المحاولات محاولات فاشلة نتيجة الجهل أو الهوى ومن ثم ينبغي أن لا نصف هذه المحاولات بأنها الإسلام نفسه، فمن حاربها كأنما يحارب الإسلام وإنما هي محاولات نظل نعود إليها بالتغيير والتبديل والتحسين في عملية اتسغفارية دائمة الى يوم الدين. ولأننا لن نزعم أن هذا هو الكمال الإسلامي فإنه يمكن أن نسمي المحاولات المختلفة بأسماء أصحابها أو بأسماء الأحزاب التي تبنتها.. فنقول مثلاً عن النظام السياسي في مصر الآن نظام الحزب الوطني أو نقول عن النظام السياسي في السودان نظام الجبهة الإسلامية وعن النظام السياسي في إيران نظام الخوميني. ومن ثم لا نضع على الإسلام أوزارنا وإنما نحملها نحن فوق أكتافنا.. نحن المحسنون أو نحن المسيئون.

وقبل أن نفرغ من هذه الملاحظات لابد أن نشير إلى أن تحديد مجموعة القيم والمحددات والضوابط في مجال ما هو أمر علمي بحث يحتاج إلى علماء يعرفون كيف يستخرجون من القرآن والسنة هذه القيم وتلك المحددات والضوابط. فهم علماء في تخصصهم أولاً يعرفون علوم القرآن ولغته ومن ثم يملكون أدوات الغوص لإستخراج الدرر القيمية المنبثة في أرجاء كتاب الله.. منثورة في قصة قرآنية أو في مثل قرآني أو في نص صريح. المهم أن هذه مهمة دائمة إلى يوم الدين، لا نقول قد فرغ منها الأوائل وانتهى الأمر، وإلا فما معنى قوله تعالى : {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} وما هي كلمات الله إلا القيم والمعاني والتوجيهات المتدثرة بآيات الذكر الحكيم.

وأعود الى السؤال :

ماهذه القيم التي استلهمناها ونحن نضع هذا التخطيط المبدئي لنظام شوري؟

لعلي ألخص هذا في النقاط التالية :

الشورى

وهي في الإسلام قيمة أخلاقية وليست فقط وسيلة سياسية. والقرآن يقول : {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون}(الشورى : 38) فكأنها مكنونة بين الصلاة والزكاة في استجابة المؤمن لربه. وهذه سورة مكية. أي أن الشورى واجبة على المسلم في مجتمعه سواء كانت هناك دولة أم لم تكن.

إنها في الإسلام فضيلة خلقية يتحلى بها الفرد والمجتمع والدولة. وقد يكون رأي الفرد في بعض الأحيان خيراً من رأي ا لجماعة ولكن القرآن يقرر أنه مهما كانت نتائج الشورى فإنها ملزمة للجماعة المسلمة، وما حدث في غزوة أحد معروف والقرآن يسجله في آيات محكمات : {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين}(آل عمران : 159).

والإسلام يعلمنا أيضاً أنه لا شورى بدون حرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالعبيد لا يستطيعون أن يقدموا مشورة والدول التي تجمع في برلماناتها عبيد  الطمع في هذه الحياة الدنيا وتتخذهم ديكوراً لدكتاتوريتها دول هالكة لا محالة. والحضارة المادية في الغرب والشرق سواء، ولكن للغرب نصيب من الشورى يمسك بالحضارة أن تنهار بينما غيابها في بلد كروسيا أهوى بها إلى الدرك الأسفل من هذهالحياة الدنيا.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أعظم خصوصية حضارية لأمة الوسط.. أمة الإسلام من لدن آدم حتى اليوم. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى تمكين في الأرض. والتمكين في الأرض يعني أموراً كثيرة.. منها : العلم -الحكمة -المكانة – التكافؤ النفسي والفكري بين أطراف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له مستويات مختلفة ويحتاج إلى معلومات واضحة. فربما كانت الدولة تطبخ أمراً في الغرفات المغلقة ولا يظهر منه للناس إلا القليل. حينئذ سيكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعيداً عن الصواب وقائماً على الظنون والأوهام. ولذلك ينبغي على المتصدين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذه الحالات المعماه أن يضعوانصائحهم في جمل شرطية : “لو كان كذا فينبغي أن يكون كذا”. وينبغي على الدولة إن أرادت أن تستفيد من نصائح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تضع بين الناس المعلومات الصحيحة الكاملة.

وقبل أن نأمر الناس بالمعروف وننهاهم عن المنكر لابد للأمة جميعاً أن تتفق على ما هو “المعروف” وما هو “المنكر”. أعلم أن ذلك واضح في عالم الأخلاق ولكنه ربما يكون غائما في عالم التنمية والسياسة. ومن ثم ففي لحظة تاريخية حضارية معينة لابد أن تتفق الأمة جميعاً على ما هو المعروف وما هو المنكر حتى إذا حاد البعض في مواقعهم المختلفة عن المعروف ووقعوا في المنكر وجدوا من يأمروهم بالعودة إلى المعروف والإقلاع عن المنكر.

وكلما اتضحت خريطة المعروف وخريطة المنكر وارتكنت إلى أساس من عقيدة الناس سهل أمر القائمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصبح أكثر يسرا..يكفي فيه التذكير اللطيف واللمحة المستخفية. وكل امرئ له خريطة أمر بمعروف ونهي عن منكر في دائرة تمكينه. وكل جماعة إنسانية لها خريطة أمر بمعروف ونهي عن منكر في دائرة تمكينها. والذي يأمر بمعروف وينهى عن منكر في غير تمكينه ربما يؤدي إلى ضرر أكبر لنفسه ولأمته.

والأمة المسلمة تتفق في معروفها وفي منكرها وتختلف بذلك عن أمم أخرى تعايشها نفس الزمان. وبالطبع في لحظة تاريخية معينة تتفق الأمة المسلمة مع بقية الأمم على خريطة مشتركة للمعروف والمنكر لتمثل هذه الخريطة مرجعية لنظام دولي سائد في هذه اللحظة التاريخية. والمجتمع المسلم تعيش في داخله أقليات مختلفة يتفقون معاً على خريطة للمعروف والمنكر تمثل المرجعية الأساسية لمفهوم المواطنة.

قيمة الجماعة والعمل الجماعي

الأمة في سعيها الحضاري ليست مجموعة من الأفراد تسحقهم السلطات المركزية ولكنها مجموعة من التكتلات الحضارية تتمايز في وظائفها وطبائعها وتتكامل في أهدافها. فهناك تكتلات المهنيين المختلفة والتكتلات القبلية المختلفة والتكتلات السياسية ا لمختلفة والتكتلات التنموية المختلفة. والقرآن يلخص ذلك بقول الحق : {ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم}(الحجرات : 13)، أي أن التقوى هي معيار الفلاح لأي تقسيم حضاري في الأمة. والإسلام لم يطلب من القبائل العربية أن تلغي قبليتها ليصبحوا بلا انتماء قبلي ولكنه هذب هذه القبلية وجعل قوة العصبية فيها لصالح الخير العام. وفي الفتوحات كانت كل قبيلة تحارب تحت رايتها.. في تنافس على الشهادة والعطاء في سبيل الله.

والدولة الحديثة دولة شديدة ا لبأس بما احتوت من أجهزة أمنية وأجهزة خدمية وأجهزة إعلامية وأجهزة اقتصادية وبما أتاح لها العصر من قدرة على الاتصال السريع والهيمنة الفائقة. وإذا أصبح الناس في مواجهة هذه الدولة أفراداً متناثرين فإن أي مجموعة تصل إلى الحكم طوعاً أو كرهاً سرعان ما تتصرف بجبروت وطغيان وسرعان ما تتفرعن وتذل العباد والبلاد.

وفي بلد كمصر التي ذابت فيه  القبائل العرقية ينبغي أن يحرص المجتمع على القبائل المهنية كالنقابات والنوادي المهنية وعلى التعددية السياسية في شكل أحزاب سياسية ومدارس فكرية. وتأثم الدولة إثما كبيراً إذا عملت على تحطيم هذه التكونات الحضارية أو تعطيلها أو العمل على تفريغها من محتواها الحضاري من أجل كسب سياسي للطبقة الحاكمة تزداد به طغيانا كفوراً. أعظ القارئ أن يعود إلى كتاب فقيهنا السياسي المستشار طارق البشري “الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر” حيث يؤكد ما تبنيناه من أن هذه التكوينات المتعددة (بجاب كونها أداة تنموية فعالة) كانت كذلك حاجزاً أمام استبداد الحكام أو سيطرة الأجانب، وأن الإصلاحات المؤسسية في أواخر الدولة العثمانية وما تفكك عنها من دول أدت في النهاية إلى استبداد الحكام وسهلت مهمة الأجانب في السيطرة على البلاد.

مسئولية الفرد والجماعة في اختيار الولاة

{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله نِعِمَّا يعظكم به، إن الله كان سميعاً بصيراً}(النساء : 58).

وأهل العلم يقسمون الأمانات الى قسمين : قسم يتعلق بالأموال وقسم يتعلق بالولايات.

ويشترطون في الولايات شرطين : القوة والأمانة.. والقوة المطلوبة لكل ولاية بحسبها.. فقوة قائد الجند غير قوة القاضي غير قوة الطبيب والمهندس. ومتطلبات هذه القوة تختلف من عصر إلى عصر ومن وظيفة إلى وظيفة ومن مجتمع إلى مجتمع.

وتوصيف هذه القوة من أعمال المجتمع. وفي الغرب يوصفون الأعمال ويوصفون معها المهارات المطلوبة والمتطلبات الذهنية والجسدية والقدرات النفسية والعقلية. ولقد لخصت ابنة شعيب عليه السلام لأبيها هذه الشروط في وصفها لموسى عليه السلام : {يا أبت استأجره.. إن خير من استأجرت القوي الأمين}(القصص : 26).

وهناك أحاديث كثيرة تنأى بالمسلم عن أن يتقدم لعمل أو ولاية وهو يعلم أن بين الناس من هو أقدر منه على حمل أمانتها.. وكل مجلس يتم اختيار أعضائه بالإنتخاب إنما يضع الناخبين في موقف الشهادة.. والشهادة لها شروطها عند أهل العلم.. وأهم شروطها العلم والتقوى. والعلم هنا يعني معرفة قدرات الرجل الذي اشترك في انتخابه لمهمة بعينها. هل يصلح لها؟.. أم أن آخر أصلح لها…؟

أنا هنا لا أتكلم عن دولة استبدت بالسلطة وأبقت هياكل تمويهية أسمتها مجالس شورية فهؤلاء ليسوا فقط شاهدي زور ولكنهم لصوص إرادة الأمة وقاتليها.. إنهم أكابر مجرميها. وإنما أتكلم عن شعب وحكومة يريدون الإصلاح ما استطاعوا، ويخشون ربهم ويخافون يوم الحساب.

والطريقة التي يتم بها اختيار أعضاء المجالس الشورية ربما تكون مُعْنِتَة للناس لا يستطيعون من خلالها تقييماً راشداً للمتنافسين على مقعد هنا أو مقعد هناك. ولعل الطريقة المثلى في تصورنا هي طريقةاختيار أهل الحل والعقد عن طريق نقاباتهم وطوائفهم المختلفة، فللمهندسين نسبة يختارونها في نقابتهم، وللأطباء نسبة يختارونها في نقابتهم. وربما تركت نسبة عامة تنتخب من الشارع العام.

مرة أخرى فكرة العمل من خلال التقسيمات المتنافسة في الخير.. تقسيمات تختلف في الوظائف وتتكامل في العمل العام. فإذا تكوَّن مجلس نيابي بهذه الطريقة الشورية التي تأتي بأهل الذكر ليكونوا هم أهل الحل والعقد فإن اختيار رئيس الدولة يصبح أمراً سهلاً. فأهل الحل والعقد في برلمان الأمة يضعون شروط هذه الإمامة من حيث المواصفات الشخصية الفكرية والصحية ومن حيث الاستقامة العامة ومن حيث الخبرات المتراكمة ومن حيث المكانة القومية.. ويضعون ذلك بتفصيل معقول. فإذا تقدم أكثر من مرشح يحققون هذه الشروط فإنهم يتركون الأمر للأمة تختار منهم من تريد. وعند كل اختيار يقف المرء في موقف الشهادة بكل ثقلها ومسئولياتها أمام الله وعليه أن يختار بين الجنة والنار. وما نقترحه يُعظم “غلبة” مجمومة الأمة على “غلبة” جماعات القوى الظاهرة والباطنة، ويستبدل بشبكة من العصبيات الوطنية يؤازر بعضها بعضا بعصبية “العائلة والقبيلة أو شبهها ذلك حتى لا نقع فيما وقعنا فيه تاريخياً من غلبة الأسر وتكتلات المماليك أو ما وقعت فيه البلاد الغربية من غلبة القوى الاقتصادية وغيرها من القوى الظاهرة أو الباطنة على البلاد والعباد.

آية الملك الصالح

{ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله، قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا، فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم، والله عليم بالظالمين، وقال لهم نبيهم إن الله بعث لكم طالوت ملكاً، قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يُؤْت سَعَة من المال، قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء، والله واسع عليم. وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة.. إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين}(البقرة : 246- 248).

لن نقف طويلاً مع هذه الآيات المحكمات ولا مع بقية القصة العظيمة لهذا الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى فلذلك حديث آخر، ولكنني أقف مذهولاً أمام هذا الوصف المحكم لخصائص نظام الملك الصالح.. صحيح أنني قرأت هذه الآيات كثيراً من قبل وترددت رافضاً تلك التفسيرات التوراتية لمعنى التابوت ووقفت شبه مؤيد لما أورده الزمخشري (في الأساس) والبيضاوي وابن الأثير والراغب وتاج العروس فيما نقله عنهم جميعاً إمامنا محمد أسد في ترجمته حيث أضافوا احتمالاً لكلمة التابوت بمعنى “القلب” أو “الصدر” ولكنني أظن أن الأمر يتعلق بتعظيم الحفاظ على أمرين : الأول هو السكينة والثاني هو القيم الخالدة التي جاءت وحياً {بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة}.

والتابوت يمثل أدوات هذا الحفظ من مناهج وبرامج وخطط في السياسة والاقتصاد والاجتماع. والقرآن يستخدم كلمة السكينة بمعنى السلام الداخلي الديناميكي وفي سو رة الفتح يقول المولى : {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية.. حمية الجاهلية، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المومنين، وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها.. وكان الله بكل شيء عليما}.. فالسكينة الاجتماعية هي الضد للحمية الجاهلية التي تجعل الناس أحزاباً وشيعاً يتقاتلون على المتاع الزائل في هذه الحياة الدنيا، وهذه الحمية الجاهلية هي العنوان الواضح لفساد الحكم… {إن فرعون علا في الأرض، وجعل أهلها شيعاً… يستضعف طائفة منهم، يذبح أبناءهم ويستحي نسائهم،إنه كان من المفسدين}(القصص : 2).

من أجل ذلك ينبغي أن تنشأ في الأمة جماعات إصلاحية مهمتها قياس مدى الحفاظ على السكينة الديناميكية في الأمة وعلى القيم الثابتة الربانية، فإن رأت تضييعاً لهما أبدت من النظم التربوية والثقافية والتشريعية ما يعظم حفظهما.. فإن في حفظهما حفظ للأمة : راعياً ورعية، والله أعلم.

د. سيد دسوقي حسن

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>