بمناسبة تجديد مكتب جمعية العمل الاجتماعي والثقافي لفرع فاس الولاية. التقينا بفضيلة الدكتور محمد أبياط رئيس الفرع فكان لنا معه الحوار التالي :
< فضيلة الدكتور محمد أبياط مرحبا بكم في جريدة المحجة، هل لكم أن تقدموا لنا ورقة تعريفية مختصرة عن جمعيتكم؟
> بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
هذه التفاتة كريمة من صحيفة المحجة الهادفة الواعدة، وكثيرة هي الصحف في وطننا، ولكن (الوطنية) منها قليل! فالجمعية تقدم أصدق شكرها “للمحجة” الوطنية.
وأنبه ابتداء على أن حديثي يتعلق فحسب، بفرع فاس الولاية، الذي كلفت برئاسته للمرة الثالثة، أما الجمعية الأم فيرأسها الدكتور عبد السلام الهراس، وهناك فرعان آخران للجمعية بفاس. أحدهما تابع لعمالة فاس المدينة، وثانيهما تابع لعمالة زواغة مولاي يعقوب.
أما فرع فاس الولاية، فأولها وجودا، وقد أنشئ لنفس الأهداف المحددة في القانون الأساسي للجمعية الأم، وخاصة بمدينة فاس (العتيقة) والحزام الأحمر – المحيط بفاس كلها.
< ما هي أبرز المهام والخدمات التي تقدمها الجمعية للمجتمع.
> إن الاهتمامات هي الحوافز والدوافع التي استجبنا لتأثيرها القوي، وأنشأنا هذا الفرع، وهي كثيرة ومتنوعة حسب الأوضاع الاجتماعية لفاس وما حولها، لكن الخدمات المقدمة للمجتمع من قبل الفرع، وإن كان الناس يعدونها عظيمة وكثيرة، فهي – في حكم أعضاء المكتب – لا تمثل إلا مواساة خفيفة، لما تعانيه الشريحة الاجتماعية المرهقة، وهذا يدركه كل من خالط تلك الفئات واطلع على أحوالها المحزنة دون واسطة. ويمكن تلخيص تلك الخدمات في خمسة أوجه:
- العناية بالأطفال المتخلى عنهم بمستشفى الغساني بفاس.
- المشاركة المتنوعة والمهمة في علاج كثير من المرضى الوافدين على مستشفى الغساني بفاس وكذا مرضى السرطان بالرباط.
- مؤازرة مئات الأسر الفقيرة والبئيسة بكل ما يتأتى للفرع ولاسيما في المواسم : الدخول المدرسي، رمضان، عيد الأضحى.
- إنشاء دور لتحفيظ القرآن وتعليم بعض علومه ورعايتها.
- القيام بأنشطة ثقافية وتربوية للكبار والصغار.
ومن شاء التوسع والتفصيل أكثر، فليطلب كتيبا أخرجه المكتب الحالي للفرع. ومعه ملف توضيحي يكفي للاطلاع على الجهود المبذولة في خدمة المجتمع.
< كيف ترون دور الجمعيات عامة، وجميعتكم بصفة خاصة في إحداث التغيير المنشود في المجتمع. خاصة إذا علمنا مستوى التفلت الأخلاقي والسلوكي الذي أصبح يعاني منه مجتمعنا في السنوات الأخيرة ؟
> بتجريد حاجات المجتمع وتصنيفها، يسهل جمعها في فئتين: فئة الحاجات المادية، وفئة الحاجات المعنوية.
ونظرا لإلحاح المرض والجوع والبؤس المتفاوت، أُكْرِهْنا على تقديم الخدمات المادية على الخدمات المعنوية، رغم أن المنهج السليم يفرض أولية التربية الروحية والعقلية والنفسية، أو الاهتمام بها أكثر، فما لم يثقف السلوك ولم تزك النفوس، فستبقى معالم الأمراض الاجتماعية يتولد بعضها عن بعض ويقوى بعضها ببعض، ولو حدث غناء أو شبهه في الحاجات المادية. فمتى اجتمع الجهل والمرض والفقر، أو الغنى والجهل والتسيب حق قول شوقي: فأقم عليهم مأتما وعويلا.
< هل ترون أن دور الجمعيات وحدها كاف لرأب الصدع ومعالجة الآفات الاجتماعية العديدة التي أصبحت تتكاثر بشكل مذهل وتصاعدي في مجتمعنا في الآونة الأخيرة.
> تختلف دوافع إنشاء الجمعيات كما تختلف أهدافها، وتبعا لذلك تتنوع الوسائل والآليات وتتفاوت.
وتعدد الجمعيات في البلاد الغربية، لا يصلح تفسيرا ولا قياسا لتعددها في البلدان العربية والإسلامية، وليس هذا المقام مقام تفصيل، ويجب التثبت والعلم من حدود الخدمات الاجتماعية التي يجب على الدولة، تجاه المواطنين، كما يجب تبين حدود التعاون والتكامل حتى لا يعول جانب على آخر، وبين ذاك وذلك قد يضيع المواطنون.
فالدولة العادلة قد تكفي عن الجمعيات، ولن تغني الجمعيات ولو كثرت، عند عجز الدولة أو فشلها لسبب من الأسباب.
وتختلف آثار الجمعيات في خدمة المواطنين باختلاف القدرات والخبرات والنوايا والإخلاص والصبر.
< ما هي الأهداف المستقبلية التي تسعى جمعيتكم لتحقيقها على المدى القريب والمتوسط؟
> إن تحديد الأهداف المستقبلية أمر عظيم- في نظري- لأنه يعتمد على الدراسات الواعية بأحوال المجتمع في كل أشكالها وعلاقاتها بالمؤثرات الداخلية والخارجية إيجابا وسلبا، وتحديد المشاكل الموقتة، والتي لها طبيعة الامتداد والاستمرار، وكل ذلك ينبغي أن يتسم بالدقة والشمولية والتريث في الحكم حتى لا ترجح كفة اليأس أو كفة التفاؤل.
إن جمعيتنا بقدراتها المتواضعة كما وكيفا ترى – بعد مرحلتين من إنشائها – أن تأخذ الجوانب التربوية للكبار والصغار حظا أوسع وأعمق من مجموع جهود الجمعية في الجوانب الاجتماعية الأخرى.
< هل تجدون -فضيلة الأستاذ- دعما أو تشجيعا من أي نوع من طرف السلطات المحلية أو أفراد المجتمع المدني وأنتم تقومون بأعمالكم الجليلة. من خلال جمعيتكم؟
> الحق أننا عانينا وما نزال من التلكؤ والتباطؤ، والمنع والتأخير، من بعض السلطات الدنيا، لكن ما إن نرفع أمرنا إلى السلطات العليا، حتى تزول العراقيل، ونجد التفهم، وأحيانا نجد التشجيع، لكننا نعرض أعمالنا بوضوح، وأهدافنا بصدق، ولا نعد بما لا نطيق، ولا نخوض فيما لا مصلحة فيه للمواطنين.
أما دعمنا وتشجيعنا من قبل “المجتمع المدني” فقليل وغير منتظم، وجزاهم الله خيرا على كل حال، والمثل المغربي يقول: “قد لساني ولا تنساني”.
< هل تنسقون أنشطتكم وبرامجكم مع جمعيات أخرى ذات الاهتمام المشترك؟
> الحق أقول، إن جمعيتنا لم تسع – بعد – نحو تنسيق ما، مع الجمعيات ذات الاهتمامات، كما لم نتلق من هذه الجمعيات نفس الرغبة، وخاصة بهذه المدينة (فاس).
وليس هذا جهلا بآثار التنسيق والتعاون ولا بأحكامه، لكن التعاون والتنسيق تسبقه عوامل التعارف والمخالطة والتجربة المرحلية. ونحن ما زلنا نرى أنفسنا دون مرتبة التنسيق مع الغير. نرجو الله التوفيق لنا ولكل العاملين لخدمة هذا الوطن.
< كلمة أخيرة فضيلة الدكتور، وشكرا جزيلا.
> ليقوم العمل الاجتماعي قومته الصحيحة الفعالة، يلزم أن تتوفر له عدة شروط، ألخصها – حسب تجربتي – فيما يلي :
- دراسة المشاكل الاجتماعية دراسة وافية ممنهجة، بعد اكتشافها بالمخالطة والاطلاع، لا بمجرد القراءة والسماع.
- الصدق في المعاناة، والصبر على الأذى. والإخلاص لله.
- وجود النفوس الكريمة، والضمائر الحية التي تهتز، وتضطرب لاستغاثات المستغيثين، وحسرات المحرومين، وأنات المتألمين.
أجرى الحوار : ذ. عبد القادر لوكيلي