الانتخابات التشريعية 2002 : أصداء ومواقف انتخابات 27 شتنبر : خطوة إيجابية.. ولكن!


حصل حزب العدالة والتنمية على أزيد من أربعين مقعداً في انتخابات 27 شتنبر، وهو رقم له دلالات كبيرة جداً :

أولا : تؤكد هذه النتيجة ثقة الشعب المغربي في المشروع الإصلاحي الذي يحمله الحزب، وفي رصيده الأخلاقي وأدائه النضالي والتزامه بالمرجعية الإسلامية وفي خطابه السياسي.

فقد عكست صناديق الاقتراع حجم الالتفاف الشعبي حول مرشحي العدالة والتنمية في الأغلبية الساحقة من الدوائر التي تقدم فيها الحزب بترشيحاته، علما أن الحزب لم يترشح في 35 دائرة، لاعتبارات سياسية، وحرصا على توازنات محلية ودولية، أصبحت معروفة عند الخاص والعام.

ثانيا : لقد كا نت انتخابات 27 شتنبر مقارنة مع سابقتها، إضافة إيجابية في إطار المسلسل الديمقراطي التدريجي الذي نناضل جميعا من أجله. وهكذا يمكن أن نلاحظ بأن مستوى الديمقراطية في حياتنا السياسية بدأ يتطور بشكل تدريجي. وهو أمر طبيعي لأن أسلوب الطفرات في دول العالم الثالث برهن على عدم نجاعته في عالم تحكمه موازين قوى دولية لا تصب في عالم القوى الوطنية والإسلامية.

كما أن موازين القوى المحلية برهنت كذلك على أن عقلية التحكم السلطوي وضعف الانضباط لإرادة الناخبين لازالت سارية في بعض أجهزة الإدارة.

ولكن مع ذلك، فإن قطار التحول الديمقراطي يسير بخطى حثيثة إلى غير رجعة -بإذن الله- يحميه الشعب الذي أصبح يدرك طريقه بشكل جيد..

وقال الدكتور أحمد الريسوني رئيس حركة التوحيد والإصلاح (والتي يمارس أعضاؤها العمل السياسي من خلال انخراطهم في حزب العدالة والتنمية) “إن النجاح الحقيقي لحزب العدالة والتنمية يكمن في كونه يشق طريقا جديدا متجددا، طريق الأخلاق والعفة والطهارة”، وهنأه على استقامة مرشحيه في حملتهم الانتخابية، هذه الاستقامة تعتبر الفوز الحقيقي للحزب قبل الحديث عن فوز 27 شتنبر.

….لهذا -يضيف الريسوني- ينبغي دعمه ودعم كل من يسير في طريق الصلاح سواء من المنتمين إليه أو غير المنتمين إليه لترجمة الشريعة والتصورات التصحيحية الإسلامية إلى برامج خلاقة لإصلاح المجتمع، وختم الريسوني كلمته بأن المغرب بحاجة إلى مرشحي النظافة والأمانة والاستقامة وأن المرشح النظيف هو الذي يتوضأ في اليوم خمس مرات.

العصر ع 30 شتنبر من افتتاحية العدد

تقدم العدالة والتنمية

وحزب الاستقلال

يبقى أهم ما شهده اقتراع الجمعة الماضية هو التقدم الملحوظ لحزبي الاستقلال والعدالة و التنمية. فقد تمكن الأول من الظفر بـ 43 مقعدا لحد الآن (يرجح أن تتدعم بمقاعد من اللائحة الوطنية) مقابل 32 فقط قبل خمس سنوات. وكانت تلك النتيجة قد أثارت استياء عميقا داخل الحزب العتيق دفعته إلى إعلان رفض نتائج اقتراع 14 نونبر 1997 ثم العدول عن هذا القرار ضمنيا من خلال القبول بالمشاركة في حكومة اليوسفي.

وحقق حزب العدالة والتنمية تقدما كبيرا، إذ دخل مجلس النواب السابق بتسعة نواب فقط (أنهى الولاية التشريعية بـ 14 نائبا) أما الآن فأصبح له 38 مقعدا دون احستاب نتيجة اللائحة الوطنية، أي ما يمثل تقدما بنسبة 400%.

الأحداث المغربية ع 30 شتنبر 2002

أحزاب العائلة الحركية :

التحالف مع العدالة والتنمية

حتمية تاريخية

بالرغم من النتائج غير المتوقعة التي أفادنا بها وزير الداخلية، والتي تقول بتصدر حزب الاتحاد الاشتراكي للأحزاب المغربية، فإنه بقراءة أولية للنتائج نجد أن التيار الحركي في المقدمة بدون منازع.

فبجمع المقاعد التي أحزرتها أحزاب العائلة الحركية، نلاحظ أنها تقارب السبعين مقعداً من خلال مقاعد كل من حزب الحركة الشعبية، الحركة الوطنية الشعبية، الحركة الديمقراطية الاجتماعية، الاتحاد الديمقراطي، حزب العهد، وإذا سلمنا -وهذه حقيقة تاريخية- بأن حزب العدالة والتنمية هو رافد من روافد العائلة الحركية، فإننا ندرك بكل يسر، أن الحركة الشعبية كعائلة تتوفر على حظوظ وافرة، للتأثير في الخريطة السياسية المقبلة.

أما بالنسبة للتيار الاشتراكي، الذي انتشى بالفوز فلا تتجاوز مقاعده الستين مقعدا وذلك بجمع مقاعد كل من حزب الا تحاد الاشتراكي، جبهة القوى الديمقراطية، الحزب الإشتراكي الديمقراطي، التقدم والاشتراكية، المؤتمر الوطني الاتحادي، اليسار الاشتراكي الموحد.

وبخصوص جناح اليمين (الاستقلال، الاتحاد الدستور، الحزب الوطني الديمقراطي)، فلا تتعد مقاعده 65 مقعدا، وهي لن تكون مؤثرة في صنع الخريطة السياسية.

أما بالنسبة لأحزاب الوسط (الأحرار والأحزاب الجديدة) فلا تتجاوز مقاعدها 58 مقعدا، مع الإشارة إلى الهوة الشاسعة التي تفصل بين مكونات هذا الجناح.

وإذا عرجنا على رئاسة برلمان ما بعد 27 شتنبر فلا مجال للتشكيك فيأن الرئاسة ستكون بيد التيار الحركي.

الخريطة السياسية في المستقبل، هي خريطة مبلقنة، وبلقنتها تعود إلى كثرة الأحزاب. بيد أن الرغبة كانت أكيدة من القمة إلى القاعدة في خلق قطبين اثنين لا ثالث لهما لتوضيح الرؤية، والحسم الفوري في حكومة قوية ومتجانسة من أجل تدبير محكم، لكون تجربة الحكومة الحالية، أبانت عن عجزها، جراء عدم التجانس، وكان الكل يقر بذلك بما فيهم (الحزب الأول) في الحكومة. والسؤال الذي نطرحه ولن ننتظر جوابا شافيا، هو : من أشار على السلطات العمومية بالترخيص لذلك الكم الهائل من الأحزاب، وفي مدة وجيزة؟

ويتضح من النتائج المتوفرة أن حزب الحركة الشعبية سيلعب دورا مهما في التوازنات السياسية، وذلك بالنظر إلى المقاعد المهمة التي حصدها في هذا الاقتراع، لكن الاتجاه الغالب حاليا، يشير إلى احتمال، أن يبقى الحزب على دوره في المعارضة، حيث أبان عن فعالية وحنكة خلال الولاية السابقة، إضافة إلى إعداده العدة للانتخابات المحلية التي تشكل القاعدة والأساس بالنسبة للانتخابات التشريعية.                       (الحركة ع 30 شتنبر 2002)

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>