جاليتنا واحتياجاتها


المهاجر ممثل بلده في بلاد المهجر، فإن صلح صلح تمثيله، وإن كان على غير ذلك شوه نفسه وبلده وهويته ودينه.

لهذا، وجب على كل دولة أن تعتني بمهاجريها حق العناية والرعاية، خصوصا أولئك الذي هاجروا من بلادهم، وتركوا ذويهم وأهليهم ومجتمعهم الذي ولدوا وترعرعوا فيه بحثا عن لقمة العيش التي لم يألوا جهدا في البحث عنها في وطنهم بدون جدوى.

إن مهاجرينا إلى الخارج ثلاثة أنواع:

1- جيل أول، أمي، هاجر للبحث عن العمل، أي عمل، فرضي بأرذل أنواع الشغل وبالذل والهوان، وبالعيش الزهيد واللباس المرقع لجمع المال والمال فقط. فكذب وسرق وغش وهو يتوجه إلى المسجد، فأعطى صورة مشوهة للعرب والمسلمين عموما وللمغاربة خصوصا.

2- جيل ثان : ولد ونشأ وتربى بالمهجر، يعرف المغرب والعروبة والإسلام من خلال أبويه الأميين الجاهلين،  مع الرغبة  في عيش أرقى.

3- جيل ثالث: انصهر مع الغرب، فأصبح لا يعرف عن بلده إلا اسمه، وعن هويته إلا كونها عربية وعن دينه إلا أنه الإسلام.

جيل التهريب والمخدرات، جيل السهرات والحفلات والليالي الحمراء.

أما الأجيال القادمة، فأخوف ما أخاف منه، أن يقع لها – لا قدر الله – إن استمر الحال على ما عليه ، ما  وقع لأبناء المسلمين الذين بقوا في أوربا بعد أن أصبحت في أيدي الصليبيين، لقد كانوا يقولون: إن آباءنا كانوا مسلمين.

هذا هو نموذج المهاجر المغربي الذي يعيش في أوربا، بغض النظر عن مهاجرين مثقفين، صالحين لتمثيل بلدهم ودينهم، لكنهم قلة لا تؤثر ولا تكاد تظهر.

وهذا هو النموذج الذي شوه الإسلام، حتى أصبح المسلمون ينعتون بأبشع النعوت والصفات، وهذا ما ظهر جليا بعد أحداث 11 شتنبر حيث أول ما اتهم الإسلام في شخص مسلمين بإجماع العالم غير الإسلامي وبعض أعداء الإسلام من بني جلدتنا، بينما تهافت آخرون من أجل تحسين صورة الإسلام بإلقاء محاضرات وندوات ونشر مقالات هنا وهناك، لكن هل هذا يكفي؟

لا يكفي بالطبع، لهذا، على الحكومة المغربية وحكومات الدول الإسلامية بصفة عامة أن تضاعف الجهود من أجل تحسين تمثيل مهاجريها لبلدهم ولدينهم:

فعلى وزارة الإعلام أن تعمل على مد الجسور بين المهاجرين ودينهم وهويتهم، فتمرر من حين لآخر، وفي أوقات محددة، خلال السنة، دروسا بلغات مختلفة لتصل إلى كل من لا يعرف اللغة العربية من أبنائنا بالخارج ومن غير المسلمين، دروسا للتعريف بالإسلام وأسسه وقيمه، وبالعروبة وشهامتها.

وعلى وزارة الثقافة، بدل أن  ترسل من يرقِّص المهاجرين في المهجر، وهم في غنى عن ذلك، لأن أوربا كلها  مغريات وملهيات ومفاتن، فعوض هذا عليها :

- أن ترسل مؤرخين وسياسيين ليبينوا ويشرحوا لأبناء الجالية أن مغربنا اليوم، والحمد لله، ليس هو مغرب الأمس.وأن التحديات أصبحت كبيرة جداً.

- أن ترسل خبراء ليقنعواأبناء الجالية بأن بلدهم في حاجة إليهم ليستثمروا فيه أموالهم، وليفرغوا طاقاتهم وتجاربهم في حقوله الفلاحية والصناعية والتجارية والعلمية.

- أن ترسل أدباء يعلمون للجالية المغربية خاصة، والعربية عامة، أن اللغة العربية هي لغتهم الأصلية، وهي لغة القرآن، وأفضل لغة على سطح الأرض، وليزرعوا فيهم حب لغتهم، و لينظموا لهم مسابقات في الكتابة باللغة العربية، سواء في الشعر أو القصة أو الرواية أو أي لون أدبي آخر، و يخصصوا لهم جوائز هامة ومغرية.

وعلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن ترسل للمهاجرين علماء على طول السنة، وليس في شهر رمضان فقط، علماء يجمعون بين الفهم الصحيح للإسلام ومعرفة الواقع المعيش في بلاد المهجر، ليعلموهم الإسلام على حقيقته، إسلام العدل والمساواة والشورى والتسامح والتآخي والتآزر.

على وزارة الأوقاف أن ترسل لهم من يحبب إليهم الإسلام  ويزينه في قلوبهم ليكونواخير ممثلين للأمة الإسلامية والمغربية خاصة.

فاتقوا الله في جاليتنا-يا  أعضاء حكومتنا- فإن ما هم عليه لا يبشر بخير، وأنتم المسؤولون عنهم في الدنيا والآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ذ. محمد رفيق

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>