آيات ومواقف : {أم حسب الذين  اجترحوا السيآت أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات}


قال تعالى : {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}(الجاثية : 20).

مبكاة العابدين، هكذا سموا هذه الآية الكريمة من سورة الجاثية، آية تحمل بين طياتها إنكاراً لعقول المريضة، وتوبيخا للقلوب السقيمة، التي تسوي بين أهل الطاعة وأهل المعصية، وتجعل المستقيم والمنحرف سواء.

هناك أناس يأتون المعاصي والمنكرات، ويرتكبون الفواحش والمحرمات، ويقترفون الكبائر والموبقات، و يضيعون الفرائض، وينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ومع ذلك يتشدقون بالإيمان، ويرون أنفسهم ومن يبيتون لربهم سجدا وقياما، تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقهم الله ينفقون، سواء بدعوى أننا جميعا مسلمون، أي ضحك على الأذقان هذا، وأي هراء هذا؟ {أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ ما لكم كيف  تحكمون}(القلم : 35- 36).

لكن، قد يعمل الإنسان الصالح عملا يراه هينا وهو عند الله عظيم، ثم يعمل آخر وآخر فتتراكم عليه السيآت والذنوب من حيث كان آمنا، وهذا ما تفطن إليه عدد من الصحابة رضي الله عنه في زمن مبكر، فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يخاطب التابعين رحمهم الله فيقول البخاري عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: >إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها وينسى المحقرات، فيلقى الله وقد أحاطت به..<. ويظهر لي – والله أعلم – أن هذا ما خاف الوقوع فيه عدد من الصالحين، لأنه يؤدي إلى أن يكون الإنسان من اجترح السيآت وهو يظن نفسه من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فكانت لهم مع هذه الآية الكريمة وقفات جليلة:

موقف تميم الداري رحمه الله :

- عن مسروق قال: قال رجل من أهل مكة، هذا مقام تميم الداري لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح يقرأآية من كتاب الله يركع ويسجد ويبكي {أم حسب الذين اجترحوا السيآت أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، سواء محياهم ومماتهم، ساء ما يحكمون}.

امحمد العمراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>