الخطبة الأولى
….. أما بعد :
إخوة الإسلام: لم يعد لكل ذي بصيرة وعقل ومن له مثقال ذرة من إيمان أن يجادل في أن أعداء المسلمين بالدرجة الأولى هم اليهود، حتى أولئك الذين كانوا بالأمس يتفاوضون معهم ويجلسون بجانبهم سقط الآن في أيديهم، ولم ينفعهم استجداؤهم ولا طلباتهم لأسيادهم من الأمريكان وغيرهم ليحفظوا لهم ماء الوجه مع شعوبهم.
وهاهم اليهود يقتلون الصغير والكبير ويدمرون البيوت بمن فيها على أهلها، ويحرقون الأشجار و يأتون على الأخضر واليابس ولا من يحرك ساكنا أو يوقف العدوان، ولا زال البعض يلهث ويجري وراء أمريكا لتوقف المجزرة وهي التي تمت بموافقتها وأوامرها وأسلحتها و طائراتها، بل وتبنى الدفاع عنها في المحافل الدولية.
إخوة الإسلام : إننا نقرأ كتاب ربنا ولكننا نقرؤه بدون تدبر أو تمعن، فعندما قال الله عز وجل: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} أشعرنا بأن هذا العدو الظالم متربص بنا في كل لحظة وحين فماذا استفدنا من هذه الآية، هل استعد المسلمون لهذا العدو بكل أنواع الاستعداد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، أم تخاذلوا و تكاسلوا وتآمروا معه على بعضهم البعض؟.
إن من ينظر إلى حال الأمة الإسلامية اليوم لا يمكن إلا أن يجزم بأن حالنا يشبه إلى حد كبير حال ملوك الطوائف بالأندلس من تشرذم وخلاف وتطاحن ونزاعات والتاريخ يعيد نفسه كما يقال.
أيها المومنون: إن اليهود يقاتلوننا من خلال عقيدتهم المحرفة من أنهم شعب الله المختار وأن أرض فلسطين التي يسمونها أرض الميعاد هي أرض وعدهم الله بها لبناء دولتهم عليها، في الوقت الذي يواجههم العرب المتخاذلون بالقومية والاشتراكية والعلمانية، ويرفضون إدخال الإسلام إلى المعركة، خوفا على مناصبهم وكراسيهم التي استولوا عليها بغير سند شرعي.
ولنترك هؤلاء جانبا مع كراسيهم ومناصبهم وتعالوا بنا أيها الإخوة الكرام نتعرف على عدونا من خلال كتاب ربنا الذي {لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، {وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة} لأن الذي خلقنا وخلق اليهود والكون كله، هو أعلم بحالهم وطبائعهم من جميع خلقه {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
فمن مخازي اليهود وصفهم لله عز وجل بالبخل، تعالى عما يقول هؤلاء المجرمون علوا كبيرا، وقد جاء هذا الوصف انسجاما مع حبهم اللامحدود للمال وعبادتهم له، قال تعالى مخبرا عن قولهم : {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}.
ووصفوه تعالى كذلك بالفقر مع وصف أنفسهم بالغنى، قال تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا}.
وهم يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه فينسبون الولد لله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله}، قال تعالى مخبرا عن قولهم هذا : {قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق}. وإن ادعاء اليهود بأنهم أبناء الله يأتي تبعا لما يعتقدون بأن عزير ابن الله، يقول تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يوفكون}
ووصلت بهم الجرأة إلى حد لا يمكن وصفه ولا يصدر إلا عن قلوب مريضة حيث طلبوا من نبيهم سيدنا موسى عليه السلام أن يمكنهم من رؤية الله عيانا. قال تعالى حكاية عنهم {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم}.
واليهود لعنهم الله قتلة الأنبياء وكفرة فجرة يجاهرون بالكفر والضلال ويَتَبَجَّحون بقتل الأنبياء ويقذفون الشرفاء والأبرياء، يقول عز وجل: {فيما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قُلُوبنا غُلْف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يومنون إلا قليلا وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله}.
ولقد حاولوا قتل رسول الله كما فعلوا مع غيره من الأنبياء فقد دسوا له السم في شاة مشوية من طرف امرأة منهم، فأخبرته الشاة بأنها مسمومة، وحاولوا قتله مرة أخرى عندما كان بجانب سور أحدهم فخلا اليهود بعضهم ببعض وهموا بالغدر به وذلك بإلقاء صخرة عليه من فوق أحد البيوت فجاءه الخبر من السماء فقام لتوه وكان هذا العمل سببا في إجلاء بني النظير عن المدينة.
واليهود قوم غدر وخيانة لا يستقيمون على عهد ولا يلتزمون بشروط أو وعود، يقول تعالى فيهم: {أو كلما عاهدوا عهد نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يومنون} ويقول تعالى: {ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم}.
وهم يحملون في صدورهم قلوبا غليظة شديدة القسوة، بل هي أشد قسوة من الحجارة لأنها لا تلين ولا ترحم و لا تشفق، يقول تعالى فيهم : { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} ويقول تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية}.
وهم أهل كفر وإجرام يصدون عن سبيل الله ويأخذون الربا ويأكلون أموال الناس بالباطل يقول سبحانه: {وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل،، واعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما} وهم دعاة فتنة وحروب وأهل فساد، قال تعالى مخبرا عنهم : {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} و هم أهل فسوق وفجور لا يذرون صغيرة ولا كبيرة من الفواحش والرذائل إلا اقترفوها ولا يتركون جرما ولا ذنبا إلا وقعوا فيه، يقول عز وجل : {سمّاعون للكذب أكالون للسحت} أي الحرام، ويقول سبحانه : {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبيس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبيس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون}.
وهم أهل كذب واختلاق يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون الحقائق ويزورون ويبهتون كما قال حبرهم عبد الله بن سلام بعد أن من الله عليه بالإسلام قال لرسول الله : إن اليهود قوم بهت، أي شديدو الكذب والزور والبهتان، قال تعالى: {أفتطعمون أن يومنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}.
وهم قوم ملعونون بلعنة الله لهم وغضبه عليهم، وأبناء قردة وخنازير وعباد أوثان، قال تعالى فيهم:{ قل أَؤُنَبِّئُكُم بشر من ذلك مثوبة عند الله منلعنهُ الله وغضبه عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبدَ الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل…}.
أيها المومنون: هذا بعض ما جاء في القرآن الكريم من ذكر طبائع اليهود ووصف خفايا أحوالهم والإخبار عما تحمله بواطنهم من مساوئ وآثام وما تنطوي عليه صدورهم من مكر وشر ومما ظهر ما ثلا للعيان هذه الأيام في سلوكهم الباغي وسياستهم الطاغية في أرض فلسطين. فاليهود في هذه الأرض المسلوبة من أهلها هم عصابة من القتلة والسفاحين وقطاع الطرق، وكل فرد منهم يحمل روح شارون وقلبه وفكره، وكلهم عدو للإسلام وأهله.
قال تعالى : {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون} فهل نعقل ما يقول ربنا في هذا الجنس الخبيث أم نكون كمن قال فيهم ربنا عز وجل :{ إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من العاقلين المعتبرين العالمين العاملين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.
üüüüüü
الخطبة الثانية :
إخوة الإسلام : كيف يأمن أي مسلم مؤمن بكتاب ربه وسنة نبيه [ لعهد مع هؤلاء، وكيف للمسلم أن يتفاوض معهم ويربط مع هؤلاء المجرمين العلاقات الدبلوماسية والتجارية ويمكن لهم في بلاد المسلمين. إن هذا العمل يعتبر خيانة لله ولرسوله وللمسلمين جميعا، فاليهود لا يضمرون أي خير أو ود للمسلمين بل للعالم أجمع، وفي هذا يقول أحد كبار شياطينهم بكل صَلَفٍ وعنجهية: “نحن اليهود: لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاديه”.
أيها المومنون: لقد انتبه عدد من أحرار العالم المسيحي وكبار قادتهم إلى دسائس اليهود ومكرهم وحيلهم وما يبيتونه للعالم من غدر وخيانة، ومن هؤلاء الزعيم الأمريكي “بنيامين فرانكلين” الذي قال في خطاب له سنة تسع وثمانين و سبعمائة وألف عند وضع دستور الولايات المتحدة الأمريكية قال: “هناك خطر عظيم يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك الخطر العظيم هو اليهود، في كل أرض حل بها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي وأفسدوا الذمة التجارية فيها، إذ لم يبعد هؤلاء اليهود من الولايات المتحدة بنص دستورها فإن سيلهم سيتدفق عليها في غضون مائة سنة إلى حد يقدرون معه على أن يحكموا شعبنا ويدمروه ولن تمضي مائتا سنة حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام اليهود، على حين يظل اليهود في البيوتات المالية يفركون أيديهم مغتبطين” وقد تحقق ما قاله الرجل، فها هي الولايات المتحدة اليوم تخدم إسرائيل وتنفق عليها وتنصرها ظالمة أو مظلومة رغما عن أنفها لأن مصيرها أصبح في أيدي طغمة من سماسرة المال العالميين من اليهود.
وإزاء هذه الوضعية التي أصبحت أمامنا فماذا يجب علينا فعله تجاه إخواننا في فلسطين وتجاه كل بلد إسلامي مهدد من طرف اليهود وأعوانهم؟
إن واجب كل مسلم، أولا: أن يراجع حاله ويحاسب نفسه ويجدد التوبة إلى الله عز وجل حتى نكون أهلا لنصرة الله تعالى، فما وقع بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
ثانيا: إذكاء روح الجهاد في الأمة، الجهاد بالمال وهو المؤكد الآن والجهاد بالأنفس إن اقتضى الحال ذلك، فمن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق، وإخواننا الآن في فلسطين محتاجون أيما احتياج إلى ا لمال وإلى السلاح، وأنتم تعلمون أن إخواننا في مخيم جنين لم يقتلوا إلا بعد أن نفدت ذخيرتهم وقاتلوا بعد ذلك بالحجارة رحمهم الله رحمة واسعة.
خامسا : الدعاء الصالح، ولكن بقلوب موقنة بالإجابة مؤمنة بالنصر و قد وعد الله تعالى المؤمنين بالنصر {وكان حقا علنيا نصر المومنين} و علينا أن نترصد أوقات الإجابة، كالدعاء في السجود، وفي جوف الليل، وعند الصيام، والأذان، ونزول المطر، وعند التحام الجيشين. هذه بعض الواجبات التي علينا القيام بها، وليعلم كل واحد منا أن تحرير المسجد الأقصى وفلسطين بصفة عامة هو تحرير للأمة الإسلامية، وهو بداية قيام خلافتها التي ضاعت منها، {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.
اللهم يا قوي يا عزيز، يا ذا العزة والجبروت نسألك وأنت خير من سئل أن تهيئ المسلمين لإعداد القوة والرباط للجهاد في سبيلك حق الجهاد، اللهم يا ربنا مهما قوى الأقوياء من أعدائنا وطغوا وتجبروا علينا بذنوبنا فأنت الأقوى والأكبر والنصر منك، يا ناصر المظلومين وغياث المستغيثين.
اللهم يا ربنا إن إعداءك وأعداء نبيك ورسولك وأعداء كتابك قد تكالبوا علينا وأرادوا محقنا فسلط عليهم فتنة من عندك تدع فيهم الحليم حيران، واشغلهم بأنفسهم، وامكر لنا ولا تمكر علينا فإنك خير الماكرين.
اللهم شتت شمل اليهود وفرق آراءهم، وصب غضبك ومقتك عليهم، وسُمْهم سوء العذاب، وسلط عليهم العلل والأمراض والأوجاع.
اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا.. اللهم أرنا فيهم يوما أسودا كيوم عاد وثمودا.
< ذ. محمد الريحاني