إن الذي ينظر إلى واقع الأمة في العصر الحاضر، يرى أن الحديث النبوي الشهير >كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم، كتداعي الأكلة على قصعة الطعام< ينطبق تمام الانطباق علينا، فأوصال أمتنا تقطع إربا إربا ويوما بعد يوم، وتبلع قطعة قطعة، والدول الإسلامية متمثلة في حكامها عاجزون عن فعل أي شيء: لن نتحدث عن الماضي القريب منذ أن اغتصبت فلسطين في غفلة من المسلمين، ولكن عن أيامنا هذه، عن فلسطين بالذات…
عربدة يهودية صباح مساء في الأراضي الفلسطينية، قتل للأبرياء، هدم للبيوت على أصحابها، تشريد للنساء، تعذيب للأطفال، إبادة كل من يرفع صوتا- ولا أقول سلاحا-، ولا أحد يتحرك، بل عدد من حكام المسلمين لم يتجرأ حتى بالقول: (اللهم إن هذا منكر) …. و بعضهم الآخر يظهر على الشاشات ضاحكا ملء الشدقين وكأن شيئا لم يحدث في فلسطين…
لكن إن كان لهؤلاء عذر، فأي عذر لبعض ضباط الأمن الفلسطيني، الذين لم يسارعوا إلى إنقاذ عدد من القيادات الوطنية الإسلامية من القتل أو الاعتقال الذي لا محالة سيؤدي إلى الإعدام البطيء. لقد حاول عدد من أبناء فلسطين المخلصين إقناع المسؤول الأمني على الضفة الغربية “الرجوب” بإطلاق المعتقلين لدى السلطة، لأن يد الغدر ستصل إليهم، لكنه رفض الإذعان لطلبهم وإلحاحهم، حتى وقع هؤلاء المعتقلون لدى السلطة لقمة سائغة في فم الطغيان اليهودي. والغريب بعد هذا يطلع علينا هذا المسؤول الأمني في الأيام الأخيرة بتصريح لإحدى القنوات الفضائية يقول فيه: “لم أرد إطلاق سراحهم، لأن أمريكا وعدتنا بأن الجنود الإسرائيليين لن يقتحموا السجن” أي تبرير هذا؟؟ هل أمريكا هي التي توجه الإسرائيليين، أم الإسرائيليون هم الذين يوجهون الأمريكيين؟ أم أن الأمر يتعلق باتفاق مسبق مع اليهود، حتى يعيثوا في الأرض فسادا، يقتلون ويأسرون ويذبحون، ويدمرون ويهدمون ويشردون ويخربون ويفسدون، وبعد كل هذا ما زال الغثاء يتحدث عن الأمن والسلام؟؟
د. عبد الرحيم بلحاج