التعليم العتيق بالمغرب يولد من جديد لــ: < تأطير الحياة الدينية    < الوقوف في وجه الهجمة الإعلامية التي تنشر الانحلال < النضال من أجل المقدسات ضد دعاة العلمانية والعنصرية والفتنة


نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حفلا برحاب جامع القرويين بفاس بمناسبة صدور القانون المنظم للتعليم العتيق بالمغرب وذلك يوم الأربعاء 12 محرم1423هـ موافق 27 مارس2002م .

وقد حضر الحفل جمع كبير من المهتمين بالتعليم العتيق بمختلف المدن والقرى المغربية،بالإضافة إلى وفد رسمي ضم مستشار الملك ووزير التربية الوطنية وممثلين عن سفارات بعض الدول الإسلامية.

وقد استهل الحفل-بعد قراءة القرآن الكريم-بكلمة السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية د.عبد الكبير العلوي المدغري ركز من خلالها على مجموعة من القضايا المتعلقة بالتعليم العتيق وضرورة استغلال صدور هذا القانون إلى أقصى الحدود واعتباره فرصة تاريخية قد لا تتكرر متعهدا برعاية التعليم العتيق تنظيما وتكوينا وتأطيرا.

ومما جاء في كلمته:

(احتفلنا بهذا المكان المبارك منذ 14 سنة مضت بإحياء الدراسة بجامع القرويين وكان  يوما مشهودا أرخ لمغزى إحياء هذا النوع من الدراسة. وظن بعض الناس أن إحياء الدراسة بالقرويين سيكون شكليا ومحدودا، وأننا سرعان ما نفشل فيه ونتراجع عنه.واستاء البعض من رجوعنا إلى هذا التعليم،وشاء الله أن يبارك في تلك الخطوة،فتخرج الفوج الأول وحصل على شهادة العالمية،ثم تخرج الفوج الثاني…وهذا كاف ليدل على أن الأمر جد،وأن على المتشككين والمدبدبين والقاعدين مع الخوالف أن يفيقوا من غفلتهم.وكان هذا في غياب أي سند قانوني يعترف بشهادة هذا التعليم ويرسخ نظامه.

إننا ننظر إلى إحياء الدراسة بجامع القرويين ضمن منظور شامل يطمح إلى إحياء التعليم العتيق برمته وإعادة هيلكته وتنظيمه والاعتراف بشهاداته وإيجاد الجسوربينه وبين التعليم العمومي وفتح السبل أمامه لتنميته وازدهاره،وعملية من هذا الحجم تحتاج إلى وقت وإلى تحصينها بقانون، لذلك قمنا بتقديم مشروع قانون وتابعنا أطوار المصادقة عليه أمام اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم واللجنة الحكومية الخاصة بالتعليم ومجلس الحكومة ومجلس الوزراء ومجلس المستشارين.

ونحضر اليوم لنزف للجميع بشرى صدور القانون (انظر نصه كاملا في هذا العدد),هذا القانون هو بناء كامل لتعليم فريد من نوعه في المغرب،إنه التعليم العتيق الذي يقف اليوم في شموخ أمام التعليم العمومي وقفة تكامل وتعاون).

ويهدف هذا التعليم إلى تمكين التلاميذ والطلبة المستفدين منه إلى إتقان حفظ القرآن الكريم واكتساب العلوم الشرعية والإلمام بمبادئ العلوم الحديثةوتنمية معلوماتهم في مجال الثقافة الإسلامية وضمان تفتحهم على العلوم والثقافات الأخرى في ظل مبادئ وقيم الإسلام السمحة.

وينص هذا القانون لأول مرة على أطوار منتظمة للتعليم العتيق هي طور التعليم الأولي بالكتاتيب القرآنية والابتدائي والإعدادي والثانوي بالمدارس العتيقة،وطور التعليم النهائي بجامع القرويين والجوامع الأخرى ومؤسسات التعليم النهائي العتيق،وهكذا أصبح لوزارة الأوقاف الحق في إحياء الدراسة ليس في جامع القرويين فقط،ولكن في جامع ابن يوسف بمراكش وغيرهما من الجوامع الكبرى التي كانت منارات للعلوم الشرعية والثقافة الإسلامية،كما أصبح لها الحق في فتح مؤسسات عليا للتعليم النهائي العتيق بمثابة كليات وجامعات في جميع أنحاء المغرب،وأصبحت الدراسة في المدارس العتيقةتتوج بشهادة البكالوريا في التعليم العتيق،كما أصبحت الدراسة في الطور النهائي تتوج بشهادة العالمية،وهذا في حد ذاته حدث عظيم، ثم إن هذا القانون فتح المجال للتوسع في هذا التعليم العتيق حين نص في المادة الخامسةعلى “تعليم عتيق عمومي،وتعليم عتيق خاص”كما أن القانون فتح المجال أمام تلاميذ التعليم العتيق للانتقال إلى مؤسسات التعليم العمومي حيث نصت المادة 17 على أن تلاميذ وخريجي مؤسسة التعليم العتيق الناجحين في سنة من سنوات طور من أطوار التعليم الابتدائي أو الاعدادي أو الثانوي يقبلون لمتابعة الدراسة بالسنة الموالية من نفس الطور أو الطور الموالي بمؤسسات التعليم العمومي،والعكس صحيح بالنسبة لتلاميذ التعليم العمومي الذين يريدون الالتحاق بالتعليم العتيق.

ولقد وضع القانون مسؤولية الإشراف على هذا التعليم وتنظيمه وتسييره على عاتق السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية.

إن تفعيل هذا القانون يحتاج إلى إعداد ونصوص تنظيمية،وقد قامت الوزارة بمشاريع لها وإعداد مشروع لإحداث مديرية خاصة بالتعليم العتيق بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومشروع قرار بخصوص هيكلة نظارات الأوقاف والشؤون الإسلامية،يتضمن وحدة إدارية من مستوى مصلحة في كل نظارة تتولى الإشراف على شؤون التعليم العتيق على المستوى المحلي.وأما بخصوص المناهج والبرامج فإننا نرى – يقول السيد الوزير – أن نستنير برأي العلماء،ولذلك عقدنا العزم على تنظيم أيام دراسية في أكادير في المستقبل القريب،استعدادا للموسم المقبل.

ودعا الوزير إلى المساهمة الفعالة من طرف العلماء وأعلن عن إقليم الراشدية بالجنوب المغربي ليكون إقليما نموذجيا في تطبيق قانون التعليم العتيق ابتداء من الموسم الدراسي المقبل.

لقد كان التعليم العتيق-وسيبقى-تعليما شعبيا مفتوحا على عموم الشعب،ونحن نتطلع إلى تكوين أجيال جديدة من العلماء وتتمتع بالكفاءة العلمية اللازمة والمستوى الفكري الرفيع والثقافة المتنوعة المتكاملة وروح النضال الصالح المصلح والسماحة التي لا تقصي أحدا،وتأطير حياتنا الدينية تأطيرا يحافظعلى الأمن الروحي الضروري،والعلماء القادرين على إحياء الإشعاع الديني والحضاري،والوقوف أمام الغزو الفكري والهجمة الإعلامية التي تنشر النحلال الخلقي،والنضال للدفاع عن المقدسات الدينية والوطنية في وجه العلملنية والعنصرية والفتنة.

متابعة : محمد البنعيادي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>