كلما صادفتني صورة المرأة الإنسان بكل طموحاتها وآمالها وآلامها و وإيجابياتها وسلبياتها في قلة مما يكتب من أدب،تنتابني حالة من الانتشاء والفرحة،فأرغم نفسي على الاعتراف ببلوغ النظرة إلى المرأة مستوى التكريم والاحترام والمشاركة .هذه النظرة التي لا يمكن أن تكون قد تحولت غلا بارتقاء وعي المرأة نفسها بذاتها ووجودها كإنسان كامل الأهلية في الحياة. لكن سرعان ما تخبو حالة الإنتشاء والفرحة في نفسي لينتابني إحساس بالمرارة ورغبة عميقة في البكاء، حين أقف على هذا الزخم من الكتابات الأدبية التي تصور المرأة كعنوان للجنس والمتعة، فأدرك أن الصورة التقليدية راسخة رسوخ جبل الريف في عقلية الرجل. هذه العقلية التي لم تستطع رغم رفعها مختلف الشعارات واعتناقها لمختلف مفاهيم التحرر أن تخرج عن إطار التصور التقليدي للمرأة باعتبارها شيئا يجب تجميله للذة الرجل ومتعته،والتركيز على الجنس بوصفه دعامة أساسية لحضور المرأة داخل الرواية على وجه الخصوص،وإت حضرت في أدوار اخرى كان حضورها باهتا وغارقا في الهموم التافهة.
فهي لاتحمل الوعي الحضاري كالرجل أو تقف موقفا معينا يكون انعكاسا لوعيها. وإذا امتلكت موقفا ما فيكون المقصود منه إبراز قوة الجنس الذي تملك به التأثير أو التوجيه أو الترويض. فهناك شبه إجماع على أت القناعات الفكرية التي تحملها المرأة تعبر أساسا من خلال جسدها الأنثوي، فتأتي غالبا إما في سياق السلبي الخاضع أو التابع أو الذليل،أو في سياق المسيطر المتجبر المتتند إلى الجسم،وإذا أُنصفت تأتي في سياق المكافح الذي لا مفر من سقوطه في حمأة الرذيلة . أعترف أن هذه أحكام عامة،لكن مع الأسف الشديد يمكن لقارئأي رواية أو قصة مغربية أن يلمسها ويكشف عنها من القراءة الأولى .
هناك شخصيات واقعية، نعم..لكن هل هي حقيقية؟ أم أن التركيز على الشخصيات المشوهة أصبح مقبولا طالما رصدنا واقعا مزيفا أو أخذنا في الاعتبار عنصر التشويق والمتعة؟..ومع ذلك، فهذا لايعني أننا إزاء هذه الضورة فقط،وإنما هناك الصورة الحقيقية لما ينبغي أن تكون عليه المرأة ككائن إنساني له إيجابياته وسلبياته، ومن الممكن أن يتطور وعيه من السلبي إلى الإيجابي ويرقى إلى طموحات الإنسان الخليفة. ولما يمكن أن تكون عليه من أوضاع فاسدة ليست خاصة بها أو بسبب أنوثتها وإنما هي مسؤولة عنها كالرجل تماما ومسؤولة عن تغيرها ..
وأعتقد أن الأدب إذا لم يكن من أهدافه الأولى التغيير وإيقاظ القيم الغافية في نفوس البشر،وتنمية أذواقهم لمعرفة الخير والشر والجمال والحق والعدل سوف يكون عبئا ولا جدوى منه، خاصة إذا كان يرتكز على تنمية ذوق مجتت الجذور غارق في الإباحية والمتع المادية التي تجعل من المرأة شيئا.. أو يرتكز على تنمية ذوق يقوم على مجموعة من التناقضات أو الازدواجية الممزقة بين الفكر والممارسة .ولا أدعو إلى تقديم صورة للمرأة المثالية بقدر ما أهمس في آذان أدبائنا :أنصفوا المرأة في كتاباتكم ولا تجعلةها مطية لترويجها أو ديكورا يقدم نوعا معينا من المتعة والزينة فيها.. وتذكروا أنها مساهمة في خلق الوعي الحضاري الذي نطمح إليه جميعا..كما أهمس في أذن المرأة :قدمي النموذج لما يمكن أن تكون عليه المرأة الواعية بالاقع المحيط بها، واعملي على تغييره بتغيير الإنسان الكامن فيك، وخلقه خلقا جديدا مرتبطا بلحظات إنسانيتك قبل ارتباطه بتنوعات جسدك…
< ذة. أم سلمى
—————-
( ü) مقالة من كتاب بوح الأنوثة .لأم سلمى .