رسائل جامعية : “قاعدة لا ضرر ولا ضرار” : مقاصدها وتطبيقاتها الفقهية قديما وحديثا


أهمية الموضوع ودوافع اختياره:

أولا : لكونه في الفقه الإسلامي، الذي يمثل النظام الأمثل للخلق.

ثانيا: كونه يرتبط بالتشريع الإسلامي عامة والمصالح خاصة:

ثالثا : كونه في القواعد الفقهية.

رابعا : كونه في القواعد الخمس الفقهية الشرعية الكبرى: التي ترجع إليها جميع مسائل الفقه، وهي: اليقين لا يزال بالشك، والضرر يزال، والعادة محكمة، والمشقة تجلب التيسير، والأمور بمقاصدها.

خامسا : كونه في قاعدة >لا ضرر ولا ضرار<.

سادسا : كونه يقوم بدراسة نظرية وتطبيقية للقاعدة، لم يسبق إليها -في حدود بحثي وعلمي، بهذا التفصيل الذي هي عليه، وبهذه المنهجية الجديدة التي قدمت بها حيث قامت على أربعة أركان كبرى:

أحدها: الجمع والتصنيف والترتيب. وثانيها : الاستدلال للقضايا المدروسة من الأصول والقواعد والفروع. وثالثها : التحليل والمقارنة واستنباط النتائج المستخلصة. ورابعها : التمثيل للقضايا المدروسة بنماذج تطبيقية قديمة وحديثة، وعامة وخاصة.

وقد حاولت هذه الأطروحة أن تجمع بين دراستين شاقتين عسيرتين إحداهما تعنى بالجانب النظري للقاعدة؛ المبين لحجيتها ومحتواها ومقاصدها. وثانيتهما الدراسة التطبيقية القائمة على نماذج من التطبيقات العامة، ثم الخاصة القديمة والحديثة. وبذلك بدا واضحا أن مادة البحث مقسمة إلى بابين:

الباب الأول : خصص للدراسة النظرية للقاعدة، وتضمن ثلاثة فصول.

الفصل الأول : في حجية القاعدة.

مبحث 1 : الأدلة النقلية القرآنية، وعملي فيه تلخص في تتبع الألفاظ القرآنية المتعلقة بالضرر، وتحصل عندي من خلال ذلك أن الضرر في القرآن الكريم يرد في مقابلة النفع أو الرشد، ويقترن بالجور، والكيد، والاعتداء، والتفرقة، والضلالة، والكفر، والبأس، والقحط، والشدة، والفقر، وبالمرض العضال الذي يمس الإنسان ويقعده، وبحالتي الاضطرار والحاجة، وإلجاء الله الكافرين إلى العذاب، فنتج عن ذلك أن النصوص القرآنية التي تحدثت عن الضرر كلها تكاملت وترابطت في وصف الضرر وتقبيحه ومقته وذمه.

مبحث 2 : الأدلة النقلية الحديثي.

مبحث 3 : الأدلة العقلية الدالة على حجية القاعدة.

الفصل الثاني في محتوى >لا ضرر ولا ضرار<.

مبحث 1 : معنى الضرر والضرار لغة واصطلاحا.

مبحث 2 : بيان عدم منافاة العقوبات الشرعية لمقاصد القاعدة.

مبحث 3 : خصصته للقواعد الفقهية الموازية لقاعدة >لا ضرر ولا ضرار< والمتفرعة عنها.

مبحث 4 : من يعهد إليهم في دفع الأضرار وأزالتها، وتناولت فيه وجوب دفع الأضرار وأزالتها، وحرمة تعمد فعلها، وكيف يعرف قاصدها.

الفصل الثالث: في أهمية قاعدة >لا ضرر ولا ضرار< ومتعلقاتها، وضمنته تمهيدا ومبحثين. فأما التمهيد فبينت فيه أهمية القاعدة في إقامة العدل وحفظ التوازن في الحقوق والالتزامات، وضبط المصالح الفردية والجماعية، وأهميتها في النهي عن الأضرار أو ما يكون ذريعة إليها سواء كانت الأضرار فردية أو جماعية، وسواء كان الضرر من جانب واحد، أو في مقابل ضرر آخر، وسواء ألحقه المضر بنفسه أو بغيره.

وأما المبحث الأول فخصصته لعلاقة القاعدة بالمقاصد وما تعلق بها، وتناولت فيه علاقة القاعدة بالمقاصد انطلاقا من قاعدة: >كل عمل تعلق به قصد المكلف تعلقت به الأحكام، وكل عمل عري عن القصد لم يتعلق به شيء منها<.

ثم تناولت علاقة القاعدة بسد الذرائع، وبينت فيه أن سد الذرائع قائم على دفع الضرر المتوقع.

ثم تناولت علاقة القاعدة بالمآل، وبينت فيه أن النظر في المقدمات والنتائج أو الأسباب والمسببات، هو الكفيل بإدراك المناط المحقق.

ثم تناولت علاقة القاعدة بمراعاة الخلاف، وتظهر هذه العلاقة في كون القائلين بها يراعون اليسر ورفع الحرج، وإزالة الأضرار التي دلت كليات الشريعة، واستقراء نصوصها على أزالتها.

ثم تناولت علاقة القاعدة بالضرورة، وتظهر هذه العلاقة في إباحة فعل المحظور للمضطر دفعا للضرر الذي يلحقه، وأردفت ذلك ببيان الضابط المحكم في تحديد ما تدعو الضرورة إليه .

ثم تناولت علاقة القاعدة بالمشقة، وبينت صعوبة تحديدها وضبطها، واختلاف الفقهاء فيها، ثم خلصت إلى أن المشقة ليست على مقياس واحد في جميع الأفعال وفي جميع الأشخاص، وفي جميع الأزمنة والأمكنة.

ثم تناولت علاقتها بالحق، وبينت صعوبة تحديد الحق لكثرة الحقوق وتداخلها.

ثم تناولت علاقتها بالحيل وبينت أن هذه العلاقة تبرز في مسألتين اثنتين: إحداهما: تتعلق بالحيل التي تهدم الأصول وتناقض المصالح المعتبرة شرعا، وهذه لا ينسب القول بها لإمام من الأئمة، وثانيتهما تتعلق بالحيل المستعملة لبلوغ غرض لم يشرع ذلك الحكم لأجله.

وأما المبحث الثاني فخصصته لعلاقة القاعدة بالمصالح وقسمته إلى ثلاثة مطالب:

المطلب الأول : تناولت فيه اجتهادات عمر بن الخطاب المبنية على المصلحة.

وأما المطلب الثاني فتناولت فيه المصلحة المرسلة وقول العلماء فيها.

وأما المطلب الثالث فتناولت فيه المصلحة ونجم الدين الطوفي.

ثم بعد ذلك عرضت لمسألتين مهمتين:

إحداهما: تتعلق بالآراء القريبة من الطوفي.

والثانية : تتعلق بآراء بعض النماذج المعاصرة المثقفة بثقافة الغرب، وبثقافة الإسلام كما تعلمتها في مدارس الغرب، وكل هذه الآراء مخالفة للنص القطعي والاجماع.

الباب الثاني الدراسة التطبيقية وقسمته إلى تمهيد وفصلين:

أما التمهيد فخصصته لبيان أهمية التربية والمداومة عليها في الوقاية من الأضرار أو للتقليل منها على الأقل.

وأما الفصل الأول فضمنته نماذج من التطبيقات العامة وقسمته إلى مبحثين:

المبحث الأول : خصصته لأضرار المساجد والبيوع والأكرية وتضمن ثلاثة مطالب.

أحدها: تحدثت فيه عن طبيعة الإضرار بالمساجد، وقدمته على غيره من الأضرار باعتبار الإضرار به يتعلق بأول كلي من كليات الشريعة، وبينت فيه دوافع المنافقين وأغراضهم من بناء مسجد الضرار، ثم عقدت مقارنة بين المساجد التي تبنى على غرار قصد المنافقين وبين المساجد التي تبنى رياء وسمعة.

وثانيها: تحدثت فيه عن نماذج من البيوع القديمة والحديثة، ومن النماذج التي درستها:

أ- بيع المضطر.   ب- تلقي الركبان.   ج- بيع الحاضر للبادي.  د- الاحتكار.   هـ – بيع المفتاح.  و- التسعير.

ثالثها: تحدثت فيه باقتضاب عن مجموعة من الأضرار العامة المختلفة.

كالجهل بالدين وهو أعظمها والجهل بالعلوم والصناعات والحرف الضرورية لنهضة الأمة وقيام حضارتها. وكالأمراض المعدية، واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء، وتأخير الزكاة عن وقتها، وقصر الإيجاب على شخص بعينه.

المبحث الثاني : وخصصته لأضرار الجوار والارتفاق، وضمنته تمهيدا ومطلبين:

فأما التمهيد فتحدثت فيه عن أهمية العلاقة الجوارية، وما رصد لها من نصوص قرآنية وحديثية، ثم بينت أن حقوق الجار كانت تراعى تدينا في الأزمنة المتقدمة ثم أصبحت بفساد الزمان حقا قضائيا، ثم خلصت إلى أن الجوار في حقيقة معناه لا ينحصر في الدور والمباني وماشاكلها.

وأما المطلب الأول : فحصرت الحديث فيه عن نماذج من أضرار الجوار وذكرت منها:

أ – أضرار الأزبال والروائح الكريهة، وبدأت بها لبيان خطورتها وتهاون الجيران في شأنها.

ب – أضرار الأصوات وهي على نوعين: الأصوات الصغيرة المعتادة، والأصوات الشديدة المزعجة المستدامة.

ج – أضرار التكشف على الجار وهو من أعظم الأضرار وأقبحها.

وأما المطلب الثاني فخصصته لأضرار الارتفاق وأجملت الحديث فيه عن أهم المرتفقات وهي كمايلي:

1- حق الشرب، ويلحق به حق الشفة.

2- حق المجرى، ويدخل فيه في العصر الحاضر أنابيب المياه الصالحة للشرب.

3- حق المسيل وهو قريب من المجرى.

4- حق المرور، وهذا له علاقة بحق الطريق.

5- حق التعلي.

6- حق الجوار، وحصرت الحديث فيه عن الارتفاق بجدار الجار.

وأما الفصل الثاني: فخصصته لنماذج من التطبيقات الخاصة وضمنته ثلاثة مباحث.

المبحث الأول : حول الأضرار الخاصة بالاسرة ويتكون من تمهيد وثلاثة مطالب.

أما التمهيد فبينت فيه مكرز الاسرة في حماية القيم الاجتماعية والتربية عليها في وحدة وانسجام أعضاء الأمة كلها.

وأما المطالب الثلاثة فحصرت الحديث فيها عن الإضرار بالوصية والقسمة والشفعة فيما له علاقة مباشرة بالضرر.

المبحث الثاني: في الأضرار الخاصة بالمرأة قديما وحديثا، وضمنته تمهيدا ومطلبين.

أما التمهيد فبينت فيه أهمية هذا المبحث في القديم والحديث، وتحصل منه أن الإضرار بالمرأة كان ومايزال يحتل الحيز الأوفر من النوازل الضررية، لسوء فهم الدين وضعف الالتزام به.

وأما المطلب الأول فخصصته للأضرار القديمة. وضمنته ست مسائل:

الأولى: إضرار المرأة بهجرانها أو التهجير عنها، وتناولت فيها القصد من إباحة الهجر ثم بينت درجته وأقصاه وغايته وأمورا أخرى .

الثانية: إضرارها لتختلع عن زوجها. وبينت فيها الأضرار المترتبة عن الخلع.

الثالثة: عضل الزوجة للذهاب ببعض ممتلكاتها، وهي مكملة للتي قبلها.

الرابعة: إمساك الزوجة للإضرار بها وضمنته حكم إمساك المعسر الذي لا يقدر على الانفاق عليها.

الخامسة: تطليق الزوجة للإضرار بها، ويظهر ذلك أكثر في تطليقها في مرض موته ولصعوبة تبين القصد من هذا الطلاق اضطررت لبيان اجتهادات العلماء فيه وبيان صفاته وأعراضه وأنواعه، ثم بينت تبعا لذلك الأحكام المترتبة عنه.

السادسة: إضرار المرأة بحرمانها من إرضاع ولدها، وبينت فيها هل الرضاع حق للأم أم هو حق عليها؟ ثم حتمت المسألة بالوقوف على ما ختمت به آية الرضاع، وما يستنبط منها.

وأما المطلب الثاني فخصصته للأضرار الحديثة المتعلقة بالمرأة وضمنته تمهيدا وثلاث مسائل:

أما التمهيد فبينت فيه دواعي تسميته بالأضرار الحديثة، ثم لماذا خصص للمرأة العاملة.

وأما المسائل الثلاث فضمنتها الحديث عن المرأة العاملة قديما وحديثا، ثم عرضت فيها لفتوى ابن عرضون والفتاوى المشابهة لها بسوس، وبينت قول العلماء فيها، ثم ربطتها بمن وسعوا دائرة هذه الفتوى، ثم عرجت على الذين يستغلونها ويحرفونها عن مضمونها ومقصودها.

المبحث الثاني وخصصته لنماذج من الأضرار الخاصة المختلفة، وضمنته ثلاثة مطالب.

أما المطلب الأول فتحدثت فيه عن إضرار الزوجة لزوجها بنشوزها، وبينت فيه أن انحراف الأزواج، وسوء تطبيقهم القوامة كثيرا ما يؤدي إلى نشوز الزوجات. ثم ذكرت نماذج من مضار نشوزها.

وأما المطلب الثاني فتحدثت فيه عن الإضرار بالرقيق، وبينت فيه بداية لماذا الحديث عن الرقيق في زمن لم يبق فيه رق. ثم ذكرت نماذج من الأضرار المنهي عنها في حق الرقيق.

وأما المطلب الثالث والأخير، فتحدثت فيه عن الإضرار بالحيوان، وبينت فيه كفالة الإسلام لحقوق الحيوان، ومنعه من إلحاق أي ضرر به، ثم ذكرت نموذجين من الأضرار المنهي عنها في حقه.

هذه الخطوط العريضة للمنهجية التي قامت عليها هذه الأطروحة، وللخطة التي أنجزت بها، وعسى أن تبين بعض المحتويات التي حفلت بها والإشكالات التي أجابت عنها. والنتائج التي حصلت عليها ما حققته وما قامت عليه. وهي كمايلي:

1- إن عناية القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف عناية فائقة تصور الأضرار بتصاوير مختلفة، وتوردها في سياقات متعددة، وبألفاظ بليغة شبه مترادفة. كان القصد منها أمرين.

أحدهما: بيان الحالة الضررية التي كان عليها المجتمع الجاهلي من معاملات غبنية وتدليسية وربوية، ومن نهب وسرقة وغصب، ومن اعتداء وظلم وقهر.

ثانيهما: تحذير المسلمين من استمراريتهم في ظلمهم واعتدائهم، ومن ملازمتهم لعاداتهم الجاهلية التي لا يقرها عقل سليم ولا طبع قويم.

2- إن دراسة حديث >لا ضرر ولا ضرار< ، بتقصي طرقه ورواياته، وأطرافه المقرونة بسبب وروده، وبالنظر في الآيات الكثيرات الدالات على حجيته، وفي الاحاديث المبينة لمعناه بغير لفظه نستنتج منها ثلاثة أمور:

أولها: أن هذا الحديث روي عن أكثر من عشرة صحابة، وأخرج هذه الاحاديث موصولة أئمة الحديث وحفاظه. وهذه الطرق على كثرتها، لم تخل من ضعف، غير أن كثيرا منها لم يشتد ضعفه.

ثانيها: أن هذا الحديث تقوى بطرقه ورواياته وشواهده فأصبح مقبولا محتجا به عند جماهير أهل العلم، فحسنه بعضهم وصححه البعض الآخر، وإن منهم من رفعه إلى درجة المشهور والمتواتر.

ثالثها: أن هذا الحديث، ليس دليلا قطعيا في ذاته، لكنه يدخل في الأصل القطعي بالتبع، عن طريق تآلف أدلته المتفرقة في معان مختلفة من الأدلة الكثيرة الجزئية المتناثرة في الكتاب والسنة.

3- إن الاصطلاح الأقوى في الدلالة على المعنى المراد من نفي شرعية الأضرار والنهي عنها هو الصياغة القاعدية >لا ضرر ولا ضرار< فهي أولى وأهم من القاعدة المشهورة >الضرر يزال< وهي أهم من باب أولى من اصطلاح التعسف الوافد إلينا من القانونيين الغربيين.

4- إن اختلاف الفقهاء في الأحكام القضائية المترتبة عن المضارة كان نابعا عن الاختلاف في تقدير الأضرار، وما ذهب إليه متقدموا الحنفية والشافعية من السماح للجار بالتصرف في ملكه، ولو أدى إلى لحوق الضرر بغيره، كان يحمل عندهم على الحالة التربوية التي كانت عليها الأمة، إذ كان بدهيا عندهم أن الإضرار بالغير، منهي عنه ديانة، ولما ضعف التدين، وكثرت المضارة، وتبدلت أحوال الناس أفتى متأخروا الحنفية والشافعية بما كان يفتي به متقدموا ومتأخرو المالكية والحنابلة.

5- بخصوص نظرية الطوفي في المصلحة، من الصعب اتهامه بالرفض والتشيع، أو تبرئته منهما، إذ الحسم في هذا الادعاء، يتوقف على تحقيق وطبع كل آثاره العلمية، ليبين تطور فهمه، وتحول رأيه، وعلام استقر ذهنه أخيرا، كما يتوقف -كذلك- على دراسة الظروف والأحوال المحيطة به، حيث لا أستبعد أن يكون التعصب المذهبي، أو الاعتداد بالرأي، أو فرط الاحترام للشيوخ أدى إلى الكيد له.

ويؤكد ما قلناه، تركيزه في شرح الحديث على نماذج كثيرة من الاختلاف المذموم، وتشنيعه لتشاجر وتنافر العلماء، إضافة إلى ثبوت مخالفته لأستاذه سعد الدين الحارثي في بعض القضايا، ومما قوى عندي هذا الاحتمال أن تاريخ محنته وابتلائه كان في سنة 705 هـ وهي السنة التي دخل فيها للقاهرة، وهي السنة نفسها التي سجن فيها ابن تيمية في القاهرة لخلاف مذهبي بينه وبين ابن مخلوف قاضي المالكية بالقاهرة أنذاك.

وأما تشيعه أو سنيته، فلا كبير أثر لهما في الحكم على رأيه، وتقويم نظريته، الا من حيث سوء القصد أو سلامته.

والذي ترجح لدي أنه كان يقصد بتقديم المصلحة على النص والإجماع عند التعارض حالات الضرورة.

6- إن الضرر ينمو في الأفراد والجماعات بغياب التربية الايمانية أو قلتها، كما يزداد نموا كلما قوي الاحتكاك بينهم، وتوسعت معاملاتهم وضعف تدينهم، وساءت تربيتهم. وعند وقوع الأضرار فإن إزالتها لا يمكن أن تحقق بالقضاء والحكم فقط، كما يحاول القانونيين الوضعيون، بل لابد من إرداف ذلك بالنصح والتبشير والنذير.

7- إن من أعظم الأضرار وأقبحها كشف العورات، والتكشف عليها، ولقد كانت الأمة الإسلامية في زمن قوتها وهيبتها، وعلو همتها، وتفوق خلقها، وصيانة أعراضها لا تسمح بالتكشف عليها بله أن تكشف عورتها، وتذبح حياءها.

ولتحصين الأعراض وعلو الأخلاق كانت تصاميم الهندسة الإسلامية القديمة تراعي منع الضرر عن سكان البلدة عامة والجيران خاصة، كما كانت جهود الفقهاءوالقضاة والمحتسبين والمهندسين والبنائين تتظافر وتتكامل لسد ذرائع أضرار المروءة والشرف باعتبارها أشد على الناس من الأضرار الأخرى.

إعداد : د. عبد الله الهلالي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>