عبث مفاجئ بحق العودة


بينما الأبصار والأفئدة مشدودة نحو المشهد الأفغاني الملتهب ، حدثت فرقعة مثيرة في الساحة الفلسطينية لم يسمع كثيرون صوتها ، وسط أزيز الطائرات النفاثة المحلقة في سماء قندهار وكابول ، وهدير الصواريخ التي ما انفكت تشيع الموت والخراب في الأفق الأفغاني . أما الذين سمعوا الفرقعة فإنهم لم يصدقوا آذانهم من وقع المفاجأة وشدة الصدمة. إذ ما كان يخطر على بال ـ لا في أول الزمان ولا في آخره أن يقول مسؤول فلسطيني على ملأ من الناس “إن السلام لن يعم ولن تقوم للدولة الفلسطينية قائمة، إلا إذا تخلى الفلسطينيون عن حقهم في العودة” ـ هكذا بصريح العبارة ومرة واحدة .. لكن يبدو أنه بعدما اهتزت مسلمات كثيرة ، وبعدما صار اللامعقول معقولا، قبل هذا الكلام، وممن ؟ ـ من المسؤول الجديد عن ملف القدس ، و أين؟ على مسمع من الصهاينة في داخل الجامعة العبرية! ، أماكيف ولماذا وما العمل؟ ، فإليك الحكاية وما فيها .

أصل الحكاية

في البدء كان الأمر بمثابة طلقة خرجت من مسدس كاتم للصوت . أصابت الحلم في السر دون أن يسمع أحد . لأن الكلام/ الطلقة قيل أمام الصهاينة وداخل الجامعة العبرية.  ولا أعرف ما الذي كان يمكن أن يحدث لو أنه قيل أمام تجمع فلسطيني أو عربي ، لكن الذي أثق فيه من قائله في هذه الحالة الأخيرة لن يخرج بمثل ما دخل . هذا إذا قدر له أن يخرج أو لا !

مـــــــا قيل وراء جدران الجامعة العبرية فــــــي 01/10/15 أفشته وعممته صحيفة “نيويورك تايمز” التي نقلت الكلام في عددها الصادر يوم 01/10/17 منسوبا إلى الدكتور سرى نسيبه خريج جامعة “هارفارد” وأستاذ العلوم السياسية ـ السابق بجامعة بيرزيت ، الذي كان قد سافر في مهمة علمية إلى الولايات المتحدة ، وعاد منها مديرا لجامعة القدس في “أبو ديس” ، وبعد وفاة السيد فيصل الحسيني تم تعيينه مكانه ، (في 01/10/120) مسؤولا عن ملف القدس في السلطة الفلسطينية .

نعم، الرجل معروف بمواقفه وآرائه المثيرة للّغط والمستفزة للشارع الفلسطيني . والمتابعون للمسيرة الفلسطينية يذكرون أنه في عام 86 كان قد تسبب في مشكلة بالقدس ،. حينما صدم الناس بدعوته إلى مشاركة الفلسطينيين في انتخاب رئيس بلدية المدينة التي تعد من الناحية القانونية واقعة تحت الاحتلال منذ عام 67 . وفهمت دعوته تلك بحسبانها حثا للفلسطينيين على الاعتراف بشرعية الاحتلال ، والتسليم بعملية تهويدها وتثبيتا لوضع رئيس بلديتها الصهيوني . تعددت مظاهر الغضب التي عبر بها الفلسطينيون عن مشاعر استيائهم تجاهه ، وكان من بينها قيام بعض عناصر “فتح” التي يرأسها ياسر عرفات ، بإحراق سيارته والاعتداء عليه بالضرب ، الأمر الذي أصابه آنذاك بكسر في ذراعه .

منذ ذلك الحين سكت الدكتور سرى نسيبة ، وانشغل “نسبيا” بالعمل الأكاديمي . و أصدر في عام 91 كتابا مشتركا مع أحد أساتذة “مركز جافي” التابع لجامعة تل أبيب ـ صهيوني يميني اسمه مارك دميللر ـ كان عنوانه “لا مزامير ولا طبول: إقامة الدولتين حل للصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني” … ألمح الكتاب إلى الفكرة التي طرحها الدكتور نسيبة مؤخرا ، والتي تلقى بطبيعة الحال ترحيبا واسعا من الصهاينة ، لأنها تزيح عن صدورهم حملا ثقيلا . وتريحهم من عقدة ملف اللاجئين الذين تجاوز عددهم أربعة ملايين .. وقد مر الكلام آنذاك، لأنه صدر كوجهة نظر في كتاب لم يكن له تأثيره على الرأي العام ، فضلا عن أن نسيبة كان يعبر فيه عن رأيه الخاص كأكاديمي يمثل نفسه في أحسن فروضه وأبعدها .

حق العودة ثابت فلسطيني

طوال العقود التي تلت النكبة ظل التمسك “بحق العودة” أحد ثوابت القضية الفلسطينية ، التي لم يجرؤ أحد على العبث بها أو المساومة عليها ، ومن المؤسف أن السيد نسيبة حين تحدث في الموضوع وصفه بأنه “مطلب” وليس حقا . والأول أضعف من الثاني بكثير ، وبينما الحق مقدس وثابت بمقتضى ميثاق حقوق الإنسان والشرعية الدولية والشرعية التاريخية ، كما نرى بعد قليل ، فإن المطلب مجرد رغبة ، مشروعة أو غير مشروعة، وهي لا تعكس حقا بالضرورة ، ثم إنه يمكن المساومة عليها والتنازل عنها . فاستمرار المستوطنات في الأراضي الفلسطينية التي تعد إقامتها مخالفة للقانون الدولي ، هو مطلب صهيوني له أهدافه الشريرة ، ولا يمكن أن يوضع على قدم المساواة ولا في ذات المربع مع أهمية عمق و أصالة حق العودة.

لكي أكون دقيقا فإن موضوع حق العودة جرى المساس به على نحو آخر ، في شهر يوليو من العام الماضي ، حيث كان الوفد الفلسطيني في طريقه إلى محادثات كامب ديفيد ، التي قيل إنها ستتناول قضايا الحل النهائي . إذ صرح أحد مستشاري عرفات ـ خالد سلام مستشاره الاقتصادي ـ أن موضوع العودة يمكن حلهعن طريق صرف تعويضات للاجئين قدرها آنذاك بمبلغ 30 مليار دولار . وقد انتقد هذا التصريح في حينه ، ولم يؤخذ على محمل الجد ، ثم جرى تجاوزه بعد الفشل الذي منيت به المحادثات . ومع ذلك ظل التصريح دالا على أن فكرة التعويض مطروحة في الكواليس و أن هناك من يؤيدها داخل دوائر السلطة الفلسطينية.

سكت الدكتور سرى نسيبة دهرا ، ثم نطق على النحو الذي! ـ وجاء كلامه مفاجئا وصارما من نواح عدة مرة،  لأنه قاله في محفل صهيوني (الجامعة العبرية) . ومرة لأنه هوّن من شأن العودة ووصفها بأنها مجرد “مطلب” ، ودعا إلى التنازل عنه . ومرة ثالثة لأنه زاد الطين بلة وقال في حديثه الذي نقلته عنه “نيويورك تايمز” إن الانتفاضة الفلسطينية ليست سوى “حالة من التشنج ملطخة بالدماء وليست ثورة شعبية” وتلك كبيرة أخرى . ومرة رابعة لأن هذا الكلام صدر عنه بعد ثلاثة أيام فقط من انضمامه رسميا إلى السلطة الفلسطينية ، بقرار من عرفات ـ ومرة خامسة لأنه “أفتى” في مسألة اللاجئين ، بينما مسؤوليته منحصرة في ملف القدس . ومرة سادسة لأنه قال كلامه هذا في توقيت بالغ السوء . بينما السياسة الشارونية تمارس بحق الشعب الفلسطيني أقسى أنواع القمع والوحشية ، ومرة سابعة لأن 98% من اللاجئين الفلسطينيين أعلنوا عن تمسكهم بحقهم في العودة إلى ديارهم. وهناك أكثر من مائتي جمعية فلسطينية تتبنى الدفاع عن هذا الحق في تجمعات الفلسطينيين بمختلف أنحاء العالم. ومرة ثامنة لأن ثمة مناقشات جادة دائرة الآن حول كيفية العودة و إمكانية تحقيقها دون أن يتمثل ذلك التهديد المزعوم للصهاينة ، وإذا به يقطع الطريق على تلك المناقشات ويدعو إلى التنازل جملة ، هدية مجانية للكيان الصهيوني.

التوطين /المؤامرة

هو مشهد عبثي مسكون بالمفارقة . عبثي لأن كل لاجئ في الكرة الأرضية يرتب أمر العودة إلى وطنه ، باستثناء اللاجئين الفلسطينيين الذين ينكر عليهم هذا الحق ، وتتواطأ الدول الكبرى لتوطينهم في أي مكان باستثناء وطنهم الأصلي . ويفرض عليهم فرضا التنازل عن ذلك الوطن أو بيعه ، والمفارقة هنا تكمن في أن الصهاينة يتحرون استحقاقاتهم حيثما وجدت ، ولا يملون من تفتيش الأوراق والوثائق القديمة لاستعادة قيمة مدخرات ومنقولات يهود أوروبا الشرقية التي اختفت منذ نصف قرن ، وفي الوقت ذاته يطالبون الفلسطينيين بأن يتخلوا عن كل ما نهب منهم . بدءا بممتلكاتهم وعقاراتهم وانتهاء بوطنهم وحقهم في العودة إليه . وتبلغ المفارقة ذروتها حين نجد في الكيان قانونا “للعودة” يسمح لكل يهودي في الكرة الأرضية بأن يصبح مواطنا في الكيان يتجنس ويتملك ويتمدد كيفما شاء على أرض فلسطين ، بينما تصادر حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ، وكل منهم له قرية وأسرة وعنوان: فلسطين، وبعضهم لا يزال يحتفظ بمفاتيح بيوتهم هناك ، سواء تلك التي هدمت ومحيت ، أم بقيت واغتصبت وسكنها المستجلبون من شذاذ الآفاق!

إن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ينص على حق كل مواطن في العيش في بلاده أو تركها أو العودة إليها ، ومنذ النكبة ـ لعام 48 ـ هناك قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ينص على “أن اللاجئين الراغبين في العودة إلى أوطانهم ، والعيش بسلام مع جيرانهم ، يجب أن يسمح لهم بذلك ، في أول فرصة عملية ممكنة . ويجب دفع تعويض لممتلكات الذين لا يرغبون في العودة ، ودفع تعويض للخسائر والضرر الذي أصاب الممتلكات لإصلاحها وإرجاعها إلى أصلها، من قبل الحكومات والسلطات المسؤولة بناء على قواعد القانون الدولي والعدالة” .

و إذا تمعن المرء في القرار يلاحظ فيه ما يلي: أن خيار العودة متروك للاجئين أنفسهم ، وليس لغيرهم ـ إن العودة كانت واجبة في أول فرصة ممكنة ، وقد لاحت تلك الفرصة بعد توقيع الهدنة في سنة 49 ـ إن التعويض واجب في كل الأحوال ، فالذين يعودون لهم الحق في التعويض عن الضرر الذي أصاب ممتلكاتهم . والذين يختارون البقاء في الخارج لهم الحق في التعويض عما تركوه . من ثم فليس صحيحا أن اللاجئين مخيرون بين العودة أو التعويض، كما يشيع البعض، و إنما لهم الحق في الإثنين ، العودة والتعويض ، طبقا لنص القرار ، ثم إن المسؤول عن التعويض هو الحكومات والسلطات المسؤولة وذلك يشمل حكومة الكيان الصهيوني المؤقتة عام 1948 ، وتلك التي أعقبتها ، ومنظمات الهاجاناه والرعون والشتيرن ، والصندوق القومي اليهودي وغيرها .

ظلت الأمم المتحدة على موقفها من قضية العودة ، لم تغيره ، وكان آخر ما أصدرته في هذا الصدد قرار في 74/11/22 ، “أعاد تأكيد الحق غير القابل للتصرف لعودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي اقتلعوا منها”.

ثبوت الحق محسوم إذن، وإنه يعد خطوة مهمة لا ريب عززت إثبات المبدأ والتأكيد عليه، وهو ما استوجب نقل المناقشة إلى مستوى آخر هو: كيف ؟ . غير أن كلام السيد نسيبة ارتد بنا إلى نقطة الصفر للأسف ، و أعادنا مرة إلى السؤال: هل ؟.

من لاجئين  إلى مو اطنين

في السادس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي تم بقاعة “وستمنستر” في لندن لقاء مهم شهده جمع غفير من أعضاء مجلس العموم البريطاني والسياسيين ورجال الإعلام وأعضاء المنظمات غير الحكومية المعنية بقضايا الشرق الأوسط . وكان المتحدث الرئيسي في ذلك اللقاء هو الدكتور سلمان أبو ستة الخبير الفلسطيني البارز ، والمعروف عالميا بتخصصه في قضية اللاجئين ، وصاحب الدراسات المتعددة التي ظلت “العودة” محورا لها ، و أحدثها كتاب صدر له بالإنجليزية بعنوان: “من لاجئين إلى مواطنين في بلدهم” ، أما الذين رتبوا اللقاء مع النخبة البريطانية فقد كانوا جهات ثلاث: مكتب الجامعة العربية في لندن ، ومجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني ، ومركز العودة الفلسطيني هناك. وفيما علمت فإنه يجري الآن ترتيب لعقد لقاء آخر بين الدكتور أبو ستة وبين أعضاء البرلمان الأوروبي ، لكي يشرح مشروعه المتعلق بالتطبيق العملي لخطة عودة اللاجئين إلى ديارهم .

والفكرة الأساسية التي يقوم عليها مشروع الدكتور أبو ستة أن عودة اللاجئين الفلسطينيين بملايينهم التي تجاوزت الأربعة ، ليست حقا مقدسا فحسب ، ولا هي تستند إلى القانون والشرعية فحسب ، ولكنها ممكنة أيضا من الناحية العملية ، دون أن ينال ذلك من وجود الصهاينة ودولتهم . في الوقت ذاته فإنه دحض بالخرائط الجوية والمعلومات الموثقة أن القرى الفلسطينية التي كان يسكنها هؤلاء قد اختفت ولم يعد لها أثر. يعتمد الدكتور أبو ستة في مشروعه على كم هائل من الصور والوثائق التي سجلت كل معالم فلسطين منذ عام 1971 حين أمضت “بعثة اكتشاف فلسطين” 8 سنوات لإتمام مسح شامل لكل شبر في البلاد وإلى عامي 45 و46 حين أجرت بريطانيا ـ دولة الانتداب ـ مسحا جويا شاملا لأراضي كل فلسطين . مرورا بالخرائط التي أعدتها مصلحة المساحة في عهد الانتداب (1920 ـ 1928) سجلت فيها كل التغييرات التي طرأت على فلسطين خلال تلك الفترة .

في لقاء “وستمنستر” عرض الخبير الفلسطيني على الحاضرين من البرلمانيين والسياسيين الإنجليز 24 خريطة بينت حقائق الوضع السكاني في الكيان الصهيوني ، التي تشير كلها إلى أرض يمكن تجهيزها خلال فترة تتراوح بين 8 و10 سنوات ، بحيث يمكن تعمير 90% من القرى المهجورة في فلسطين ، كي يعود إليها سكانها الأصليون (العرب) دون أي تأثير يمس اليهود الصهاينة . ومن العشرة في المائة الباقية هناك 7% يمكن أن يعود إليها سكانها مع بعض التعديلات . وهناك 3% فقط ستواجه صعوبة في ذلك الأمر .

من النتائج المهمة التي بينتها دراسة التركيبة السكانية للكيان الصهيوني المقسمة إلى 36 إقليما طبيعيا ، أن 80% من اليهود يعيشون في عشرة أقاليم ، مساحتها 458.2 كيلومترا مربعا ، أو 12% من مساحة الكيان (الباقون يعيشون في المدن) ـ وهذه المساحة التي يعيش عليها اليهود الآن تزيد بمقدار 841 كيلومترا مربعا فقط عن مساحة الأراضي التي كانت مملوكة لليهود إبان الاحتلال البريطاني ، أي أن نمط اليهود في معيشة “الجيتو” والالتصاق والتجمع لم تتغير ، رغم توفر مساحة كبيرة من الأراضي المحتلة . ليس هذا فحسب ، و إنما لا يزال معظمهم يشتغل في المهن التقليدية ، مثل المال والتجارة والصناعة الدقيقة ، و قلة منهم التي غيرت نمط حياتها وعملت بالزراعة .. بالمقابل فإن الفلسطينيين يعيشون في 26 من الـ 36 إقليما طبيعيا في البلاد ، وقد ساعد على ذلك طبيعتهم الزراعية من ناحية ، ثم ظروف الحكم العسكري التي عاشوا في ظلها ، ومنعتهم من الانتقال إلى المناطق المكتظة باليهود .

السلطة : الموقف المريب

أدري أن موضوع العودة تحيط به ملابسات شديدة التعقيد والحساسية، وأن المسألة لا يحسمها فقط الـ 530 مدينة وقرية التي طرد منها سكانها منذ عام 48 ، يمكن إعادة الحياة فيها أم لا . لكن ذلك لا ينفي أن هناك حوارا علميا جادا يحاول إثبات إمكانية تحقيق ذلك الأمل ، و أن الدعوة إلى إسقاط ذلك الحق بمثابة سعي لإجهاض المحاولة ، وهي تكتسب خطورتها من كونها تصدر عن طرف فلسطيني، و أخطر من ذلك أن يكون الفلسطيني مسؤولا في السلطة الفلسطينية .

لا أحد يستطيع أن يتكهن بمدى الاستجابة لهذه الدعوة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين ، وما الذي سيفعله أولئك اللاجئون الذين يعيشون في المخيمات والمنافي منذ أكثر من نصف قرن ، حين يكتشفون أنه تمت التضحية بهم و أن أملهم الذي انتظروه طويلا قد تبدد . غير أننا نستطيع أن نقول – بغير مبالغة- إن خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تفتح الأبواب لشرور لا حصر لها لا يعرف إلا اللهوحده طبيعتها ومداها . إن السؤال الذي يحير المرء ويثير في نفسه الشكوك والهواجس هو: حين أطلق الدكتور سري نسيبة قذائفه تلك ، هل كان يتحدث باسمه أم بصفته ؟ ، و إذا كان يتحدث باسمه فقط فلماذا تم السكوت على كلامه ولم يؤاخذ عليه ، و إذا كان يتحدث بصفته مسؤولا في السلطة ، فلماذا لم يصحح الكلام ، ولم تعلن السلطة موقفها من مسألة التنازل ؟

وإذا ذهبنا إلى أسوأ الفروض و أتعسها ، و كان لهذا الكلام أصل في “الأجندة” الرسمية الفلسطينية للتفاوض ، فهل من الحكمة وحسن التدبير أن يشهر هذا التنازل على الملأ ويتم التبرع به قبل أن تلوح في الأفق احتمالات التفاوض ، في حين أن ألف باء ذلك الفن تقضي بأن ترفع الأطراف المعنية سقف استحقاقاتها إلى أبعد مدى قبل الجلوس على الطاولة.  أما إلغاء السقف بالكامل والتسليم بمطالب الآخر قبل بدء الكلام ، فذلك نهج جديد لم نسمع به في عالم المفاوضات ، حتى فيما بين المنتصر والمهزوم .

اللهم ارحم القضية الفلسطينية من بعض أبنائها، أما أعداؤها فنحن كفيلون بهم !

الأهرام المصرية – الخليج الإماراتية

فهمي هويدي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>