في إطار الجهود التي يبذلها “العلماء” لتقويم مسيرة التعليم بالمغرب وترشيدها، ميثاقا وتطبيقا، قابل وفدي مثل مختلف جمعيات العلماء بمختلف جهات المملكة، السيد وزير التربية الوطنية، بمكتبه، في العاشرة صباحا من يوم الجمعة، فاتح ربيع الأول 1422هـ الموافق لـ 25 ماي 2001م، وذلك إثر صدور “مشروع وثيقة إطار لمراجعة المناهج التربوية” في 30 أبريل 2001، عن اللجنة البيسلكية التي عينتها وزارة التربية الوطنية؛ ذلك المشروع الذي يرى “العلماء” :
- أنه أجحف غاية الإجحاف بحق التعليم الأصيل؛ إذ لم يكتف بإلغاء استقلاليته عن التعليم العام العصري في التأهيلي (=الثانوي)، وإنما تعدى إلى إلغاء وجوده مطلقا فيما قبل التأهيلي! مخالفا بذلك نص “الميثاق” والواقع معا!!
- كما أنه أجحف غاية الإجحاف بحق “التربية الإسلامية” مادة ورؤية؛ وذلك بإلغائها -مادة- من عدد من الشعب، وجعلها فقط اختيارية في أخرى! بينما جُعِلت الفلسفة -ومحادتها للإسلام أظهر من أن ينبه عليها- إجبارية في جميع الشعب! وجعلت للفنون -وأثرها في التمكين للّهو معروف- أربع شعب! إحداها للتربية الموسيقية، وأخرى لعلم الأنشطة الحركية، أي الرقص وما إليه..!!! فأي حق رفع! وأي باطل وضع!!
ذلك و مثله من نواقيس الخطر التي تُدق في التعليم بعنف، جعل “العلماء” يسرعون إلى السيد الوزير طلبا للتدارك قبل فوات الأوان.
هذا و”العلماء” -ممثلين في أعضاء الوفد الثمانية عشر- إذ يشكرون للسيد الوزير، الذي كان مصحوبا بالسيد المفتش العام للوزارة، حسن الاستقبال، وحسن البيان للظرف العام والخاص الذي كتب فيه ‘مشروع الوثيقة الإطار”، وحسن الاستماع لوجهة نظر “العلماء” التي تلخصها مطالبهم آخره، وحسن التعبير عن الموقف المساند لكل ما يتعلق بالإسلام والعربية في التعليم، معتبرا “مشروع الوثيقة” الحالي مجرد مسودّة أولية، لا تمثل رأي الوزارة الذي سيسلم “العلماء” نسخة منه، في غضون الصيف القادم بحول الله تعالى لإبداء الرأي،
فإنهم ينتظرون -وكلهم أمل في أن يصدق القول العمل- رؤية مطالبهم التي عرضوها على السيد الوزير، ثم سلموها إليه مكتوبة، قد أخذت طريقها -وقد أيدها- إلى الاعتبار والاعتماد، وهذا نص المطالب :
فبناء على ما ينص عليه الدستور من أن دين المملكة المغربية هو الإسلام، وأن لغتها هي العربية…
وبناء على المرتكزات الثابتة المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وخاصة المادة الأولى منه، والتي تنص على أن نظام التعليم بالمغرب يهتدي بالعقيدة الإسلامية، وقيمها الرامية إلى تكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح…
وبناء على ما جاء في الكلمة المولوية التي ألقاها أمير المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس – في افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الثالثة : في سياق حديثه عن أعمال اللجنة المكلفة بوضع الميثاق الوطني للتربية والتكوين – حيث قال جلالته : ” وقد اطلعنا على إنتاجها فوجدناها تعبر عما نبتغي من تعليم مندمج مع محيطه متفتح على العصر دون تنكر لمقدساتنا الدينية ومقوماتنا الحضارية وهويتنا المغربية بشتى روافدها… ”
وبعد اطلاعنا على مشروع الوثيقة الإطار، المشار إليها طليعته، وتبيننا لما فيها من تعارض مع ما سبقت الإشارة إليه من حيثيات، وخاصة ما يتعلق منها بالتعليم الأصيل، والتربية الإسلامية، واللغة العربية…
وأداء منا لواجب النصح والنصيحة لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم، الذي يفرضه علينا ديننا الإسلامي الحنيف، وحفظا لأمن أمتنا الروحي، وهويتها الإسلامية، ووحدتها الوطنية… لكل ذلك -وغيره – فإنه يسعدنا أن نتقدم لسيادتكم بالمطالب التالية :
أ- بالنسبة للتعليمالأصيل :
فإننا نطالب ب :
< استغلالية التعليم الأصيل بمدارسه النظامية، من التعليم الأولي إلى نهاية التعليم الثانوي، تطبيقا لما هو منصوص عليه في المواد : 60 – 24 - 88 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتعميم هذه المدارس في مختلف أقاليم وجهات المملكة تيسيرا لاستفادة جميع المواطنين منها.
< الحفاظ على خصوصيات التعليم الأصيل من حيث المواد، والمناهج، والمقررات، والموارد البشرية، والأطر التربوية… وذلك بما يناسب طبيعته، ويحقق أهدافه، مع الاهتمام اللازم بتدريس المواد العلمية، واللغات الأجنبية، والعلوم الإنسانية، واعتماد الوسائل الحديثة الفعالة، والاستفادة من الدعامة الحادية عشرة من الميثاق، المخصصة لتشجيع التفوق، والتجديد، والبحث العلمي…
< هيكلة التعليم التأهيلي الأصيل في خمس شعب متفرعة عن جذعه المشترك الخاص به، وهي :
1- شعبة العلوم الشرعية.
2- شعبة اللغة العربية.
3- شعبة العلوم التجريبية.
4- شعبة التوثيق والمكتبة.
5- شعبة التوجيه والإرشاد.
ب- بالنسبة التعليم العصري (العام والخاص )
فإننا نطالب ب :
< إحداث شعبة للدراسات الإسلامية، في قطب الآداب والإنسانيات من التعليم التأهيلي، تمكن روادها من متابعة دراستهم الجامعية، سواء بكليات جامعة القرويين، أو شعب الدراسات الإسلامية، بكليات الآداب ، والعلوم الإنسانية.
< إدراج مادة التربية الإسلامية ضمن مناهج التعليم في مختلف مستوياته، وجميع شعبه، ورفع حصصها ومعاملاتها، وتصنيفها ضمن خانة المكون الإجباري الأول، وذلك قصد دفع التلاميذ إلى العناية بهذه المادة، وجعل الثقافة الإسلامية، قاسما مشتركا بين جميع أفراد الأمة، وعاملا قويا في تأكيد ما بينهم من وحدة، وتحصينهم من مخاطر التطرف والانحراف .
< إضفاء الطابع الإسلامي على جميع المواد الدراسية، اسما ، ومنهاجا، ومقررات، وطريقة تدريس، واستبعاد كل ما يتنافى وقيم ديننا الإسلامي الحنيف، وذلك تفعيلا للمبادئ الأساسية، والمرتكزات الكبرى، التي ينص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مما يقتضي -مثلا – جعل قطب الفنون والرياضة مجرد شعبة في قطب الآداب والإنسانيات، وتقييد الفلسفة بالصفة الإسلامية أو تسميتها بالفكر الإسلامي … ونحو ذلك.
ج- بالنسبة لمادة اللغة العربية :
فإننا نطالب ب :
< الحرص على جعل اللغة العربية هي لغة التعليم وتلقين المواد الدراسية، في جميع المراحل ومختلف التخصصات باعتبار أنها اللغة الرسمية – كما ينص على ذلك دستور المملكة – وباعتبار أنها لغة القرآن والسنة وهما أساس دين الأمة وهويتها الإسلامية.
< جعل مادة اللغة العربية مادة إجبارية في جميع الشعب والتخصصات، ورفع حصصها ومعاملاتها بما يفوق حصص ومعاملات اللغات الأجنبية، وتصنيفها ضمن المكون الإجباري الأول، وذلك حتى تتبوأ مكانتها اللائقة بها كلغة وطنية أولى.
ونحن إذ نتقدم لسيادتكم معالي الوزير بالمطالب السابقة، فإننا لعلى يقين بأنكم ستحرصون كل الحرص على تنفيذها بما نلمس فيكم من روح وطنية، وتقدير للمسؤولية، وحرص على خدمة المصلحة العامة، تحت القيادة السامية لمولانا أمير المؤمنين دام له العز والتمكين،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وحرر في : يوم الجمعة 1 ربيع الأول 1422هـ الموافق لـ25 ماي 2001م
التوقيعات :
> عن رابطة علماء المغرب.
> عن جمعية العلماء قدماء جامعة القرويين.
> عن جمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية.
> عن جمعية خريجي كلية الشريعة.
> عن جمعية خريجي الدراسات الإسلامية العليا.
> عن جمعية قدماء التعليم الأصيل.