على هامش اليوم الوطني للطفل


الطفولة : هي تلك المدة الزمنية التي يفارق فيها الطفل حضن أمه، ويلتحق بأترابه بعد تعلم المشي والكلام، أو بعبارة أخرى، حين يصبح الطفل قادرا على الاختلاط بغيره من الأطفال والتأقلم مع العالم المحيط به تبدأ هذه الفترة وتمتد حتى بلوغه سن الحلم أو الرشد.

فهذه الفترة الحرجة من حياة كل طفل وطفلة، هي ما نطلق عليه “الطفولة”، وهنا لابد لنا من وقفة تأملية، لنحدد العوامل التي تؤثر سلبا أو إيجابا في نشأة هذا الطفل أو ذلك . إذ لابد أن نعي أشكال التأثير التي تؤثر على الطفل، بحيث يكون شديد التأثر بأبيه وأمه في بداية حياته، ولكن حين يخرج من البيت فهو شديد التأثر بأترابه وأقرانه، وعلى أي في هذه المدة تكون التربية الأسرية والمدرسية في تنشئته وتوعيته وإعداده ليصبح رجلا فاعلا في مجتمعه هي المحور .

ومن الأسباب التي عملت على تدهور وضعية الطفل المغربي نذكر على سبيل المثال لا الحصر :

- غياب التربية الأسرية بحيث أن الأم تعمل، والأب يعمل ، والأطفال  ضائعون بين مربية وروض وحضانة أو خادمة أو شارع إلخ…

- غياب تربية مدرسية ناجعة اللهم من ثقل في البرامج وعدم وضوح رؤية تعليمية، تعطي لهذا الطفل ذلك الرصيد المعرفي المنتظم الذي يلج به >المغاربة< أسلاك الوظيفة العمومية.

- غياب استراتيجية واضحة من طرف الحكومة المغربية للقضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال، قبل تلقيهم الدروس الأولى الضرورية لمحو الأمية ولو قسراً.

عندما قرأنا كتاب “في الطفولة” لعبد المجيد بن جلون، استرعى انتباهي في ذلك الوقت، كيف أن الكاتب عبد المجيد بن جلون استطاع بأسلوبه المنفاذ والسلس أن يفرز لنا سيرة ذاتية عن طفولته هو بين بيوت وأحياء المدينة القديمة لفاس وبعدها الدار البيضاء ومنها إلى أنجلترا. وكيف خرج بهذه السيرة إلى حيز الوجود. كل هذا ينم عن فكر عربي أصيل كان يتمتع به الكاتب عبد المجيد بنجلون.

خلاصة القول أن “في الطفولة ” ككتاب دُرِّسَ في مادة (المؤلفات) وكانت نصوص منه تدرس في النصوص الأدبية، هذه الطريقة في التدريس التي كانت في الماضي، رسخت لدينا فكرة عن طفولتنا وشبابنا نحن، ومن ثم، أخذنا نعتبر أن الطفل له أهمية قصوى في تركيبة المجتمع، لأنه قيل لنا يوما في دراسة مادة الفلسفة >الطفل أب للرجل< حلل وناقش فهذا الطفل يُعَدُّ لبنة مستقبلية لهذا المجتمع فإذا حَسُنَت هذه اللبنة وأُعطيت الرعاية التامة، ستصبح دون شك، عنصرا فعالا في المجتمع وأما إذا أحدث العكس، لا قدر الله، فالنتيجة ستكون عكسية أيضا.

فطفل حرص والداه على تربيته وتنشئته تنشئة مبنية على أصول الدين الإسلامي الحنيف، لا شك أنه سيكون صالحا لنفسه ولمجتمعه.

غير أن الطفل الذي نتحدث عنه اليوم، لا يعدو أن يمر من هذه المرحلة مرور الكرام، دون أن  تُصْقَل مواهبه التي قد تفرز لنا في المستقبل رجلا سنكون أحوج إليه من أي وقت مضى في ميدان من ميادين التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصناعية…إلخ لذلك كان لزاما علينا نحن الآباء والأمهات والفاعلون الاجتماعيون من جمعيات ومؤسسات خيرية ومنظمات، أن نعطي اهتماما أكثر فأكثر لهذا العنصر، الذي أصبح عرضة للضياع والتشرد وأنهكته تقلبات الدهر، وأصبح كهلا قبل الوقت المحدد له : إذ أن الطفل بحكم صغره نستطيع أن نرسخ فيه المبادئ والأخلاق والفضيلة، حتى لا نفاجأ يوما ما بإنسان همجي لا يتفق ومتطلبات المجتمع.

فعلى المجتمع إذا أراد أن يكون أعضاؤه -مستقبلا- عَنَاصِرَ فاعلين يؤدُّون واجبهم ويأخذون حقوقهم، فعليه أن يعمل على خلق مجتمع أخلاقي. فالطفل هو النواة التي تبذرها الأسرة ويرعاها المجتمع بالتعليم والتهذيب، وصقل المواهب. فالعنصر الفاعل في المجتمع هو الذي يعطي لمجتمعه وبلدهصورة مشرقة، عَمَّا وصَل إليه هذا المجتمع.

فأقل ما يجب أن نفكر فيه هم فلذات أكبادنا لأنهم عماد المستقبل. ويجب أن نضحي من أجلهم، ونبذل كل الجهد من أجل إسعادهم، والذوذ عن حقوقهم.

وقد قيل قديما >غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكلون<

-  الجلاب حميد

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>