خطبة منبرية: “الصهيونيةُ عقيدةٌ دينيةٌ”


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره… {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(الأحزاب 70-71/) صدق الله العظيم.

أما بعد : أخي المسلم فإن القضية الفلسطينية دَيْنٌ في عنقنا حاكمين ومحكومين… فماذا قدمنا لفلسطين؟ والشعبُ الفلسطيني المسلم يستغيث، فهل من مغيث؟! ولماذا انهزمنا؟

الجواب : انهزمنا لسبب واحد جوهري لا ثاني له… انهزمنا لأننا أخرجنا الإسلام من المعركة وفرطنا فيه وأقصيناه… ودخلنا المعركة باسم القومية العربية مرة وباسم الديمقراطية مرة… وباسم مسلسل السلام والسِّلم والانفتاح والحوار والتقدمية والدعاية السياسية مرة أخرى…

دخلنا المعركة بشعارات خاويةٍ جوفاء… فكانت الهزيمةُ نكراء…

أخي المسلم : عندما كنا نجاهد باسم الإسلام قامت >الأندلس< في أقصى الغرب، وقامت بخارى وسمرقند في أقصى الشرق…

وعندما أصبحنا نناضل باسم القومية والديمقراطية العلمانية والشعارات الخاوية والحلول المستوردة من الخارج قامت >دولة إسرائيل< في قلب الوطن العربي المستباح… وقامت حربُ الخليج لإذلالهم وإخضاعهم لسلطان إسرائيل بل لاستعبادهم واسترقاقهم لأسيادهم اليهود!؟… انهزمنا لأن قادة العرب قالوا >قضية  فلسطين قضية عربية لا إسلامية والهدف هو : إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية علمانية…<

دولة علمانية أي : لا دينية … أي : لا تحكم بالشريعة الإسلامية… بل تحكم بالديمقراطية العلمانية!؟

{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم، والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم   ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم، أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها   ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم   }(محمد : 8- 12)

- أخي المسلم : هيا معي نقرأ سطوراً قليلة من تاريخنا الأسود : >… بعد استقالة المرحوم الأستاذ أحمد الشقيري، الرئيس السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال دورتها الرابعة المنعقدة في القاهرة سنة 1968م ، أعلنت التشكيلة الجديدةُ للجنة التنفيذية برئاسة ياسر عرفات في دورتها الخامسة المنعقدة بالقاهرة في 1-2-3-4/فبراير/1969م أن هدف المنظمة هو إقامة الدولة الديمقراطية العلمانية على أرض فلسطين…< (مجلة >فلسطين الثورة< القبرصية عدد 649 في 25/4/7987 ص 14. بإحالة من كتاب : >بنو إسرائيل في عصر الانحطاط العربي للدكتور ادريس  الكتاني ص 102-115

- وجاء في مجلتهم  الرسمية >فلسطين الثورة< بتاريخ 11-7-1987 : >… للفلسطينيين من حوافز النضال ما يغنيهم عن الحافز الديني…<

- أخي المسلم : انهزمنا بسبب هذه القرارات الخائنة وبسبب هذه الردة الصريحة !؟

وانتصر اليهود علينا لأنهم يحاربوننا باسم الدين اليهودي المحرَّف… وباسم الدين فقط

- أخي المسلم : الصهيونيةُ عقيدةٌ دينية اليهودية والصهيونية كلمتان مترادفتان ، ومن شك في هذا فليرجع إلى العهد القديم كي يقرأ بعينيه هذه الحقائق …

وقبل هذا سمّاهم القرآن الكريم >اليهود< {لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا}(المائدة : 84)

-اليهودية والصهيونية سيان في خطاب القرآن …

الصهيونية دعوة دينية مائة في المائة…

وفلسطين قضية دينية بالنسبة لليهودية

وهي أهم من مكة بالنسبة للمسلمين الجاهلين الغافلين؟َ

- إن بعض الجهلاء أو العملاء يقولون : إن الصهيونية نزعة سياسية وليست عقيدة دينية!!! وهم يُشيعون هذه الأكاذيب في الأمة، ويسمِّمون الفكر العربي والإسلامي، ويُشيعون أكبر خدعة في التاريخ العالمي وهي أن الصهيونية شيء واليهودية شيء آخر!!! وعداؤنا للصهيونية لا لليهودية! هكذا يقولون… ويدلسون…

-وهذا كذب مفضوح ومكشوف… وتزوير على التاريخ، إن الإصحاحات والأسفار والصحائف المقدسة… عند اليهود تجعل العودة لفلسطين دينا… وتجعل التشبت بها عقيدة… وتجعل القتال من أجلها عبادة وتضحية؟!

- لقد بلغ من التوسع في المكانة الدينية لفلسطين عند اليهود أن حزقيال (في سفره من العهد القديم /الإصحاح الأربعون) يجيء بقصبة   ويقول لليهود : يُبنى الهيكل  على النحو الآتي :

ثلاث قصبات وتبنى بناء، سبع قصبات وتبنى مذبحا !!! وهكذا  في صفحتين وضع التصميم الهندسي للهيكل…

- ونقول للجهلاء أو العملاء من المسلمين والعرب أين يُبنى الهيكل؟؟

- الجواب بداهةً يقوم الهيكل ويبننى على أنقاض المسجد الأقصى بالقدس في فلسطين

- جاء في سفر أشعياء (الإصحاح التاسع والأربعون والإصحاح الستون قال أشعياء: >…لُبنان ستصدر اللبان (من اللَّبن … لنساء إسرائىل عندما تقام، والعالم كله سيرسل ذهبه وفضته لمملكة يهوه التي يحكم بنو إسرائيل العالم منها …<الإصحاح 60/.

وقال لهم أيضا : >…إذا كانت الأم تترك رضيعها فإن الرب لا يترك إسرائيل، غضب عليكم قليلا لكنه سيعيدكم إليه إلى أرض إسرائيل!!!<الإصحاح49/

-أخي المسلم : هذا كلامٌ يُتلى عند اليهود على أنه وحي، هذه عقيدةٌ دينية عند اليهود …

- كتب >وَايْزمن< في مذكراته السياسية يقول : >إن اللورد بلفور ، ولويد جورج، وغيرَهما من قادة انجلترا أعطوني الوعد بمشاعر دينية!!!<

أخي المسلم : القول بأن إسرائيل دولة علمانية أو دولة امبريالية… قول ساقط، والحقيقة الكبرى أن إسرائيل دولة دينية، والأساس عندها أن اليهودية وحدها هي الدين، وأن اليهود هم شعب الله المختار وأحق الناس بحكم العالم …

- فهناك حاخامات  يهودية  مسؤولة عن تربية الجيل الصاعد وحاخامات مسؤولة عن تربية الجيش الإسرائيلي على أن الدين هو السلاح الأول عند اليهود …

والذي يصدر الأمر بالقتال هو الحاخام الأكبر بوصف أن الدولة دينية والحرب دينية!!!

-والقادة العرب يريدون  إقامة دولة  فلسطينية ديمقراطية علمانية لا دينية!؟

لهذا السبب وحده انهزمنا… ولهذا السبب وحده انتصر اليهود…

- الدين المحرَّف المزور لا يواجه إلا بالدين الصحيح النزيه السليم…

{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر : 9)

- والحديد لا يغل إلا بالحديد… أما الصف العربي فعن طريق العمالة أو عن طريق الجهالة قرر سحب الإسلام بعيدا عن القضية!؟

- والمجتمع العربي من زمن بعيد والجهل فيه يتقدم، والعلم فيه يتأخر… إذا مشى >فنان خائن مائع فاجر فاسق… < في الشارع احتفى به الجمهور وصفق له الشعب الجاهل الغافل…

وإذا مشى عالم رباني أو فقيه مجاهد أو أستاذ باحث مربي أوصالح مصلح… أنكره الناس!! من يعرفه؟؟ لاأحد يعرفه!!!

-زمرة من التافهين المقلوبين باسم الفن والسياسة يضحكون  على الدين ونحن نضحك لهم ومعهم غافلين تائهين جاهلين!؟ لأن الحس الديني والشعور الايماني تبلد فينا وتجمد في عروقنا…

يالها من غفلة طامة وشامتة!!!

- أخي المسلم : نقول للعالمانيين اللادينيين من العرب – هل من التقدم أن تطلق الدين وأن تبتعد عنه ؟

- فاليهود  لم يطلقوا دينهم … بل قالت >گولدامايير< سنة 1967 : >لقد نصرنا السبت فنصرنا السبت<، تقصد أن أجدادهم لم يحترموا شعائر دينهم، فكان ما كان قال الله تعالى >واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم كذالك نبلوهم بما كانوا يفسقون< الأعراف 163/

إن دين اليهود يقول : العمل يوم السبت لا يجوز… وإيقاد النار يوم السبت لا يجوز… ولذلك لما ذهب>بن غوريون لتشييع جنازة >تشرشل< وافق ذلك يوم السبت، وكانت المسافة بين البيت والمقبرة آلاف الأمتار، فقرر المشيعون ركوب السيارات

- أما >بن غوريون< فقرر المشي على قدميه… لماذا ؟

لأن إيقاد النار لا يجوز في البيت، وتحريك السيارة فيه إيقاد للنار !! هكذا يحترمون دينهم فيمشون هذه المسافة وهم في السبعين والثمانين من العمر !!!

- لقد نشأت عن العقيدة اليهودية الوحدة الإسرائيلية ، واليهود في العالم اتفقوا جميعا… اليهودي الروسي في نظام شيوعي اتفق مع اليهودي الأمريكي في نظام رأسمالي مع اليهودي الفرنسي مع اليهودي اليمني مع اليهودي المصري مع اليهودي المغربي… اتفقوا جميعا على أنْ يُقيموا دولة إسرائيل الدينية بالدم والمال والعرق والجهد … والدين عندهم فوق كل اعتبار!؟

أخي المسلم لا بد من إعادة العقيدة إلى المقاتل العربي ولو أن الاسلام دخل المعركة ما وصلت اسرائيل إلى ماوصلت إليه أبدا  ففي معركة الجزائر مع الفرنسيين كان الثوار الجزائريون يسمون صحيفتهم >الجهاد< وكان قائد الجهاد الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي قال : شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب.

- إن عزل العقيدة الإسلامية عن المعركة جريمة … ومحاولة تجميع العرب بعيدا عن الدين الإسلامي مهزلة، بل خيانة وردة.

اخي المسلم أما آن للأمة الأسلامية أن تعود إلى رشدها وأن تفيق من غيبوبتها {ألا إن نصر الله قريب}( البقرة : 212).

أخي المسلم اما آن للامة الاسلامية ان تقول كذلك

>نصرنا الجمعة فنصرتنا الجمعة<

فالسبت لا يواجه الا بالجمعة…

والدين الزائف البهرج المحرف لا يواجه الا بالدين الصحيح النزيه السليم والحديد لا يفل الا بالحديد.

>وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين<

ذ. بنيونس الوالي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>