“الوقفة التوجيهية” : مع ذكرى المولد النبوي الشريف


لا جرم أن المسلمين في جميع ربوع العالم الإسلامي على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ليدركون تمام الإدراك ويقدرون أجل التقدير نعمة ميلاد مولانا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الوجود، وذكرى هذا الميلاد على مر السنين والأعوام، لأنه كان -ولا شك- بمثابة طلوع الشمس في أعقاب ليل بهيم، وإيذانا بفجر صبح منير.

ولعل أكبر شاهد على ذلك الإدراك والتقدير الكبيرين الأشكال الاحتفالية التي تقام بهذه المناسبة عادة في المساجد والزوايا والمدارس العلمية العتيقة والمؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية… فضلا عما ينشر من الأعمال العلمية المستقلة، والإنتاجات الأدبية بنثرها وشعرها…

نعم، كل ذلك وغيره يناسب مقام الذكرى وصاحبها وزيادة، وهو أحق بكل ذلك وأهله، فعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. لكن، ترى هل هي الوقفة الوجيهة التي تليق حقا بذكرى المولد النبوي الشريف ؟!

في نظري، إن ما ينبغي -زيادة على ذلك- أن تكون عليه الوقفة المعبرة عن التقدير والاهتمام الحقيقيين لتصير وقفة وجيهة مع هذه الذكرى هو ما يلي:

- العناية بسيرة المصطفى سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، والانكباب على قراءتها، مدارسة لحياته، بدءا من ميلاده صلى الله عليه وسلم، ومرورا ببعثته ومراحل دعوته، وانتهاء بانتقاله إلى جوار ربه.

- تثبيت الوعي التصوري بموازاة مع الجانب الشعوري الوجداني بأهمية هذه السيرة المطهرة، وعلاقتها بالدين، بعيدا عن التصور القصصي والتاريخي عبر كل الوسائل الممكنة لذلك.

-تمثل قيم وأخلاق مولانا رسول الله والتأسي به امتثالا لأمر الله تعالى وإحياء لسيرته بيننا، واقتفاء ليس بذكرى مولده فحسب، بل ببعثته ومواقفه ووفاته.

-تحفيز الناشئة من المتمدرسين على الاهتمام بحياة سيدنا محمد  ومطالعة سيرته بغية المعرفة والالتزام معا، انطلاقا من تنظيم مسابقات ثقافية كالتي تقام في المؤسسات العلمية والتعليمية، أو استغلال وسائل الإعلام سواء المسموع منها والمكتوب والمرئي..

-تجديد الكتابات والتآليف في سيرة رسول الله  امتدادا لجهود السابقين رضوان الله عليهم، ومعالجة ذلك بالصورة والأسلوب الذي ييسر الفهم ويحبب للنفوس سماعها وقراءتها والاقتداء بها.

بهذا واشباهه يستقيم معنى الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف وإلا فكيف يحلو لنا ان نردد قول الله عز وجل {لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة}. الأحزاب 21 وهو دعوة صريحة من الخالق جل وعلا إلى المومنين للاقتداء به  في الأقوال والأفعال والحركات والسكنات، وفي كل أطوار الحياة حتى ما بعد الممات، كتلقين الشهادة والغسل والكفن والصلاة والحمل والدفن.

وكيف يحلو لنا أن نعتز بانتسابنا إلى ملة سيدنا محمد ، ونصنف أنفسنا في (الأمة المحمدية) مع أن حق الانتساب أو النسب له واجباته ولوازمه بل كيف يحلو لنا أن ندعي بأننا (خير أمة أخرجت للناس) بفضل وجود مولانا رسول الله  على رأسها وهو نبيها ورسولها خاتم النبيئين وإمام المرسلين!!

كيف يحلو لنا كل هذا وسيرة المصطفى يطالها الجهل بيننا، وأخلاقه تغيب فينا !!مع أن الواجب بل أوجب الواجب أن تكون هذه السيرة بمضامينها ووقائعها وحِكَمِها وعِبَرها وعِظَاتها أولى بالقراءة والتدريس والفقه والامتثال، لشدة ارتباطها بديننا الإسلامي الحنيف، بل هي الشرح العلمي التطبيقي لتعاليمه النظرية المثلى.

إبراهيم إيمونن

المولد النبوي الشريف

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>