وطننا المستباح : صحف الجنس والإثارة تهجم على مقدسات الأمة رغم أنف القانون المغربي


إذا ما استقرأنا الطبيعة البشرية وأحكام الأديان السماوية والنتائج العلمية، نخلص إلى القول باستنكارها لكل سلوك يمس بالعرض والأخلاق، مما جعل هذا النوع من الجرائم مستهجنا ومرفوضا خضوعا للأوامر السماوية وتأثرا بالوازع الاجتماعي والحس الإنساني، ويدخل ضمن هذا النوع من الجرائم إلى جانب التحريض على الفساد، جرائم الإخلال بالآداب العامة وأعمال الوساطة والاتجار والمساعدة على ارتكابها والإخلال العلني بالحياء.. الخ. مما يجعلنا نتساءل عن الوضعية التشريعية لهذه السلوكات من جهة، ومدى احترام القواعد القانونية المتعلقة بهذا المجال داخل المجتمع.

جرائم الفساد في القانون المغربي والمواثيق الدولية

اختلفت التشريعات الوضعية في التعاطي مع جرائم الفساد عموما، مما جعل الاتفاقيات الدولية تركز على المتفق عليه دوليا للعقابعليه ومكافحته، وقد صادق المغرب بظهير في غشت 1974 على الاتفاقية الدولية المؤرخة في 21 مارس 1950 والتي نصت في الفقرة الأولى من مادتها الأولى على ما يلي : “تتفق الأطراف في هذه الاتفاقية على معاقبة كل شخص يقوم بما يلي قصد إرضاء شهوات الغير :  إن استخدام شخص آخر أو دفعه أو التغرير به من أجل البغاء ولو كان هذا الشخص موافقا على ذلك” وتنفيداً لذلك نصت المادة 500 من القانون الجنائي المغربي على ما يلي : “يحكم بالعقوبات المنصوص عليها في الفصول 497 إلى 499 ولو كانت بعض الأفعال المكونة لعناصر الجريمة قد ارتكبت خارج المملكة” وهو نفس ما جاء في المادة 63 من قانون الصحافة، هذا الأخير تعرض لتوزيع وترويج المطبوعات والمكتوبات والرسوم والإعلانات والمنقوشات واللوحات الزيتية والأفلام والصور الخليعة.. وكل الأشياء المنافية للآداب والأخلاق وكذا كل من ساعد على ماذكر.

كل هذه النصوص وغيرها، يدل دلالة واضحة عما سلف ذكره من رد الفعل الاجتماعي القوي اتجاه جرائم العرض، ومن تم كل الوسائل المؤدية إليها كالتحريض مثلا، والمواد المتعلقة بجرائم الفساد بما فيها م 497 المتعلقة بالتحريض تعتبر من النظام العام لارتباطها بمصالح عليا للمجتمع، وورودها ضمن نصوص القانون الجنائي والذي من المفروض أن يكون درعا حصينا لحماية المجتمع والضرب على أيدي المجرمين، لأن المس بقواعد النظام العام اعتداءٌ على المصالح العليا داخل البلد، مما يستدعي التدخل التلقائي بجهاز القضاء لتحقيق الهدف الذي وضع من أجله القانون والمتمثل في نشر الطمأنينة والاستقرار داخل المجتمع، هذا الأخير يعد محكا أساسيا تقاس به فعالية القاعدة القانونيةوجهاز القضاء معا، ومن تم  يحق التساؤل عن مدى احترام القواعد السالفة داخله.

الإعلام والخرق العلني لهذه النصوص والمواثيق

ودون الدخول في مناقشة المواد والمواثيق المرتبطة بهذا الموضوع، ومدى موافقتها لأسس المجتمع المغربي وطموحات شعبه المسلم، يمكن أن نقف على انحرافات فردية وجماعية تضرب عرض الحائط المنظومة القانونية هاته، فهي تحرص بشكل أو بآخر على ممارسة الفاحشة وتستفز الجانب الجنسي في الإنسان، فالناظر مثلا إلى محلات بيع المجلات والجرائد يجدها مزركشة بالأجساد العارية وكل مظاهر الخلاعة والانحطاط الخلقي وربط كل ذلك بقوة الشخصية والبطولية في المجالات الرياضية والفكرية.. الخ وأكثر من ذلك نجد مقالات تحمل دعوة صريحة إلى ربط علاقات جنسية خارج القانون. وكمثال على ذلك في مجلةمن هذا النوع تصدر بالفرنسية، تساءلت فتاة تبلغ من العمر 16 سنة عن حل لمشكل مفاده أن شابا يراودها عن نفسها فترفض مخافة الفضيحة، فتجيبها المجلة بأن هذا الخوف مؤشر على جهلها لعالم الحب والصداقة وتنصحها بألا تدع هذا الإحساس يسيطر عليها. والأدهى والأمر أن تجد جرائد تعتبر الدعارة مساهمة في تنمية الوضعية الاقتصادية للفرد وتنشيط السياحة ببلادنا متناسية أن حالةمن السيدا قادرة على تدميرالبلاد والعباد لا الاقتصاد فقط. وإذا ما حاولنا جمع هذه الصور : رجال ونساء عراة على الواجهة، مقالات داعية ومشجعة ومحرضة على الزنى.. أفلام ومسرحيات لا علاقة لها بالمجتمع المغربي ولا تراعي مشاعر أبنائه. كل ذلك يجعل المتصفح يعود بذاكرته إلى مرحلة ما قبل القاعدة القانونية، مرحلة المشاعة والانتقام الفردي، كأن هاته الجرائد والمجلات تصدر في دولة أوقل بقعة أرضية لا قانون فيها ينظم الصحافة، ولا قانون يعاقب على جرائم التحريض والتغرير والوساطة في الفساد، وبدون نيابة عامة تحرك وتتابع الدعاوى العمومية، مما يجعل المبادئ العامة المنظمة للمجتمع تضيع في مهب الريح.

خلاصة

وأخيرا، إذا كان القانون صريحا في المعاقبة على كل جرائم الفساد بما فيها التحريض بكل طرقهوأشكاله فإن المصالح الفردية والرغبة في إبادة أمتنا هاته، وامتلاك وسائل العيش فوق القانون، تجعل هذا الأخيرعرضة للاستهتار وعدم الاحترام.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>