ألم قلم : حرمة رمضان يرعاها السلطان


مع بداية شهر رمضان المبارك لهذه السنة، أصدرت السلطات في إحدى الدول الإسلامية بياناً تأمر فيه بوجوب احترام هذا الشهر المبارك وتُحذر من أي تجاوز أو انتهاك لحرمة هذا الشهر سواء من حيث الأكل جهاراً أو من حيث السلوك الخلقي المشين، أو من حيث فتح المقاهي والحانات إلى غير ذلك مما تضمَّنه البيان من توجيه وتحذير لعموم مواطني تلك الدولة.

والمطلع على هذا البيان في ظاهره على الأقل، لا يملك إلا أن ينظر إليه بعين التقدير والإعجاب، خاصة إذا علم أن تعظيم الشعائر في رمضان لم يكن له اعتبار في تلك البلاد قبل سنوات، وخاصة في زمن المد الشيوعي والقومي، إذ كان المغاربة حينما يزورون ذلك البلد في هذا الشهر الكريم يستنكرون ما كان يحدث من تعد لحدود الله وخاصة المجاهرة بالأكل خلال النهار. وهذا يعني أن القرار السياسي له التأثير الكبير والفعّال إذا ما قو رن بتأثير الوعظ والإرشاد، مصداقا للحديث النبوي الشريف : >إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن<.

ومن المفارقات العجيبة أن المغاربة الذين كانوا يستنكرون ماذا كان يحدث في ذلك البلد، بدأوا يستنكرون ما يحدث في بلدهم بالذات، لا من حيث المجاهرة بالإفطار، فالمغاربة -والحمد لله- لم ينتشر فيهم هذا السلوك المشين، ولكن من حيث سلوكات أخرى يمكن أن تعتبر أفظع، ومن بينها :

- السلوك الخلقي المشين الذي نشاهده في الشوارع والطرق الخالية يتناقض وحرمة هذا الشهر الكريم، فإذا كان أبسط تعريف للصوم هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإن ما يحدث بين هؤلاء الشباب والشابات، ليس إطلاقا لعنان شهوة الفرج فحسب، ولكنه تهتك خلقي ونشر للرذيلة وإذاعة للفسوق في بلدٍ عُرف بتمسكه بدينه وبحضارته وبثقافته الإسلامية منذ قرون، وفي شهر الصوم بالذات. والمجاهرة بهذا السلوك لا يعني إلا أن شياطين الإنس وجدت مجال العمل فسيحا في هذا الشهر الفضيل بعد أن صفدت شياطين الجن.

- “السهرات الفنية” التي يغلب عليها هي الأخرى التهتك والمجون، وأحيانا الخلاعة، وهي سهرات تقام باسم شهر رمضان وبمناسبة رمضان، إذ أنها تبتدئ بابتدائه وتنتهي بانتهائه، وكان ليلة القدر المباركة التي أمرنا بالحرص على الظفر بها، لا تتم إلا بالغناء والرقص بالليل، عوض الصلاة والتهجد بالقرآن.

- وما يسيء إلى حرمة هذا الشهر أيضا، وخاصة في أوائله، المفرقعات التي تُفجَّر هنا وهناك والتي تتسبب في حوادث أهمها الإصابة في العين، وإلقاء ذوات الأحمال حملهن، هذا السلوك وإن كان لا يقارب السلوكين السابقين ولا يماثلهما من حيث الفظاعة والتهتك،، فإنه مع ذلك يسبب ازعاجا لشرائح عريضة من المجتمع المغربي.

لذا فإن تدخل الجهات المسؤولة في مثل هذه الحالات يعتبر ضروريا، وأمراً ملحا وذلك بـ :

- اصدار قرارات تمنع السلوك الخلقي المشين بين الذكور والإناث في شهر رمضان أولا، ثم جعله إلزاميا بعد ذلك في سائر الشهور، ومتابعة ذلك واقعيا عن طريق سلطة يعهد لها بذلك.

- منع السهرات الليلية وخاصة الماجنة منها، وتعويضها بسهرات علمية وتعليمية وتثقيفية، وترفيهية ملتزمة.

- منع استيراد المفرقعات ومنع بيعها منعا باتا.

هذا أقل ما تتطلبه حرمة هذا الشهر الفضيل، وإلاّ فإن جهود الوعاظ والمربين ستذهب سدى في شهر القرآن، ما لم يرع حرمته السلطان.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>