وطننا المستباح : مهرجان وليلي 2000 عبث ثقافي


وزير وفلكلور وعبث واغتراب في مهرجان سماه أصحابه : مهرجان وليلي 2000، مهرجان رصد له المال والإعلام، في المقابل وطن مستباح وثقافة مخترقة وشعب محروم، فماذا يريد الوزير من وراء هذا المهرجان؟

وماذا قدم هذا المهرجان للثقافة المغربية الأصيلة؟ أي مساهمة لهذه الثقافة المعروضة في حل مشاكل الوطن؟

يحق لكل مواطن أن يتساءل عن حاجة المغرب في ظرف طابعه الأزمة، إلى وزير يلخص مشروعه الثقافي في إحياء ذكرى الأحجار والأطلال والظواهر البدائية للمواسم، وتحويل الثقافة إلى أوراق وأخشاب داخل المتاحف تسجن معها ميراث الأمة، وزير يريد أن يجعل المؤسسات الحية كمؤسسة القرويين تحفة معطلة بدعوى خدمة الآثار. كيف يفكر مسؤول مناضل جاء في إطار حكومة أزمة في التعامل مع واقعنا الثقافي بهذه الفلكلورية والعقلية السياحية، والشعب المغربي عامة والشباب خاصة يبحثون عن استمرارية مشروعهم الثقافي الإسلامي الذي يستنبط الأفكار ويفعل المؤسسات ويوجه السلوك العام من أجل تجاوز هذه الأزمة، مشروع يعيد للبناء الثقافي توازنه وللمجتمع استقراره الحقيقي.

إن ملايين الدراهم التي يضيعها الجهاز المسؤول في إخراج مختلف الأنشطة الثقافية الهجينة والمستوردة والمنحلة حتى تلك التي تسمي نفسها “روحية عتيقة” أو “دولية عالمية” أو “عصرية حداثية”، كلها لم ترتق بواقعنا شيئاً بل ساهمت في استباحة أصالته وسيادة وطنه ووحدة شخصيته، حيث جعلت المغرب جالية ثقافية مستضعفة تحت وصاية نخبة متغربة متحكمة، كما جعلت الانتماء الحقيقي للعالم الاسلامي ثرثرة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط انتماء بحرياً يجعلنا مشتركين مع الكيان الصهيوني وغرباء عن إخواننا في الأقطار العربية والاسلامية.

هذه الميزانية الضخمة المستباحة، ليست شيئاً أمام الاستباحة الكبرى وهي تفكيك النسيج الثقافي للأمة وميزانها القيمي ومعيارها الحضاري وهوية انتمائها لهذه الشاكلة التي أسسها العلماء العاملون والوطنيون الشرفاء منذ قرون.

إن السيد الوزير ومعه النخبة المثقفة التي فضلت الاغتراب مطالبون بدعم المشروع الثقافي الموحد وعدم استباحته، الشيء الذي لا ينفي الاجتهاد والتجديد والتنوع والتمايز.. وذلك بتحلي كل فاعل في الحقل الثقافي بمضمون الاستقامة وعدم الاعوجاج، وهو المفهوم الذي يحمله مصطلح “الثقافة” ذاته في معجمنا العربي، وبالتالي يحرص هذا الفاعل أن تكون شاكلة عمله إيجابية ونسقه معقولاً وتكون ثورته الثقافية أو تحديثه العقلاني أو حتى سلفيته الأصيلة خادماً للمجتمع محافظاً على قوة توازنه وصلابة جسديته ونزوعه المستمر نحو التحضر بعيداً عن كل سياسات الاستلاب والاستهجان والانحلال.

إننا في حاجة -السيد الوزير المثقف- إلى مشاريع ثقافية تمس المدن الحية بالشباب وليس المدن الراقدة تحت الأرض كوليلي، ونحن في حاجة إلى تشجيع المثقف المحلي وليس استقدام “فنانين” صامتين حتى داخل أوطانهم، ونحن أيضاً في حاجة إلى استهداف الشعب المغربي في عمومه لا نخبة سياحية محدودة تملك الأموال لزيارة وليلي!! ونحن قبل كل هذا في حاجة إلى خدمة ثقافة الوحدة والانتماء الاسلامي وليس استحضار الزمن الروماني والثقافة الرومانية والزعماء الرومان!!

إن مسؤولاً ثقافياً هذه حقيقته لا يمكنه أن يساهم في تنمية البلد ولا ننتظر منه إلا المبادرات الارتجالية القاتلة المميتة التي تفتقد لكل إحساس بالمسؤولية والرسالة الحضارية.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>