القيادة للشعوب الإسلامية مسؤولية ثقيلة جدا، ذلك أن قيادة الشعوب غير الإسلامية تحاسِبُها شعُوبها فقط، إذا كانت تتمتع بالحرية السياسية، أما في الآخرة فلا نجاة لأحد من العقاب الرباني، لأن الكل -قادةً وشعوباً -لمْ يعرف ربّه {وإِذْ يَتَحَاجُّونَ في النَّارِ فَيَقُولُ الضّعَفَاءُ للذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كَنَّا لَكُمْ تَبَعاً فهَلْ أنْتم مُغْنُون عنَّا نَصِيباَ من النَّارِ؟ قالَ الذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُلٌّ فِيهَا إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبَادِ}(غافر : 48).
أما القيادة في الشعوب الإسلامية فهي محاسبة أمام شعوبها -لو تمتَّعَت بالحريّة السياسية- وأمام ربِّها الذي تَدّعِي الإيمان به، وتدّعي الاستسلام والخضوع لحكمه، ولا تَقْبَل من أحَدٍ أن ينصحها بالرجوع إلى شرع الله تعالى حكَماً فصلاً في كل شؤون الحياة،بدعوى أنها أعلم بالدّىن من الناصحين، متناسين تهديد الله تعالى لهذا الصنف من القادة المغرورين الراكبين رؤوسهم بغير علم ولا فهم ولاوعْي بخطورة المسؤولية الملقاة على عاتقهم {فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى على الله كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بغَيْرِ عِلْمٍ}(الأنعام : 144)، بل غير خائفين من أن يكون الله تعالى قد استدرجهم ليصدق عليهم قوله سبحانه : {وجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ ويَوْمَ القِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ وأتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ويَوْمَ القِيَامَةِ هُم منَ المَقْبُوحِينَ}(القصص : 42).
لا يَدْري المرءُ ماهي الأجوبة التي أعدَّها قادتُنا يوم يسألهم الله تعالى عن النقير والقطمير، وعن القضايا الكبرى والصغرى التي تكبِّلُ انطلاقة شعوبهم وتعوقها عن التّعبئة للتقدم ليكون لها ذِكْرٌ في العالمين.
فماذا سيقولون يوم يسألهم الله عز وجل عن :
1) ممارسة التضليل للشعوب، حيث يُسَخِرون مختلف الأبواق الإعلامية لكَيْل المديح للقادة، وإظهارهم بمظهر الأبطال الفاتحين، والحكماء العباقرة الذين لوْلاهم لكانت شعوبهم في خبر كان، فإذا كنتم تعملون لوجه الله تعالى، فالله تعالى يراكم، وهو الذي سيحبِّبُكم لشعوبكم في الملأَىْن العُلوي والسفلي، {إنَّ الذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَانُ وُدّاً}(مريم : 96). هذا إذا كان العمل صالحا ومنطلقاً من إيمان بالله تعالى القوي العزيز الجبار، فكيف إذا كان العمل فاسداً مخرّبا لإيمان الشعوب، ومنطلقا من الخوف من البشر الكافر الذي سُلِّمت إليه الهيمَنة والشرعية بغير حق ولا استحقاق؟؟
فهل أنتم تجتمعون في قممكم لرسم السياسة المستقبلية لصالح شعوبكم دنيا وأخرى، والسعي في رَدِّها إلى ربها ليُعِزَّها وينصرهاَ ويصلحها، أم تجتمعون لتبادل المجاملاتورسم سياسة الالتفاف على نورالله الذي بدأ إنطلاقته الكبرى من أطفال الحجارة ونساء الصمود والتحدي؟؟
2) ممارسة الاستبداد على للشعوب، حيث يضربون حصاراً حديديا على الجهر بحق الشعوب في المطالبة بتسييد الشرع وتحكيمه.
3) ممارسة الاستخفاف بالشعوب، كأن الشعوب الإسلامية تعيش تحت الحجر لسفاهتها، مع أن الله تعالى رَشَّدها يوم حمّلها رسالة الإسلام.
4) ممارسة التهزيم النفسي للشعوب بتخويفها من البشر المالك لأسلحة الدمار والتخريب، كأن هذا البشر متفلِّتٌ من قبضة الله تعالى، وفوق قدرة الله تعالى، وكأن هذه الشعوب لا تعرف ربها الآخِذ بالنواصي والأقدام، والذي جعل من سنته الأزلية الخالدة أن جنده هم الغالبون.
فإذا لم تقدروا أن تكونوا من جند لله الغالبين، فكونوا من عباد الله المنصفين، وأفسحوا الطريق لشعوبكم لتختار من يخوض بها معركة الحياة أو الموت، معركة البقاء بعزة أو الشهادة بكرامة.