من المعلوم شرعا عند كثير من الفقهاء أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يَرِدْ مَنْعٌ وحَظْرٌ، فجميع المشروبات مباحة إلا الخمر وما يَلْحق بها ويُشْبهها في العِلَّةِ والخبث. وجميع المطعومات مباحة، إلا الميتة، والدّم، ولحم الخنزير، وما أُهِلَّ لغير الله به، والمُنْخنِقَة، والمَوْقُوذَة، والمتردِّية، والنطيحة، وأكيلَة السبع. والأصل في ذلك قول الله تعالى : {حُرِّمَتْ عَلَيْكُم المَيْتَةُ والدَّمُ ولَحْمُ الخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ به والمُنْخَنِقَةُ والمَوْقُوذَة والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحَةُ ومَا أكَلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ ومَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بالأزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْق}(المائدة : 3).
فهذه الآية أصل في المحرمات، ولكنها لا تفيد الحصر، فهناك أشياء حُرِّمت بالسُّنّة.
المحرمات بالتفصيل :
1) الميتة : الميتة في الشرع هي : كل حيوان مَاتَ حَتْفَ أنْفِهِ من غَير قَتْلٍ، أو مات مقتولا بغير ذَكَاةٍ شرعية، والحكمة في تحريمها : نجاسَتُها، وانتشار الجراثيم الضارة فيها بسرعة مذهلة. ولذلك كانت الطباع السليمة تعاف لَحْمَها بل تَسْتنْكف أن تَنْظُر إليه، والإسلام يحرم كل خبيث تمُجُّه النفوس، وتأباه الطبائع لما يُحْدِثُه في الأجْسام من ضرر. وهذا لا يَمْنَع من الانتفاع بجِلْدها إذا دُبِغ -على حسب ما ذهب إليه بعض العلماء- اعتماداً على قول رسول الله عندما ماتت شاة لميمونة رضي الله عنها >أَلاَ انْتَفَعْتُم بإهَابِهَا؟ ألاَ ذَبَغْتُمُوه؟ فَإِنَّهُ ذَكَاتُهُ<(أخرجه أحمد عن ابن عباس).
أما العلماء الذين يحرمون الانتفاع بجلد الميتة فيعتمدون على قول رسول الله >لَعَن اللَّه اليَهُود حُرِّمَت عَلَيْهم الشُّحُومُ فجَمَّلوها فَبَاعُوها وأكَلُوا أثمانها<.
2) المقتولة بسبب تُعْتَبَر ميتة أيضا مثل :
أ- الموقودة : وهي التي ضُرِبت بحَجَرْ أو بحديدة، أو بعصاً فماتت قَبْل أن تُذَكَّى تُعتبر ميتة يجري عليها حكم الميتة.
ب- المتردية : وهي الساقطة من جَبَلٍ أو حافَةٍ أو حائط، فماتت بدون ذكاة تعتبر ميتة.
حـ- النطيحة : وهي التي نطحها حيوان آخر من جنسها أو من غير جنسها فماتت بدون ذكاة تعتبر ميتة.
د- ما أكل السبع : هي التي أمسكها السبع أو الضبُع أو الذئب أو الثعلب فقتلها قبل أن تذكى تُعْتبر ميتة.
هـ- المنخنقة : وهي التي الْتَفَّ حول عنقها حَبْلٌ أو غيره فماتت، فإنها تعتبر ميتة.
وهذه المقتولات بالأسباب السابقة إذا أدركها الإنسان قبل أن تموت فذكَّاهَا يجوز أكْلها على مذهب الجمهور شرط أن تتحرك حركة تدل على بقاء الحياة فيها بعد الذبح كتحريك الأرجل، والركض، والتقلب إلى غير ذلك. يتبع…
ذ. أبو بدر