مع الصادقين : سَلَمةُ بنُ هشام المخزومي المهاجر الشهيد


شهد تاريخ الإسلام رجالاً كانوا من عمالقة دعاة الحق والصبر في وجه الطغيان، وكانوا من المسارعين الى الإستجابة لله وللرسول. من هؤلاء العمالقة الفرسان سلمة بن هشام.

1- نسبه :

هو أبو هشام سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، وهو أخو أبي جهل عمرو بن هشام، وابن عم البطل العظيم، سيف الله خالد بن الوليد ].

2- إسلامه :

أسلم سلمة قديماً مع الرعيل الأول، وكان من فضلاء الصحابة، وشاركه في دخول الإسلام في وقت واحد ابن عمه الآخر الوليد بن الوليد بن المغيرة، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وجماعة أراد الله هداهم معاً.

ولما علم أبو جهل بأن أخاه الشَّريف الحسيب النّسيب سلمةَ بن هشام قد أسلم، ثار غضبه، وطفقَ يعذبه، ولم يرع حرمةً ولا قرابة.

3- هجرته إلى الحبشة :

حينما اشتد الإيذاء بسلمة هاجر إلى الحبشة مع رفيقه في دخول الإسلام : أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وبعد حين من الدّهر عاد إلى مكة مع من عادوا، ظناً منهم أن الجو قد صفا للمسلمين، فما كان من مشركي مكة إلا أن هاجموا هؤلاء العائدين المستضعفين، وحبسوهم وأذاقوهم ألوان العذاب وظل سلمة بن هشام في ظلال الحبس وقتا طويلا، حبسه أبو جهل -أخوه، وأجاعه وأعطشه، وعذِّب في الله عز وجل، ومنعه الكفار من الهجرة مع المسلمين من مكة إلى المدينة.

4- دعوة رسول الله  لسلمة : >اللّهم أنْجِ سلمة بن هشام< :

دامت محنة سلمة سنواتٍ، ولكنه ضرب مثلاً في تحدي رغبات الفجرة الكفرة، وصبر على سفَه عشيرته الأقربين، وعلى أذاهم، وحاولوا بكل وسيلة أن يفتتنوه عن ابنه فما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وأغروه بكثير من المغريات فأبى واستعصم، وذكروه  القرابة وحق العشيرة وكرامة القبيلة، فآثر على ذلك أخو ة الإيمان وحق الرحمان.

ولما وصل خبر صبر سلمة رسول الله  أخذ يدعو له ولمن معه من المستضعفين؛ وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله  كان يدعو في قنوته في الصلاة فيقول : >اللهم أنْجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المومنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسنّي يوسف<، أي خذهم أخذاً شديداً، واقهرهم بالجذب الذي يشبه السنوات الشديدة التي أشار إليها القرآن في سورة يوسف بقوله : {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِداد} أي سبع سنين فيها قحط وجدب.

5- ظفره بالشهادة سنة (14هـ) في بلاد الشام:

عندما بويع أبو بكر الصديق ] أخذ يجهز الجيوش لجهاد الروم، وكان سلمة بن هشام ] في اعداد الجيوش المؤمنة، وفي فريق الفرسان الذين انطلقوا إلى بلاد الشام لإعلاء كلمة الله.

خرج سلمة إلى الشام مجاهداً وهو يرجو أن يظفر بالشهادة والتقى الروم في بعض المواقع، ولما كانت موقعة مَرْج الصُّفْرِ، قاتل سلمة قتالاً شديداً، حتى ظفر بالشهادة مع الشهداء يومئذ، وقد كان استشهاده ] في شهر المحرم سنة أربع عشرة من الهجرة في أول خلافة عمر بن الخطاب ].

فرضي الله عن سلمة بن هشام وجعله مع الذين أنعم عليهم، وحشرنا في زمرتهم إنه كريم حليم.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>