لا يكاد يمر أسبوع أو يوم واحد دون أن نسمع عن اندلاع حرب أو تجدد قتال هنا أوهناك ولا يكاد الواحد منا يدير جهاز تلفازه أو مذياعه دون أن يطالعه منظر جحافل من الجيوش في عمر الزهور مُدجَّجين بشتى أنواع الأسلحة حتى لا تكاد ترى منهم سوى اسنانهم البيضاء اللامعة وقد اغبرت وجوهم السوداء.
جل هذه الحروب والنزاعات إذا لم تكن كلها تندلع بطريقة تكاد تكون منظمة سلفاً في الدول الافريقية الأكثر فقراً ومغبة. وذات الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية لتكون الغلبة في نهاية المطاف للمسيحيين سياسيا على الأقل.
وأمر آخر هو أن جل هذه الدول تبحث على ثروات معدنية هائلة لا يعلم مداها إلا الله والغرب.
أما الأسباب التي تقف وراء اندلاع هذه الحروب والنزاعات فهي تافهة في معظمها.. وغالباً ما تكون حول حدود وهمية تتغير بتغير القيادات، وهي حدود قاحلة لا تنبت زرعا ولا تسمن درعاً.
لكن الغرب وحده بعد الله يعلم ما تخبئه تحتها من خيرات وثروات يسيل اللعاب لها!!
لذلك تجده ومنذ مغادرته لهذه الدول والأراضي وبعدما أكلها لحماً ورماها عظماً يابساً.
مثال واحد فقط على مدى الجشع الاستعماري للغرب هو الحروب المدمرة التي تعيش على إيقاعها الجنائز المدمر سيراليون منذ ثماني سنوات بسبب الماس الذي أصبح نقمة على هذا البلد الآمن واغراءاً يسيل لعاب الأثرياء الغربيين الذين أقاموا هناك فيلات وملاهي فاخرة إلى جانب أكواخ أهل البلد الذين يتضررون جوعاً وإملاقا ومسغبة.
تدخل القوات البريطانية مؤخراً -وتحت ضغط اللوبي الاقتصادي المستعيد من ثروات هذا البلد- تدخل لتطهير البلاد وتنظيفها من العناصر الخطيرة وعلى رأسها زعيم المنشقين (فوداي سنكوح) وهو من صنع الآلة الاستعمارية الغربية نفسها تحركه في الوقت المناسب حتى تجد مبرراً للتدخل في شؤون البلاد تحت ذريعة حماية الأمن والاستقرار؟!
هذا الأسلوب الاستعماري السمج أصبح معروفا حتى لدى الأطفال وقد خلُق من كثرة التكرار في الدول المستضعفة خاصة منها الدول الافريقية، فاللوم كل اللوم ليس على هؤلاء المعمرين وإنما على الأنظمة الحاكمة في هذه الدول وقد أصبح الواحد منهم يُلذغ من الجحر مرات عديدة كل يوم حتى مات لديه الإحساس وأصبح شأنه في ذلك شأن الحيتان في البحر.
فمنذ قرون والصياد يغريها بالطُّعم حتى إذا جاءته لم تجده شيئا فوجدت الشباك أمامها، ومع ذلك لم تسْتفد ولم تُفد الأجيال من بعدها حتى تحذر الأمر، وتحيا حياة آمنة زاهدة في الطُّعم المغربي الذي يقودها إلى التّهلكة.
الشعوب الفقيرة في افريقيا وفي غيرها تموت ميتة الحيتان فلا نامت أعين الإنسان.