“مُدَرَاء” :
شاع في المشرق منذ عقود من السنين (ونحن في المغرب على الأثر) استعمال لفظ “مُدَرَاء” جمعا لكلمة “مُدير” بدلا من “مُديرين” فلفظ “مدير” هو إسم الفاعل من “أدار يدير إدارة” ومادته هي “دور” و”أدار” هو فعل مزيد رباعي مهموز، وهو على وزن “أفْعَل” وإسم فاعله “مدير” على وزن “مُفْعل” وهي الصيغة الوحيدة لإسم الفاعل من الفعل المزيد الرباعي المهموز، ولا يجمع إلا جمعا مذكرا سالما يأتي في حالة الرفع على صيغة “مُفْعِلون” ويأتي في غير حالة الرفع على صيغة “مُفْعِلين”.
ولفظ “مُدَراء” جمع تكسير، مفرده “مَادِر” إسم الفاعل من فعل “مَدَر” بفتح الدال ومن فعل “مَدِر” مكسور الدال وكلا الفعلين مجرد ثلاثي. فلفظ “مُدَراء” جمع لـ”مَادِر” مثل “عُقَلاء” جمع “عاقل” و”علماء” جمع “عالم” و”جهلاء” جمع “جاهل” الخ..
- فعل “مَدَر” بفتح الدال معناه كما شرحه “المعجم الوسيط” الذي أخرجه “مجمع اللغة العربية” بالقاهرة وكما هو في (لسان العرب) لابن منظور وفي غيره من أمهات المعاجم : “مَدَر الحَوضَ يمْدُرُه (بضم الدال) مدْرا سدّ خلال حجارته بالمَدَر” (أي الطين اللزِج المتماسك) فإذا اعتبرنا لفظ “مُدَرَاء” جمعا لإسم الفاعل من “مَدَر (المفتوح الدال يكون معنى “مُدَراء” : “المطينون للحوض” وهو معنى بعيد عن المدير وعن الإدارة.
- وفعل “مَدَرِ” بكسر الدال شرحه “المعجم الوسيط” المذكور كما يلي : “مَدَرِ يَمْدَرُ” (ْعلى وزن “لعب يلعب”) ضخُمَ بطنُه وانتفخ جنباه. ومَدِرَ الصَّبِيُّ وغيره تغَوْط في ثيابه. ومَدِرَ : غَلَبَهُ الغَائِطُ فَعَجَزَ عن حَبْسِه “ومَدِرَ الضَّبُعُ : اغْبَرّ جَنْباهُ من المدر فهو أمْدَرُ وهي مَدْرَاء”.
وهذه كلها معان بعيدة كل البعد عن معنى “المدير” وعن مفهوم الإدارة.
فالجهل بتصريف الأوزان هو الذي أوقع في هذا الخطإ الفاحش من طلع على الناس لأول مرة بلفظ “مُدَرَاء” جمعا لـ”مدير” منساقا مع “وزراء” جمع “وزير” و”أمراء” جمع “أمير” ظنا منه أن وزن “مدير” هو وزن “وزير” و”أمير” غير مفرق بين “مُفْعِل” و”فَعيل”.
إعداد : إدريس بن الحسن العلمي