في رحلة سماوية مباركة سما فيها النبي على ظهر البراق إلى قبة السماء حيث سدرة المنتهى، هناك أعطي إمام الأنبياء هدية السماء، عن أنس بن مالك ] قال : >فرضت الصلاة على النبي ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمساً، ثم نودي يا محمد : إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذِه الخمس خمسين<(رواه الترمذي وصححه)، إنها الصلاة المباركة أعزّها الله صلة بالله، تصل هذا الإنسان الضعيف الفاني بسيِّده العظيم الباقي ليستمد منه الحياة والنماء، فيعيش في دفْء الأنس بالله، والقرب من سيده ومولاه.
إنها الحمام الروحي الذي يطهر المسلم من الأوساخ والأدران، قال رسول الله : >أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمسَ مرات، هل يبقى من درنه -يعني وسخه- شيء قالوا : لا يبقى من درنه شيء، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا<(متفق عليه).
إنها حصنالمسلم الحصين الذي يلجأ إليه ليعيش في حفظ الله ورعايته قال نبي الله : >من صلى الصبح فهو في ذمة الله -أي في حفظ الله- فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله من ذمته بشيء<(رواه مسلم)، والذي يقبل على بيت الله ليؤدي فريضة من فرائض الله، فإن الله يكرمه بضيافة مباركة في روضات الجنان فيطعمه من الأرزاق والأقوات، ويسقيه من الأنهار وعيون الجنان، قال رسول الله : >من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً -أي ضيافة- كلما غدا أو راح<(متفق عليه)، وليس هذا فحسب بل يفيض عليه من أنواره ورحماته، وهدايته فيجعله على نور تام يوم يشقى الناس في الظلام، قال رسول الله : >بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة<(رواه الترمذي).
أخي المسلم إنها العلامة الدالة على صدق الإيمان، وعلى وجود إشراقته في قلب الإنسان، قال النبي : >إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجدفاشهدوا له بالإيمان، قال الله عز وجل : {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر}<(رواه الترمذي وحسنه).
إنها مساجد الله الواحة الظليلة وسط صحراء الحياة، ومهبطٌ للرحمات والنفحات، لا ينبغي لمسلم أن يحرم نفسه الدخُول إلى بحبوحة النعيم فيها، عن أبي هريرة ] أن رجلاً أعمى أتى النبي فقال : يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال له : >هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال : نعم، قال : فأجب<(رواه مسلم).
ويا خيبة من ابتعد عن بيت الله، فإنه يصير ضحية للشيطان عدوّ الله قال النبي : >ما من ثلاثة في قرية ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية -أي الشاة البعيدة عن الغنم-<(رواه أبو داود بإسناد حسن).
فهنيئاً لمن استجاب لأمر الإله فأقبل عليه بالصلاة، قال الله تعالى : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}(البقرة : 238).