.. زعموا أن أحد الضرفاء تنبه يوما وهو جالس في مقهى أن هاتفه المحمول قد سُرق منه، فاغتم لذلك كثيراً خاصة وأن سرقة لبيب مثله قد تجر عليه كثيراً من اللَّمز والسخرية من طرف الزملاء وهو لا يطيق ذلك، فعمد إلى هاتف صديقه الجالس أمامه وأخذ بتكوين رقم هاتفه المسروق أمام ذهول واستغراب أصدقائه، وما هي إلا لحظات وجيزة حتى رن جرس الهاتف في جيب شاب كان يجلس على الطاولة المجاورة. فذهب صاحبنا إلىه واستعاد هاتفه المسروق بكل أدب ولباقة دون أن يُحرج السارق الغبي الذي نَسي أو لربما لم يعرف كيف يوقف تشغيل الهاتف عند سرقته.
وسواء أن صدقت هذه الواقعة أم لم تصدق فهي تُظهر إحدى ميزات الهاتف المحمول (الموبايل) والذي بفضله استطاع صاحبنا ونستطيع نحن أيضا أن نضبط اللصوص بل وحتى التحدث إليهم والتفاوض معهم في كثير من الأحيان..
وأنا أتأمل هذه الواقعة، تمنيت من كل أعماقي لو كان بالإمكان القيام بوضع رموز وأرقام لكل ممتلكات الأمة وخزائنها ومصالحها بحيث نستطيع عند فقدانها أن نُكوِّن الرقم أو الرمز ليرن المسروق في جيوب أو خزائن اللصوص الكبار تماماً كما رن جرس الهاتف المسروق في جيب اللّص الهاوي..
لو تحققت هذه الأمنية -وما ذلك على الله بعزيز- لصُمّت الآذان النضيفة من كثرة الرنّات المتتابعة بدون انقطاع لفترة قد تكون طويلة في البداية على الأقل.
لو تحقق ذلك لعرفت الأمة من سرق أرزاقها واستنزف ثرواتها التي حباها الله بها..
لو تحقق ذلك لعرف الفلاحون الصغار أين ذهبت أموالهم التي وضعت رهن إشارتهم في خزائن القرض الفلاحي للنهوض بفلاحتهم وتطويرها لظمان الأمن الغذائي للأمة؟!
لو تحقق ذلك لعرف تلامذة البوادي الفقراء من أفرغ مطاعمهم المدرسية من المساعدات الغذائية الآتية من منظمات عالمية لإطعامهم؟!
لو تحقق ذلك لعرف البحّارة الصغار من هرَّبأسماكهم وأفقر بحارهم؟!
ولعرف البحر من سرق رماله الذهبية حتى من تحت الماء..
ولعرف المتقاعدون والمتقاعدات الشيوخ من أفرغ صناديق التّقاعد التي أفنوا حياتهم في ملئها..
لو.. ولو… تفتح عمل الشيطان.
أعاذنا الله وإىاكم من شياطين الإنس والجن آمين وكل رنة وأنتم بألف موبايل!!