خطورة الخطة على المرأة والأسرة  والمجتمع


ما زال الجدل قائما حول خطة إدماج المرأة في التنمية ومازالت الهوة تتسع بين فرقاء النزاع. وما زال الناس ينتظرون الحسم فيها بطريق أو بآخر. ومازال أنصارها يلمعون وجهها بمختلف المساحق وبآخر موضة منها للفت الأنظار إليها وحشد التاييد لها داخليا وخارجيا ومازالت صحافتهم وأقلامهم تحلل وتعلق وتناقش وتدافع وتحاول جاهدة إقناع الناس بجمال خطتهم وحسن اختيارهم، وشدة بأسهم وجرأتهم على مهاجمة القوانين الشرعية ونزع الحصانة عنها وتقديمها للمحاكمة العلنية بين الحينة والأخرى في شكل دعاوى مرة ضد التعدد، ومرة ضد الطلاق.

ومازال جميعهم ينظرون إلى قضية الخطة من زاوية منحرفة وبعين واحدة كليلة وعليلة يُعْشيها النور بضيائه، وما يزالون يرفضون فتح أعينهم وعقولهم وقلوبهم على أهداف الخطة الحقيقية وأبعادها الخفية وآثارها الآنية والمستقبلية. إنهم لو فعلوا ذلك وفكروا أو استمعوا إلى صوت الحق إذا لم يفقهوا، إنهم لو فعلوا ذلك أو بعضا منه لأدركوا هول الكارثة التي يسعون إليها أو يُدفعون لها ويساقون إليها سوق البهائم وهم لا يشعرون.

لو كان لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها أو فراسة ينظرون بها لرأوا مصائب وأهوالا وشرا مستطيرا تحمله إليهم الخطة المشؤومة.

فالخطة زيادة على مخالفتها لمبادئ الشريعة الإسلامية وانتهاكها لحقوق الإنسان في الطلاق والزواج واعتداء على ملكيته الشخصية وأمواله الخاصة بإعطاء الزوجة نصفها فإنها زيادة على ذلك تشكل خطرا على المرأة والأسرة والأمة. وتهديدا لأمن المغرب واستقراره، وعائقا لنموه الاقتصادي والديمغرافي، وعاملا على إضعافه وهرمه وحرمانه من طاقاته الشابة في المستقبل وإلحاقه بالدول الشائخة.

خطورة الخطة على المرأة نفسها :

إن الخطة من شأنها إذا طبقت وخاصة البند المتعلق باقتسام الثروة عند الطلاق فإن من شأنها أن تحد من الإقبال على الزواج، وتشجع على العزوبة، وتزهد في الحياة الزوجية وتنفر منها وتغري بالفساد. وتدفع الرجال أكثر فأكثر إلى الاستغناء بالحرام الميسور عن الحلال الباهض التكاليف المحفوف بالمخاطر والمجهول العواقب، ولن تجد أحداً يراهن على امرأة صالحة لا تتربص به وبماله الدوائر، ولن يقبل المخاطرة بنصف ثروته ووضعها في كف عفريت يطير بها متى شاء، ويدعه يتجرع وحده الحسرة والمرارة يردد مع الشاعر قوله:

ندمت ندامة لو أن نفسي

تطاوعني إذاً لقتلت نفسي

ولربما يشتد به الندم ويعميه الغضب فيقرأ البيت، >إذاً لَقَتَلْتُ عَرْسِي< فتقع الكارثة، وتتحمل الخطة مسؤولية الجريمة التي تسببت فيها.

كما أن هذا العزوف عن الزواج من جانب الرجال سيتولد عنه لا محالة انتشار في العنوسة والترمل في صفوف النساء، وخاصة في صفوف الفتيات اللواتي ركبن قطار الحياة بعد امتلاء المقاعد، فلا تجد من تتخلى لها عن مقعدها، أو تشركها فيه على الأقل، وإنما عليهن الانتظار والانتظار وحده، انتظار الذي لا يجيء.

يُقدر عدد العوانس والأرامل والمطلقات بأزيد من ستة ملايين كلهن لا يجدن سبيلا للحلال وعليهن الانتظار أو الارتماء في الحرام. فكيف إذا انضم لهذه الصفوف الطويلة من ستفرزهن الخطة من العوانس الجدد.

ولعل هذا في رأيي هو أحد الأهداف الخبيثة التي تخفيها الخطة، والتي يرجو مهندسوها ومصدّروها إن لم نقل ومستوردوها ومروجوها أن يحققوه ويصلوا إليه من وراء تطبيقها.

بالإضافة إلى هدف آخر قد يكون أهم عند     مصمميها وهو الانحراف الخلقي الذي سيفرزه تطبيقها وانتشار الفاحشة وما يتبع ذلك من      الأمراض الخبيثة،وتزايد اللقطاء، والمتخلى عنهم، أو الملقى بهم في الشوارع، وصناديق القمامة مخنوقين أو مذبوحين، وتزدهر تجارة وسائل منع الحمل وتتوسع سوقها البيضاء والسوداء، وتكنز الشركات الغربية المصنعة لها الأرباح الطائلة. وتغرق الدولة والأمة في مشاكل صحية واجتماعية واقتصادية، وربما أمنية مع مرور السنين حين تتكدس الشوارع بهؤلاء المجنى عليهم ضحايا الخطة المشؤومة الذين لا أبَ لهم يرعاهم، ولا أسرة تأويهم ولا يجدون حرجا في الانتقام لأنفسهم من مجتمع نبذهم، ولا تجمعهم به علاقة عائلية، ولا يربطهم به نسب معروف قريب أو بعيد.

خطرها على الأسرة :

والخطة في حال نجاحها ستحول كثيرا من الأسر المغربية إلى حقول ألغام، وبراكين تهتز تحت أقدامها أو تقذف بحممها الحارقة والمدمرة وتقضي على سعادتها وهدوئها وتمحو من ذاكرتها شيئا اسمه الموَدَّة والرحمة، وتدفع ببعض النساء إن لم نقل بكثير منهن إلى إشعال نار الفتنة في بيوتهن لأسباب تافهة وقد تكون مصطنعة. وتغربهن بإقلاق راحة أزواجهن، واستخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة لاستفزازهم ولَيِّ ذراعهمأو إرغامهم على الطلاق الذي سيتحول بفضل الخطة المشؤومة من شبح مخيف تحذره المرأة وتحسب له ألف حساب إلى أمنية تتمناها ومحبوب تنتظره بفارغ الصبر يجلب لها الثروة والمال ويتيح لها الفرصة لاصطياد ضحية أخرى قد تكون اسمن من الأولى بحسب تحسن وضعها المالي.

وكيفما كان موقف الزوج من هذه الزوجة فلن تستطيع الصبر على البقاء معه حتى يموت لترث الثمن أو الربع بينما الطلاق يضمن لها النصف عاجلا. وقديما قيل : خير البر عاجله، فكيف إذا كان عاجله وأكثره.

ولن يستسلم الزوج بسهولة في هذه المعركة التي تنتظره، ولن يتقبل الهزيمة ويتوقع أن يكون رد فعله لا يقل مكرا وخديعة عن مكر المرأة وخديعتها، وهو يراها مصممة على سرقة ماله والاستحواذ على ثروته وتستعين عليه بقانون لا يومن به ولا يحترمه، ويراه شريكا في الجريمة التي تحاك ضده ومشجعا عليها فيتولد في نفسه اليأس من إنصافه داخل البيت وخارجه، ويستولي عليه الخوف على ماله الذي جمعه بعرق جبينه، وبذلك تعيش الأسرة المغربية في صراع حاد وجو قاتم تتحكم فيه المراوغات وانعدام الثقة وسوء النية والحذر من الجانبين، وهي بعض الثمار الخبيثة التي سوف تجنيها الأسرة من الخطة والتي ستنعكس آثارها السلبية على الأطفال والعائلتين معا، عائلة الزوج وعائلة الزوجة، ويومئذ يفرح الماكرون بنجاح مكرهم ويحتفلون بما حققوه من تفكيك للأسرة المغربية وشرذمتها.

وإشعال نار الفتنة، وخلق الظروف المواتية لظهور التصرف الديني لتغذيه، وتحتضنه، وتفجر عنفه لتغرق هذا البلد الأمين في  بحار من الدماء كما أغرقت وتغرق بلدانا إسلامية أخرى في الشرق والغرب لتتحكم أو تبقى متحكمة في سيادتها وثرواتها ومستقبلها. فهل تكون هذه الخطة المرضي عنها داخليا وخارجيا مكنت تلك الجهات من مفاتيح الفتنة؟ وهل يكون ذلك هو ثمن هذا الرضى؟.

ذلك ما أخشاه ولا أستطيع نفيه وأتمنى أن لا يتحقق ذلك وأن تتراجع الحكومة عن خطتها وتريح الأمة من مخاطرها وتؤمنهم من مخاوفها.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>