معظم الدول العربية والإسلامية يتعطل فيها الدراسة والعمل يوم الجمعة، بالرغم من كون البعض منها تقطنه أقليات أو جاليات غير إسلامية.
والمغرب، وخلافا لهذه الدول، وبالرغم من الانعدام شبه التام لمثل هذه الأقليات والجاليات، يصر على التعطيل يومي سبت اليهود وأحد النصارى. رغم المطالبة المستمرة من العلماء وبعض الاحزاب الوطنية ومختلف المؤسسات والتجمعات الدعوية لجعل يوم الجمعة يوم عطلة رسمية. ولكن الاجابة على هذا المطلب كانت دائما بالرفض، وكل ما استجيب له هو التنصيص على إعطاء المؤسسات العمومية والخاصة بعض الوقت لموظفيها وأجرائها لأداء صلاة الجمعة، فأصبح الخروج من العمل على الساعة 11 أو 11,30 والدخول مساء على الساعة .3 وبطبيعة الحال هذا الوقت غير كاف أيضا للاستعداد لهذه الصلاة المفروضة، من ذلك سنة الغسل لها وارتداء أحسن الثياب وقراءة القرآن والتبكير في دخول المسجد، بالإضافة إلى استحسان الزيارة وصلة الرحم في هذا اليوم.
والتذكير فإن عدداً كبيراً من أرباب العمل وبعض رؤساء المصالح الإدارية يتعسفون في تطبيق هذا الأمر، أو لا يسمحون لعمالهم وموظفيهم بمغادرة العمل في هذا الوقت. ثم إن بعض الاجتماعات والأنشطة الميدانية الرسمية تمتد في بعض الأحيان في هذا اليوم إلى حين استماع الآذان أو انتهاء الصلاة..
ومع ذلك، تبقى كل هذه الفئات أقل ضررا من رجال التعليم والطلبة والتلاميذ، الذين لا يستفيدون من هذا الترخيص، بحيث يستمر العمل بالتوقيت العادي في أغلب المؤسسات التعليمية والجامعية، إن لم نقل كلها، وهذا يعد تراجعا عمّا كان في السابق، فإلى عهد قريب كان يوم الجمعة يوم عطلة في الطور الابتدائي مع يوم الأحد، وكانت مؤسسات الأطوار الأخرى تعمل بنظام تقليص ربع ساعة من كل ساعة في يوم الجمعة، لربح ساعتين للتمكن من أداء الصلاة…
فإلى متى ستظل هذه الفئة العريضة من الموظفين، وكل أبناء المواطنين الممدرسين، محرومين من أداء هذه الفريضة؟!، سؤال موجه بالأساس إلى الوزارات المكلفة بقطاع التربية والتكوين وإلى المسؤولين عامة في هذا البلد الإسلامي الأصيل، وقبل هؤلاء جميعا هو موجه إلى المتضررين أنفسهم، الذين لم يحركوا ساكنا لرفع الضرر الذي يلحق بهم، وأقصد نقابات رجال التعليم وموظفي التعليم وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ والاتحادات الطلابية.
وصلاة الجمعة فريضة، والاستعداد لها سنة. أما الاحتفال بيومها وتعطيل العمل فيه فهو أمر غير مطلوب شرعا، قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}(الجمعة: 10 -9).
بل إن ما تعيشه الامة الإسلامية اليوم، من فقر مدقع وجهل مظلم وتخلف كبير، يدعو للعمل ليل نهار وبدون انقطاع وبدون عطل، حتى نسترجع قوتنا ومكانتنا التي أخصنا الله بها دون الأمم الأخرى في الدنيا قبل الآخرة، وبعد بلوغ هذه الدرجة ينبغي العمل كذلك من أجل الحفاظ عليها. لذلك أرى والله أعلم أن لا يخصص أي يوم من أيام الله كيوم عطلة، حتى يومي العيد، ولكن فقط توفير السبل وتفريغ الناس للقيام بشعيرة الجمعة خير قيام، كما في سنة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.