قامت الدنيا ولم تقعد منذ الإعلان عن “الخطة الوطنية لادماج المرأة في التنمية”، وأنا شخصيا استغرب لهذه الضجة المفتعلة التي أثارها وما يزال المتعصبون وأعداء المرأة -سامحهم الله- في هذا البلد المتفتّح والحمد لله.
لقد تواضع أصحاب الخطة كثيراً فسموها وطنية وإن كانت في الحقيقة عالمية بكل المقاييس؛ ألم تتناسل من أرحام المؤتمرات النسوية العالمية، نيروبي، كوبنهاگن، القاهرة، لِتستقرّ في بكين حيث استكملت نضجها واستوت على عودها ونفخت المنظمات المالية العالمية فيها من روحها وأنفقت عليها بسخاء حاتمي كالذي لا يخشى الفقر.
يا سبحان الله، تتذمرون من مساعدة الغرب وأبناكه العامرة للكيان الصهيوني ولروسيا في حربها ضد الشيشان، ولما التَفَتتْ إليكم لتساعدكم لتنمية نسائكم تنتقدون وتشهرون بهذا السلوك الحضاري، فالناس لبعضها يا إخوان؟! لا تقطعوا أرزاق العباد فخزَائِن الغرب ملأى ولله الحمد وعلى رأي المثل : “انفق ما في الجِيب، يأتيك المدد من الغريب”.
فلنبدأ بتنمية المرأة، وغداً الطفل ثم الكهول وهكذا، فاليوم تنمية وغداً تَعْمية. والأمور بخواتمها، فلِم الاستعجال إذن!!
فالغرب يا سذّج يعمل ليل نهار دون كلل ولا ملل من أجل مصلحتكم ويفكر في كل شيء ويُنظِّر لكل شيء من أجلكم وأنتم نيام تمضغون العجز والأحلام. منذ فجر الاستقلال أو يزيد قليلا وأنتم عالة على الغرب، ومن يومها وهو يقوّم اعوجاجكم ويُقيل عثراتكم ويخرجكم من تخلفكم.. والآن قد حان الوقت لكي تتحمّلوا المسؤولية وحدكم وتثبتوا نضجكم فدونكم المواثيق الدولية والقرارات الأممية والاتفاقيات الالزامية التي سوف تحكمكم وتقيكم العثرات والسقوط في أثون التعصب والإرهاب وفق ما تقتضيه أصول العولمة واللّملمة.
لقد ذاق الغرب ذرعا من حماقتكم فكل يوم مآت المهاجرين السريين وقوارب الموت فراراً من تخلفكم وطمعا في عناق عالم الحضارة والحرية والمساواة في الغرب. من الآن فصاعدا سوف لن تضطروا لبهْدلة الانتظار أمام السفارات الأجنبية للحصول على (الفيزا) للسفر للخارج. فالخارج سوف يصبح عندكم وبين ظهرانيكم بكل ما فيه من إغراء وجاذبية، بحاناته ومتاجره الفخمة بعلبه الليلية وبدكاكينه الجنسية، بإباحيته وبهيميته المتحررة (شرف الله قدركم).
أيها السذّج مُشكلتكم الكأداء أنكم تملكون ذاكرة قوية لا تنسى، وهذا سبب تعاستكم ومعاناتكم، والغرب يريدكم أن تتخففوا من ماضيكم ومن عقدة التأنيب وجلد الذات، نحن الآن أبناء اليوم، والعالم أصبح قرية صغيرة تنمحي فيها المسافات وحتى الذكريات. أوصيكم وأوصي نفسي معكم بأن ننسى الماضي (واللي فات مات).
ولنبدأ صفحة جديدة، يدا في يد جميعاً من أجل المحبة والوئام مصداقا لبنود العولمة، فلا فرق بين عربي ولا مسيحي ولا يهودي أو مجوسي إلا بمدى التزامه بمبادئ العولمة السامية.
تأملوا معي -يرحمكم الله- المثال الرائع الذي ضربه البابا مؤخراً بزيارته لاسرائيل وتقديم الاعتذار لهم عند حائط المبكى على ما اقترفه المسيحيون ضدهم، بل واعتذر حتى على مالم يفعله المسيحيون!! بل كان من قبل ذلك قد برأهم من قتل المسيح عليه السلام. كل ذلك لاعطاء المثال الحي على روح التسامح والمحبة التي ينبغي أن تسود العالم من اليوم فصاعداً استعداداً لتوحيد العالم/القرية تحت إمرة واحدة وموحدة، حتى إذا صدر أمر أو تعليمات من البيت الأبيض أو تل أبيب أو.. أو.. مُرِّرَت دون تحفُّظ أو اعتراض من أحد وسوف نكون يومها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا نأتمر وننتهي بأوامر العم سام ومن معه، وكل تنمية وأنتم بألف تَلْهية وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ذ. عبد القادر لوكيلي