استقرار الحياة الزوجية تعتبر من أهم الغايات التي يحرص الاسلام عليها، إذ يعتبر الشرع الحكيم العلاقة بين الزوجين علاقة مقدسة، والرابطة بينهما يعتبرها ميثاقا غليظا. قال تعالى :{وأخذن منكم ميثاقا غليظا}(النساء : 21) وكل شيء يتسبب في فسخ هذا الميثاق الغليظ فهو من أبغض الأشياء عند الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أبغض الحلال عند الله عز وجل الطلاق))(رواه أبو داود وصححه الحاكم). ولكن إذا ابتليت المرأة بزوج سيء الخلق، أو غير كفء لها، أو به من العيب ما تعافه الطباع، فهل يرغمها الاسلام على الصبر فوق ما تطيق؟. لا بل جعل لها الفراق والتخلص سبيلا، وأباح لها خلع لباس الزوجية عنها، إذ زوجها يعتبر لباسها وهي لباسه، قال تعالى :{هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}(البقرة :187) فلهذا سمي هذا الطلاق خلعا.
لكن على المرأة تبعات ونفقات هذا الفراق، وهذا هو مقتضى العدل، لأن الزوج أنفق على الزفاف، وأعطى الصداق، وتحمل التبعات، فإذا طلبت المرأة الفراق فعليها الفداء. قال تعالى :{فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}(البقرة : 229).
وعلى الزوج ألا يضيق على زوجته لإلجائها إلى طلب الفراق، ليأخذ منها ما أعطاها. قال تعالى :{ولاتعضلوهن -أي لا تضيقوا عليهن- لتذهبوا ببعض ما آتيتمهن إلا أن ياتين بفاحشة مبينة}(النساء : 20).
والأصل في المسألة ما رواه الإمام البخاري عن ابن عباس قال : ((جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ما أعتب عليه في خلق ولا دين – أي أنها لا تريد فراق زوجها لسوء خلقه أو دينه- ولكن أكره الكفر في الاسلام -أي أنها كانت تكره دمامته وخشيت أن يحملها ذلك على التقصير في حقه فتكفر العشير- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)).
وبهذا يكون الاسلام قد ضبط الحياة الزوجية، وجنبها مفاسد الاخلاق، لأن قيام المحبة بين الزوجين من شأنه خلق التقارب بين الزوجين، وبالتالي صيانة المرأة عن أن تنظر إلى غير زوجها، وبهذا يحفظ الشرف وتصان الكرامة ويسلم المجتمع.