من أبجديات المعارف العامة أن كل علم له مصطلحاته الخاصة به، فالطب له مصطلحاته والهندسة لها مصطلحاتها والأدب له مصطلحاته، والسياسة لها مصطلحاتها. ومنذ القديم والناس يحددون ويوضحون مصطلحات كل علم حتى يكون الدارس على بينة من دلالة كل مصطلح، لكن يبدو في العصر الحاضر أن طلاب العلوم السياسية بصورة خاصة يحتاجون إلى معاجم متعددة في مجال المصطلحات السياسية حتى يتمكنوا من ادراك دلالة كل استعمال.
منذ أيام سألني طالب عن المقصود من “قطاع الطرق في الشيشان” فاستغربت من السؤال، لا لأن هؤلاء القطاع غير معروفين، ولكن لما للإعلام من تأثير في تكوين عدد من المصطلحات الجديدة، وخاصة أن هذا المصطلح أضيف في الإعلام الروسي إلى مصطلح “الارهابيين”. بهدف مغالطة الرأي العام وتضليل الشعوب وخاصة الاسلامية منها.
ولاشك أن الاجابة عن هذا السؤال لا تحتاج إلى تأمل كبير لمعرفة حقيقة قطاع الطرق في الشيشان الذين يدكون البلاد ويقتلون العباد ويعلنون حرب إبادة على شعب بأكمله، قطاع الطرق هم الذين يمطرون الحواضر والقرى بقذائف وصواريخ من مختلف الأقيسة والعيارات جوّا وبرّا، حتى إن اللقطة الواحدة مما يقدم على شاشة الأخبار يطرح السؤال من سيبقى من الأحياء ومن المعافين نفسيا وجسميا بعد سقوط هذه القذائف. قطاع الطرق هم آل فرعون الجدد الذين استهانوا بمقدسات فرعون موسى الذي كان يستحيي النساء والرجال الكبار. آل فرعون الجدد يذبحون الأولاد والرجال، ويستبيحون النساء بالاغتصاب والإهانة والإذلال، قطاع الطرق هم الذين يغلقون الحدود أمام اللاجئين المدنيين الأبرياء، قطاع الطرق الإرهابيون هم الذين يقتحمون بيوت المدنيين ويقتّلونهم لأنهم لم يجدوا فيها خمراً أو جعة، قطاع الطرق هم الذين يدمرون كل ما علا على الأرض سواء كان معملا أو منزلا أو مستشفى أو مدرسة، قطاع الطرق هم الذين يستهينون بدين الشعب الشيشاني ومقدساته.
والعجب بعد كل هذا من فئة أغراها الطمع والجشع المادي والمعنوي فأعلنت نفسها ميلشيات تابعة للروس، وتفرح لرفع العلم الروسي وتقرح لانتصار المجاهدين، وفي الوقت الذي يعيش فيه الشعب الشيشاني وفي مقدمتهم زوجة الرئيس في خضم الخوف والجوع في مخيمات اللاجئين وملامح البؤس بادية على الوجوه، يظهر في المقابل على الشاشة بعض من زعماء هؤلاء الميلشيات والسيجارة في أيديهم ولسان حالهم يقول : لكم الدمار والنار والخراب والجوع أيها الشيشانيون، ولنا العزة والسيادة نحن أنصارُ ستالين المحدثون وآل فرعون الجدد، ولكن العزاء هو أن التاريخ علمنا أن كل حركة جهادية تتضمن خونة ومنافقين وأن الدائرة في النهاية تدور عليهم حينما يصبحون منبوذين من قبل الشعب.
والعجب أيضا من بعض الزعماء العرب الذين زاروا موسكو وطووا قضية الشعب الشيشاني بعبارة واحدة وهو أن مسألة الشيشان مسألة روسية داخلية، لكن الواقع علمنا أن بقايا الولاء لعهد السوفييت البائد مازال يفعل فعله عند من يرجو النجدة من غريق. لكن مع هذا كله فإن أهلنا في الشيشان على درب الجهاد سائرون وطريق النصر سالكون، وبهدي الاسلام متمسكون. وأن قلوب المسلمين في العالم معهم في كل حين. وإن كانوا في هذا الوقت لا يملكون إلا التوجه إلى العلي القدير بالدعاء بأن ينصر هؤلاء المجاهدين ويثبت أقدامهم ويقطع شأفة أعدائهم فإنهم ينتظرون بكل شوق ذلك اليوم الذي سيندحر فيه الروس اندحاراً يتمنون فيه ألا يكون أقل من اندحارهم من أفغانستان ومن هزيمتهم الأولى في الشيشان، {ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله}.