هذا الكتاب مفيد للمسلمين وغير المسلمين للوقوف على أحوال العالم الآن وسابقا وعلى ما قدمت الانسانية وما كسبت إلى الآن وعن ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين.
- قدّم للكتاب سيّد قطب رحمه الله، وممّا قال فيه: ((وهذا الكتاب الذي بين يدي “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” لمؤلفه السيّد أبي الحسن علي الحسني الندوي من خير ما قرأت في هذا الاتجاه في القديم والحديث سواء<.
- وممّا جاء مقدّمة الدكتور محمد يوسف موسى: ((وأشهد لقد قرأت الكتاب حين ظهرت طبعته الأولى في أقل من يوم وأغرمت به غراما شديداً حتّى لقد كتبت في آخر نسختي وقد فرغت منه : “إنّ قراءة هذا الكتاب فرض على كلّ مسلم يعمل لإعادة مجد الإسلام”<.
- وقدّم للكتاب أيضا الأستاذ أحمد الشرباصي فأورد ترجمة للشيخ الندوي وأسرته العربية العريقة بالهند.
ونظرا لأهميةالكتاب فقد ظهرت له طبعات عدّة بالعربية منذ سنة 1950م، وظهرت له ترجمة بالانجليزية باسم “Islam and the world” “الاسلام والعالم” من جامعة لاهور بباكستان، وظهرت الطبعة الثالثة لترجمة الكتاب بالأوردية في لكنهو بالهند.
ينقسم المؤلف إلى خمسة أبواب، وينقسم كلّ باب إلى عدّة فصول، كما أنّ كل فصل يتضمّن عدّة مباحث :
الباب الأول عن عصر الجاهلية، والفصل الأوّل منه عنوانه : الانسانية في احتضار. وقد ألقى المؤلّف الضوء على أحوال الأمم في القرنين الميلاديين السادس والسابع؛ الروم والحبشة وفارس واليهود والصين والهند وآسيا الوسطى والعرب والأمم الأوروبية الشمالية الغربية، وتوقف عند الوضعيات المختلفة للحكم والديانات والمرأة وغير ذلك. فكانت النتيجة أنّ هذا العصر يعدّ من أحطّ أدوار التاريخ، ممّا يحتّم ضرورة الرسالة. وبالمقارنة فإن انحطاط المسلمين ليس كانحطاط الأمم السالفة، إن انحطاط المسلمين خسارة للناس كافّة.
عنوان الفصل الثاني : النظام السياسي والمالي في العصر الجاهلي : يعود هنا ليناقش صور الجاهليات السائدة في العالم قبيل الإسلام : الصين وفارس والروم، فيقدّم أهم مظاهر الفساد والترف المفحش للحكام، والاستهانة بالرعايا وغياب مظاهر العدل، والانحراف البيّن عن سنن الأنبياء، ويقدّم أيضا نقولا بالوصف والأرقام لبعض من كتبوا عن ذلك.
الباب الثاني : عنوانه “من الجاهلية إلى الإسلام”، وعنوان الفصل الأول منه : منهج الأنبياء في الإصلاح : فيعرض واقع المجتمع الذي واجهه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث عموم الفساد على جميع المستويات، ويعرض خصائص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الفصل الثاني الذي عنوانه : رحلة المسلم من الجاهلية إلى الاسلام، يشيد بفعل تربية الوحي التي خرّجت المهاجرين والأنصار، وذاك أغرب انقلاب في تاريخ البشر كما وصفه الشيخ الندوي وهنا يقدّم مشاهد وصورا متنوعة لأبطال الفتح ووفود النبي ومواقف المجاهدين في المعارك.. ومن هنا الفرق بين علم الأنبياء القائم على الوحي الإلهي، وإلهيات الفلاسفة المفضية إلى الضياع.
عنوان الفصل الثالث : المجتمع الإسلامي : حيث تحدّث الشيخ الندوي عن طبيعة هذا المجتمع المؤسس على الإيمان بالله والرسول واليوم الآخر. وهنا يقدّم نماذج من انصياع الصحابة لدينهم وحبّهم للنبي صلى الله عليه وسلم، نساء ورجالا. ويبيّن كيف وفق الله رسوله في طمس معالم الجاهلية وترسيخ الإيمان والاسلام عند الصحابة فكرا وسلوكا.
وفي الفصل الرابع يورد كيف حوّل الرسول خامات الجاهلية إلى عجائب الانسانية، ويصل هذا الفصل بالفصل الأول ليوضّح كيف توفّرت للنبي صلى الله عليه وسلم المقدرة على توظيف ما أتى الله رجاله من طاقات مختزنة بحيث تفجّرت في مواضعها المناسبة فصنعت الأعاجيب. وهنا قدّم أيضا نماذج من عدّة صحابة في مواضع متنوعة.
الباب الثالث : العصر الإسلامي : الفصل الأول عنوانه : عهد القيادة الإسلامية، وفيه يعرض خصائص الأئمّة المسلمين وسرّ تميّزهم وامتيازهم، والدور النموذجي للمدينة الصالحة كما مثلته الخلافة الراشدة، وتأثير الإمامة الإسلامية في الحياة العامّة، وتأثير هذه المدنية في الاتجاه البشري، وتأثير الدين الإسلامي في كثير من المذاهب والشخصيات في بلاد شتّى من العالم ولو لم تعتنق الإسلام، ويقدّم أمثلة لذلك من نصارى أوروبا ومن الهند.
عنوان الفصل الثاني : الانحطاط في الحياة الإسلامية : أورد خلاله نظرة عن أسباب النهضة الأولى حيث انسجام الشخصية المسلمة مع متطلبات الوحي، وتحقّق صفة الجهاد بجميع مراتبه ومقتضياته، وتحقق صفة الاجتهاد بجميع صفاته ومستحقّاته. ثمّ حدث انتقال الإمامة من الأكفاء إلى غير الأكفاء : لم يكن هذا من سوء حظ المسلمين فحسب. بل كان من سوء حظ البشرجميعهم. فنجم عن ذلك سوء كثير، كتحريفات الحياة الإسلامية وفصل الدين عن السياسة وظهور النزعات الجاهلية في الحكام وسوء تمثيلهم للإسلام وشيوع الضلالات والبدع، وابتلاء الأمة الإسلامية باجتياح الصليبيين التتار في القرن السادس، ومن فضل الله عليها ومنّه ما خوّله من رجال أفذاذ على مستويات شتّى في هذا العهد.
عنوان الفصل الثالث : دور القيادة العثمانية التي بعثت عزّة المسلمين من جديد واستطاعت فتح القسطنطينية عاصمة البيزنطيين، ومزايا الأمراء العثمانيين والشعب التركي، ثمّ انحطاط الأتراك في الأخلاق وجمودهم في العلم وصناعة الحرب حين دبّ فيهم الاستبداد والجور والفساد والغش للأمة. ثم ساد الانحطاط على جميع المستويات، في الوقت الذي كانت نهضة أوروبا تنشط يوما عن يوم في علوم الطبيعة والصناعات. فتخلف المسلمون وتقدّم غيرهم.
الباب الرابع : العصر الأوروبي، الفصل الأول عنوانه : أوروبا المادّية : خصائص الحضارة اليونانية والحضارة الرومانية. وضح المؤلف كيف تكوّنت حضارة أوروبا على هذين الأساسين ثم كيف تأثرت حضارة أوروبا بالمسيحية وشيوع الرهبانية فيها وتطرف الرهبان وتعاليمهم. ثم شيوع المادّية كردّ فعل على المسيحية مما نأى بالغرب إلى الطرف الآخر. وهنا قدّم نماذج من هنا وهناك، وشهادات لمحللين غربيين عن الإسراف المادّي للغرب فيما سمّاه : “التصوّف المادّي ووحدة الوجود الاقتصادية” وحيث ظهرت الماركسية والداروينية لتعزّز تلك الصفة جيّدا. ثم قدّم نماذج لمخلفات ذلك الغرور المادّي على المجتمع الغربي نفسه وعلى المجتمعات المستعبدة من طرف الغرب من حيث الاستهانة بقيمها وحرياتها وأرواح أبنائها. وقد قام خلال هذا الفصل بمقارنة بين المواصفات للمجتمعات الأوروبية ومواصفات المجتمع الإسلامي وقيمه من خلال توجيهات القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
عنوان الفصل الثاني :الجنسية والوطنية في أوروبا، تناول فيه انكسار الكنيسة اللاتينية وظهور المذهب البروتستانتي، ثم ظهور القوميات وظاهرة العصبية الوطنية في أوروبا، ثم انتقال هذه العدوى إلى الأقطار الإسلامية بسبب ضعف العامل الديني فيها، بالخصوص تركيا وإيران. وتحدّث عن الديانة القومية الأوروبية وأركانها. وعاد إلى طرح الحلّ الإسلامي لمعضلة الحرب والصراعات بين الشعوب. وهنا قدّم مقارنة بين قتلى كل الحروب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من مسلمين وكافرين الذين يحصر عددهم في 1018 نفسا، المسلمون منهم 259 والكفار 759، وبين قتلى الحربين العالميتين حيث يقدّر عدد المصابين في الحرب الأولى بـ21 مليونا وعدد المقتولين بـ7ملايين، وعدد المصابين في الثانية بـ50 مليونا، وقد كلّف قتل رجل واحد في الأولى 10 آلاف جنيه، أما مجموع نفقاتها فيبلغ 37 مليار جنيه. وأما نفقات الحرب الثانية لساعة واحدة فقد قدّرتبمليون من الجنيهات. وفي الخلاصة: فشتّان بين حكم الهداية وحكم الجباية.
وأما الفصل الرابع فعنوانه : رزايا الانسانية المعنوية في عهد الاستعمار الأوروبي، تحدّث ضمنه عن بطلان الحاسة الدينية، وهنا قارن بالدور الكبير لعدد من الدّعاة في بلاد الإسلام في التأثير في واقع النّاس وربطهم بالدّين وحمايتهم من الانجراف. في مقابل طغيان المادّة والمعدة..
الباب الخامس : قيادة الإسلام للعالم : عنوان الفصل الأول منه : نهضة العالم الإسلامي : بحكم تأثير الغالب على المغلوب فإن العالم بأسره قد سار في اتجاه جاهليّ. والأمل معقود على الإسلام. ممّا يوجب على المسلمين استعدادا روحيا وعلميا على جميع المستويات الحياتية لتحمّل المسؤولية.
الفصل الثاني عنوانه : زعامة العالم العربي : بما له من مؤهلات متعدّدة تجعله يمثل مركز المسؤولية. هذه المؤهلات منها الروحية والتاريخية والجغرافية والسياسية والاقتصادية والبشرية. وبالأخص كون العرب بأرض موطن الوحي. وهنا يوجّه الشيخ الندوي ملاحظات ونصائح تتعلّق بهذا العالم من أجل النهوض بالمسؤولية الملقاة على العاتق.
يتضمّن المؤلف ملحقات بحواشي المتن موازية له مفيدة. تساهم في إيضاح الصورة أو الخبر أكثر.
وضمن فقرات الكتاب أو في الحواشي يقدّم الكاتب نقولا من كتابات لمفكرين إسلاميين كـ”محمد أسد” و”أبي الأعلى المودودي”.. أو غربيين كـ”جود” و”ألكسيس كاريل”.
ذ. عبد الوهاب الفُغري