رسالة مفتوحة إلى السادة العلماء المحترمين


المصطفى الشواطي

كلنا نعلم كيف أعلى الاسلام قيمة العلم وشأن العلماء من خلال الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، حتى اعتبر العلماء العاملين ورثة الأنبياء، و>إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء< بهم نفهم القرآن والسنة، ونعرف الحلال من الحرام، وتنجلي أمامنا الحقائق..

ونعلم أيضا واجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودورهم الكبير في التبيين وإجاء الأمور إلى نصابها، وأجرهم العظيم إن هم عملوا وأخلصوا، وعقابهم الشديد إن هم كتموا ونافقوا!

ونعلم كذلك، أنه من واجباتنا حبهم وتقديرهم ومعرفة فضلهم، والتأدب معهم واحترام الآراء المختلفة بينهم، والوقوف بجانبهم إذا امْتُحِنُوا واضْطُهِدوا…

ومن هنا يمكن أن نتصور مهمتهم في الإصلاح والتغيير، تلك المهمة التي لا يستطيع القيام بها سواهم، نظراً لموقعهم وتأثير كلامهموتوجيههم، خاصة مع عملهم وإخلاصهم… ومنا هنا مرة أخرى أتوجه ببعض التساؤلات إلى سادتي العلماء المحترمين عسى أن أجد عندهم ما يشفي الغليل:

- إن بلادنا تمر بالعديد من المشاكل والأزمات على جميع الأصعدة والمجالات وتأتي التقارير والأبحاث والدراسات، فتبين -إن كان الأمر يحتاج إلى تبيين- الوضعية المتردية التي نغرق فيها والتي لا يحسدنا عليها أحد! ترى أين هم العلماء ودورهم في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بالحق؟ ولا أتحدث هنا عن “أفراد” يحاولون ذلك من خلال بعض ما يكتبون، أو المحاضرات التي يلقون، والندوات التي فيها يشاركون، أو الخطب والدروس التي يُعِدون… وإنما أقصد مثلا اتصال العلماء بالمسؤولين على مختلف المستويات والدرجات، لا تملقا ونفاقا وطلبا لعَرضٍ زائل..! ولكن : >الدين النصيحة… ولأئمة المسلمين..< وذلك في جو من اللين والرفق والتي هي أحسن، فالأئمة أحوجالناس إلى مَنْ يذكرهم إذا نسوا، ويساعدهم إذا ذكروا وفي تاريخ المسلمين -والعلماء خاصة- قصص واقعية عظيمة تبين الدور الكبير الذي كان يقوم به بعضهم، والعلاقات النزيهة التي كانت تربطهم بالحكام والأمراء، حيث التذكير بالله ورفع المظالم وتقديم الرأى وقضاء حوائج الناس… ولذلك جاء في الحديث ما يفيد أن هذين الصنفين (العلماء والأمراء) إذا صلحا صلحت الرعية… ولا يعني هذا زوال المسؤولية مِنْ على أكتافنا نحن العامة..!

ومَنْ مِنا لا يذكر في هذا المقام مواقف ابن تيمية والعز بن عبد السلام والحسن البصري وسعيد بن جبير.. وغيرهم من العلماء الأعلام الذين خلدت أسماؤهم بسب صدقهم وتجردهم لله ومواجهتهم الشجاعة لكل أنواع الانحراف سواء لدى الحكام أو المحكومين!

ومَادُمْنَا نعيش زمن المؤسسات،حتى أصبح من الضروري إيجاد مؤسسة للفتوي تشمل جميع أشكال المعارف والعلوم حتى تخرج الفتاوي على قدركبير من الدقة والتمحيص… ومادام المغرب يعرف نوعا من الانفتاح وتوجد فيه رابطة للعلماء ومجالس علمية وجمعيات متنوعة.. وبماأن بلادنا تمر بمرحلة دقيقة وظروف صعبة حرجة بسبب سوء التخطيط والتسيير والتنفيذ والتوزيع، الشيء الذي يتطلب جديةً وتظافرا للجهود… للخروج من كافة المآزق والأبواب المسدودة بسلام… فإن العلماء يأتون -في نظري- على رأس قائمة المطالبين ببذل كل المجهودات في هذا الصدد، سواء بواسطة الرابطة أو أي شكل مؤسس وممنهج.. خاصة ونحن ننتظر ما ستسفر عنه سنة 1996م من تغييرات وإصلاحات دستورية.. فلماذا لا تكون لهم “كلمات” في هذا الشأن؟ لماذا نقرأ فقط تقارير الأحزاب والأبناك؟ لماذا يُرادُ للعلماء أن يهتموا بالأمور والأحوال الشخصية دون الشؤون العامة؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ مَتَى يتدخل العلماء إذا لم يتدخلوا في هذا الظرف الحرج والتخبط والحيرة التي يعيشها المغرب؟ ما هودور الرسالة العلمية الإسلامية إذا لمْ تعمل على حل مشاكل البلاد والعباد؟ ألم يقل ربعي بن عامر  رضي الله عنه >… ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام…<؟! لماذ لاَ يقوم السادة العلماء مثلا بإعداد ملفات شاملة بتعاون مع المتخصصين في كافة المجالات وتقديمها إلى من يعينهم الأمر؟ وبما أننا نعيش زَمن استعلاء الأعداء بكل المقاييس، لماذا لا يقومون بشحذ الهمم واستنهاضِ العزائم حتى لا تستمر حالة اليأس والقنوط لدى كثير من الناس-والعياذ بالله-؟!

تساؤلات وهموم كثيرة، أرجو الله تعالى أو يوفق العلماء -الذين أُكِنُّ لهم تقديرا كبيرا- وكل العاملين المخلصين لإيجاد المخارج المناسبة لها ولكل ما يعانيه الشعب المغربي المسكين.. إنه على كل شيء قدير.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>