أية ثقافة لأي مجتمع؟


 عبد الله حلاب

تتأكد المقولة المعروفة التي مفَادها أنه للحكم على شعب ما تكفي اطلالة صغيرة على أهم الاحداث والصحف والجرائد المتداولة بين فئاته والتي تعرف إقبالا جماهيرياً، وذلك لمعرفة مستوى الثقافة والنضج الفكري الذي وصل إليه ليتم الحكم على المجتمع وفقاً لمتابعته لأهم الاحداث أو لسفاسفها إما بالتقدم أو التأخر والتخلف. ونظرة سريعة إلى مجتمعنا المغربي نجد أن أهم الصحف الاكثر إقبالا هي “صحف أخبار السوق” أو “صحف سوق الأخبار” التي غزت الساحة الاعلامية بشكل مكثف وطبعاً كلها تصدر بالألوان! الشيء الذي يؤكد على تدني المستوى الفكري، إلا أن الأدهى والأنكى أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى حد الإدمان على مشاهدة الأفلام “الماجنة” التي ظاهرها الرحمة والفرجة وباطنها الفساد الأخلاقي ونزع البقية الباقية من الحياء داخل الاسرة، إنه ذالكم الفيلم الذي أصبح وبدون منازع “معبود الجماهير” الذي يؤطر المجتمع بكل فئات أعماره حتى تلك الفئة المثقفة المعول عليها في النهوض بهذا المجتمع والخروج به من بوثقة التخلف وركام الجهل، حيث تجد الشوارع والأزقة تكاد تكون فارغة من المارة حوالي 7.30 مساءً إلا من رحم ربك، ناهيك عن المقاهي الخاصة بالشباب وغيره، والكل فاتح فاه وعيناه يتابع الفليم عن كثب وكَأَنَّه يستمع إلى درس ديني  أو محاضرة أو حوار علمي إنه فيلم رهينة الماضي “ببطلته المشهورة” گْوَادَالُوبِّي التي سحرت المجتمع المغربي خاصة العنصر النسوي إلى درجة إصدار ملابس وموضة حلاقة الشعر على طريقة الفنانة الكبيرة السالفة الذكر، ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل صدرَت أغانٍ وأثواب تأخذ إسم گوادالوبي، إنها فعلا قمة اغتيال عقل مجتمع برمته، عن طريق تمرير ثقافة غربية وغريبة عن هوية الشعب المغربي وحضارته وثقافته الاصيلة، هذا النموذج الذي يسعى إلى تمييع الجو الاسري، وترسيخ المزيد من الاخلاق الفاسدة ونشر ثقافة الميوعة والانحلال، فإلى متى يستمر “إعلامنا البصري” في هذا التخريب الاجتماعي والفساد الاخلاقي داخل وسطنا المجتمعي؟

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>