حــالنا وحـــالهم!


ذ. ح. أحمد عاشور

إن المسلم وهو يتتبع -باهتمام- أحوال المسلمين اليوم ليتأسف كثيراً لما آلت إليه أحوالهم: ضعف الإيمان بدينهم الحنيف، وتفرق كلمتهم، وتقهقر مستمر.

فالشعور الديني عند المسلمين يضعف كل يوم -إلا من هدى الله تعالى- وعند اليهود يقوى كل يوم، ويوم الجمعة عند المسلمين توضع أمامه كثير  من العراقيل مع أنه يوم أمرنا الله تعالى بالسعي فيه إلى المسجد وترك مباشرة جميع المعاملات. قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع}(الجمعة : 9) وأما يوم السبت عند اليهود فيزداد قداسة وقدسية، فقد أحيوا فيه صلواتهم بل مشوا لأدائها في كل عواصم العالم بكل ثقة واعتزاز.

إن اليهود يحرصون أشد ما يكون الحرص على لبس “القلنسوة” في كل مكان من العالم -وقد ألبسوها غيرهم- ويسيرون في خيلاء إلى “الكنيس” لإقامة طقوسهم في حين يتخلف جلنا -نحن المسلمين- عن أداء الصلوات المفروضة.

إن اليهود يمجدون توراتهم المحرفة، وجميع كتبهم المقدسة عندهم، والمسلمون لا يعيرون أي اهتمام لقرآنهم المحفوظ من التبديل والتغيير والتحريف والمنقول بالتواتر، ولا لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم المطهرة.

إن اليهود يتحركون كالرياح العاتية في خدمة الصهيونية وأهدافها الدنيئة، في الوقت الذي نجد المسلمين بعيدين عن أوامر دينهم ودون المستوى المطلوب. واليهود هم اليهود في كل مكان وزمان، فلنحذر خبث طبعهم وسوء نياتهم، وعداوتهم الشديدة للمومنين قال تعالى : {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}(المائدة : 8).

إن اليهود عندهم التراث -ولا تراث لهم- أصالة وعقيدة وتاريخ وحضارة، وعندنا نحن المسلمين التراث الحق، ولكنه رجعية وتحجر وظلامية، كما ينعته خصومنا بل وحتى أبناء جلدتنا، دويلة “إسرائيل” عندهم مبنية على الدين -وهذا واقع- ودولة فلسطين عندنا قائمة على العروبة فقط، والمعركة التي تجري على هذا الأساس تجعل المسلم الحق يعيش في قلق وحيرة، ضميره معذب مريض.ذإن الدول الكبرى ومنها أمريكا تؤيد اليهود لأسباب دينية وكل تصريحات الزعماء السياسيين والقادة العسكريين في أمريكا قديما وحديثاً محكومة بالرؤية الدينية، وإنهم جميعاً يؤمنون بإحياء أرض الميعاد (أرض فلسطين) وكمثال على ذلك ما قاله وزير خارجية أمريكا الأسبق جيمس بيكر : “لقد احتلت دولتان على نحو خاص مكاناً في ضميرنا، وهما الولايات المتحدة حيث نعيش، وإسرائيل القديمة التي شهدت مولد الديانة المسيحية، ولذا فإن إسرائيل تمثل جزءاً من القيم التي أعتز بها”(جريدة الخليج 21/3/91) والدول الغربية كلها ومعها روسيا، إنما تتحرك بدافع الحقد والضغينة ضد العروبة والإسلام، وما يجري الآن من مؤامرات ضد الاسلام والمسلمين في كل من البوسنة والهرسك وفلسطين والشيشان والسودان إلا دليل ساطع على ذلك ولا يمكن للأمة الإسلامية أن تخرج من حالة الوهن الذي تسرب إلى جسمها إلا بتغير ما بنفسها، لأن تغيير النفوس أساس بناء الأمة وأساس النهوض بعملية التغيير فيها، ولن تصل الشعوب الإسلامية إلى فرض إرادتها واسترجاع حقوقها إلا إذا عرف الجميع -عرب ومسلمون- أن القضية قضية دينية والمعركة معركة حضارية، كما عرفها أعداؤنا وتصدوا لها دون خجل أو تردد، وعندما نفهم جيداً ما يدور حولنا سنرد بكل حزم وعزم وإيمان على العدوان اليهودي الصهيوني الصليبي الغاشم، برد إسلامي خالص مخلص : بالعقيدة الصحيحة وبالجهاد الحق الذي فرضه الله تعالى كركن أساسي لقيام الدولة الإسلامية وحماية الدعوة. أما التخلي عنه -وهو الواقع الآن- وعدم ممارسة مذلة وهواناً وتآخراً. روى الطبراني بسند حسن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعاً : “ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب” أما كثرة الشعارات الجوفاء فإنها كانت ولا تزال السبب الرئيسي في التفرقة التي مزقت جسد الأمة الاسلامية والتي فرح بها أعداء الاسلام وجعلت المسلمين أذلة بعدما كانوا أعزة وستعود لهم إن شاء الله تعالى تلك المكانة وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى : {ولله العزة ولرسوله وللمومنين ولكن المنافقين لا يعلمون}(المنافقون : 8)

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>