بأقلام القراء عمر بن مسعود الحدوشي
من الأمراض الخطيرة في حياة هذه الأمة الاستهزاء بالدين وأهله أو بملك من ملائكة الله، بأن يقال فيه “آخر ملك اشتراكي سياسي” أو الاستهزاء بالمسائل الفقهية أو الطلاق أو الإرث أو طلب تغيير خلق الله او طلب الوزارة او القيادة… وسواء جاءت جرثومة هذا المرض من خارج هذه الأمة أو من داخلها -وكلا الأمرين واقع- فالنتيجة واحدة في خطورة ذلك، إذ يكفي فيه أنه مُخْرِج من الملة الاسلامية بالكلية. وحينما نتأمل احوال المستهزئين والساخرين في واقعنا اليوم نجد عجباً في أقوالهم، وانظروا مثلاً إلى كلام ينشر ويذاع على شاشة التليفزيون، تجدون فيه كفراً بواحاً من خلال سخريتهم بالله واستهزائهم بملائكته وبشرعه، بل وصل الحال إلى أن بعض المحسوبين على “الفن” يهزأ بالملائكة ويغمزهم ويصفهم بالاشتراكية وهذا ضَلاَلٌ إِن لَمْ نَقُل كُفْراً، سواء وقع بقصد أو بدونه وفي كلا الحالين لن يعذر هذا الهازل او تلك {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}( سورة التوبة). ان الأمة الهازلة بدينها لا مكان لها في واقع الحياة والناس. إن الأمة التي تأخذ دينها بسخرية وضحك لهي أمة قد تُوُدّع منها {وحَاقَ بِهِمْ ما كانوا به يستهزؤن}. الاستهزاء خُلُقٌ من اخلاق اعداء الله الكفار والمشركين، وتخَلَّقَ به المنافقون (الفنانون) وشعراء الحداثة الذين احترقت احشاؤهم حقداً على دين الله وأهله، لذا وردت آيات كثيرة في كتاب الله تبين موقف الأنبياء والرسل من هذا الخلق الرَّدِيء وأصحابه بل صرحت هذه الآيات بكفر هؤلاء الهازلين المستهزئين سواء كان الاستهزاء في “المسرحية” والفيلم أو في الجريدة والمجلة. ونلحظ مع الأسف هذا الخلق في طائفة “الممثلين” في العصر الحاضر الذين يقدمون للناس أفلاماً ومسرحيات هزلية يستجلبون بها الضحكات، وكل ذلك ليرتزقوا من وراء هذا العمل الدنس، ولهذا لا تعجب من الاستهزاء الواقع في اليوم السادس من شهر”ذي الحجة” ومن تصرفات أولئك المهرجين والهازلين المشهورين بهذه المهنة، فقد اصبحت السخرية واضحاك الآخرين فناً وبطولة ونجومية عند من لا يعقل!! والأدهى من ذلك أن بعض الذين يعقلون يعجبون بهذا السفه بل ويحبذونه.
ولخطورة الاستهزاء فقد أبرزه العلماء في كتاب الردة من كتب الفقه الإسلامي لأن الردة أَعْظَمُ كفراً من الكفر الأصلي كما هو معلوم عند أهل العلم يقول ابن قدامة “من سَبَّ الله -تعالى- كَفَرَ سواءٌ كان مازحاً أوجاداً وكذلك من استهزأ بالله -تعالى- أو بآياته أو برسله أو كتبه” وقال النووي “والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن عمد واستهزاء بالدين صريح” وقال شيخ الإسلام”إن الاستهزاء بالله وآياته ورسله كُفْرٌ يكفُر به صاحبُه بعد إيمانه” ونقل القرطبي عن القاضي ابن العربي يشرح موقف المستهزئين في غزوة تبوك قوله : “لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جداً أوهزلاً وهو كيفما كان كُفْرٌ فإن الهزل بالكُفْرِ كفرٌ لا خلاف فيه بين الأمة” لهذا جعل شيخ الإسلام الاستهزاء بالدين وأهله ناقضاً للإيمان سواء كان خفياً أم ظاهراً. أما محمد بن عبد الوهاب فقد عدَّدَ نواقض الإسلام العشرة وذَكَرَ أن الناقض السادس هو : الإستهزاءُ بشَيْءٍ من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثَوَابِهِ أو عقابه”.