-1- هذا هو عنوان المقال الذي نشره د. فهمي هويدي بجريدة الخليج عدد 5983 ليوم الثلاثاء 3 أكتوبر 1995 ولأهمية المقال، نقدم لقراء المحجة الأعزاء ملخصا له في حلقتين ضمن هذا الركن الذي سبق وأن خصصنا حلقات منه لمأساة المسلمين في البوسنة والهرسك. جرت المحاكمة في بون بألمانيا وقام بها حوالي مائة من المثقفين الغربيين، الذين استمرت مداولاتهم أربعة أيام وانتهت بصدور بيان أكد تواطؤ الغرب في البوسنة. ودعا إلى تقديم الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمين العام للامم المتحدة ومبعوثه إلى يوغسلافيا السابقة ومعهم الوسطاء الدوليون إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبتهم على أدوارهم فيما جرى من جرائم وحشية بالبوسنة، ولقد جرت هذه المحاكمة أثناء انعقاد مؤتمر بمقر «الجمعية الدولية للمستضعفين في الأرض» واشتركت في الدعوة إليه جامعة سراييفو وتجمع الدفاع عن حقوق الانسان في البوسنة، وضم المؤتممر نخبة من المثقفين والخبراء الغربيين وكان هدفه الاساسي فضح عمليات الإبادة الوحشية الجارية في البوسنة وكشف تآمر الحكومات الغربية على وقوعها واستمرارها. وقد لاحظ د. فهمي هويدي الذي حضر هذا المؤتمر أن عنوان اللقاء كان مثيراً وأن الأوراق التي قُدمت إليه والمعلومات التي ترددت في حيتياته كانت هامة وخطيرة، وأن المؤتمرين الذين قدموا من أنحاء أوربا وأمريكا كانوا يملكون من الشجاعة ما يكفي للتعبير الأمين والرائع عن غضبة الضمير الانساني ازاء الجرائم والفظائع التي ارتكبت بحق الانسانية في البوسنة ومن الشهادات التي قدمت في هذا المؤتمر شهادة السناتور الامريكي فرانك ماكلوسكي، حيث قال : إن الموقف الغربي من البوسنة جاء مخيبا لآمال كل الشرفاء في العالم حيث اتسم بالمراوغة وعدم الاستقامة وغلاظة القلب وآدان موقف ادارة الرئيس بوش التي اعتبرت أنها أدت ما عليها من واجب في حرب تحرير الكويت، وتركت موضوع البوسنة للأوروبيين، كما انتقد إدارة الرئيس كلنتون الذي تراجع عن وعوده أثناء الانتخابات باتخاذ موقف حازم في البوسنة ورد مقولة أن الشعب الامريكي لا يريد التورط في المشاكل الخارجية قائلاً: إن الادارة الامريكية تستطيع أن تقنع الشعب وتعبئته كما حدث في حرب الخليج التي لم يؤيدها في البداية سوى 30% الامريكيين ولكن حملة التعبئة رفعت نسبة المؤيدين إلى 90% في وقت لاحق واستنتج من ذلك أن الادارة الامريكية تقاعست وتذرعت بالجماهير. وهاجم هذا السناتور وزير الخارجية وارن كريستوفر واتهمه بالتراخي والفشل مشيراً إلى أنه طالب بالاستقالة لهذا السبب في وقت سابق، وانتقد الاتفاق الأخير لتسوية القضية قائلاً: انه جاء مؤيداً لأكبر عملية اغتصاب للأرض في العصر الحديث وأنه يكرس الظلم الذي وقع على المدنيين في البوسنة. وأما الشهادة الثانية فهي للبروفسور فرانسيس بويل الاستاذ بجامعة شامبيني بولاية الينوي الأمريكية وأحد أبرز خبراء القانون الدولي وشهادته عبارة عن دراسة حول اتفاق الاتحاد الفيدرالي بين كرواتيا والبوسنة الذي قامت الولايات بدور رئيسي فيه وتم التوقيع عليه في واشنطن (مارس 94) ويرى هذا الخبير أن مشروع الاتحاد هو في حقيقته مشروع لاغتيال البوسنة واقتسامها بُمضي الوقت بين صربيا الكبرى وكرواتيا الكبرى وبين ذلك بالنص في الاتفاق على التفرقة بين البوسنيين والكروات الذين يقيمون داخل جمهورية البوسنة في حين أن كل الذين يعيشون في البوسنة يفترض أنهم بوسنيون سواء أكانوا مسلمين أم كرواتا أم صربا غير أن تخصيص ذكر الكروات يجعل ولاءهم الحقيقي لحكومة زغرب، وليس سراييفو الأمر الذي يجعل منهم كرواتا بالدرجة الأولى، وهو ما يعْني أنه يمهد الطريق لتمدد كرواتيا في داخل البوسنة لابتلاعها بعد سنوات معدودة. هذا فضلا عما يشوبُ الاتفاق من غموض واضطراب حول حدود المنطقة البوسنية وحق العودة د. عبد الرحيم بلحاج