سياسة الدول الكبرى : كلام الليل يمحوه النهار
تعيش كثير من دول العالم الثالث وخاصة الفقيرة منها على ما تَجُودُ به كف الدول المتقدمة من مساعدات وقروض، الأمر الذي يجعل هذه الدول الفقيرة في ترقب وانتظار مستمرين لما يمكن أن “تتكرم” به عليها الدول الغنية ولِمَا يُمْكِنُ أن تتفضل به من إعادة جدولة ديونها أو الغائها إن اقتضى الأمر، في مقابل تكرم الدول الفقيرة بتقديم “خدمات” معينة لهذه الدول الكبرى. ويزداد طموح هذه الدول الفقيرة تعلقا حينما تنعقد قمة للدول الأكثر غنىً في العالم، أو قمة دولية تتدارس فيها قضايا الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية، كما حدث مؤخراً في قمة كوبنهاكن، التي خرج فيها مندوبو ما يزيد على 180 دولة بقرارات سال لها لعاب كثير من الدول الفقيرة في جنوب امريكا وآسيا وفي افريقيا، بكل ما تحتضنه هذه الدول من أُلُوفٍ مؤلّفةٍ من المشردين والجائعين والعاطلين، الذين لا يظن أحدهم أن ميزانيته السنوية، ربما لا تكفي لتغذية كلب واحد في يوم واحد في أوربا. ولذلك فلقد كان من المنتظر أن يُلْتَفَتَ بعد هذه القمة إلى شعوب تعاني من الفقر أو الحرب أو الحصار أو الاضطهاد للتخفيف عنها وانجاز ما يمكن أن يساعد على نموها من مشاريع اقتصادية واستثمارية واصلاحات سياسية. لكن الذي حدث هو أنه غداة هذه القمة تفاجئنا الولايات المتحدة وهي أكبر دولة في العالم بمنعها للشركات الأمريكية من انجاز أي استثمار في حقول النفط الإيرانية بدعوى أن ما سبق أن اتفقت عليه هذه الشركات الأمريكية مع الشركة البترولية الإيرانية في 6 مارس سيساعد إيران على تتمة قدراتها الاقتصادية والمالية. إذن فأين هي قرارات قمة كوبنهاگن، أليس معنى هذا أن سياسة النظام العالمي الجديد تقوم على >كلام الليل يمحوه النهار<؟!.
د. عبد الرحيم بلحاج