المرأة المسلمة في المجتمع المسلم والموقف من مشاركتها في :
1- الانتخابات.
2- اختيار في المجالس المنتخبة.
3- تولي الوظائف العامة والحكومية.
4- العمل عموما.
مقدمة
مكانة المرأة بصفة عامة حسبما تفصح عنه أحكام ديننا الحنيف
المرأة هي الأم التي ورد في شأنها الأثر الكريم : أن الجنة تحت أقدامها >الطبراني< والتي قدّمها الله تعالى على كل من عداها في حق صحبة الأبناء لها ففي الصحيح سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال صلى الله عليه وسلم >أمك< قال السائل ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم >ثم أمك< قال السائل ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم >ثم أمك< قال الرجل ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم في الرابعة >ثم أبوك<
ويقول تبارك وتعالى >وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما<(الإسراء)
والمرأة هي الابنة والأخت التي تولد كما يولد أخوها الذكر من ذات الصلب ومن نفس الرحم >يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا<(الشورى)
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : >النساء شقائق الرجال<
والمرأة هي الزوجة التي هي سكن للرجل والرجل سكن لها >ومن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ من أنفُسِكُمْ أزواجا لِتَسْكُنُوا إليْهَا وجَعَلَ بَيْنَكٌمٌ موَدَّةً ورحمة<(الروم) >هُنَّ لِبَاسٌ لكُمْ وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لهن<(البقرة)
والمرأة هي نصف المجتمع ونصف الأمة والقائمة على تنشئه وتوجيه وإصلاح كل الجيل اللاحق من الرجال والنساء وغرس المبادئ والعقائد في النفوس وهم بعد على الفطرة والتعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
وخلق الله تبارك وتعالى آدم من تراب، ثم خلق من صدره حواء، ثم توالى النسل من ذات النفس الواحدة >ياأيها الناس اتّقوا رَبَّكُمْ الذي خلقَكُم من نَفْسٍ واحدةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ منهما رجالا كثيرا ونساء<(النساء)
>هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وجَعَلَ منها زوجها ليسكن إليها<(الأعراف)
وليس في شريعة الإسلام نص أو أثر يشير أية إشارة إلى ما تتضمنه بعض المذاهب والأديان الفاسدة التي افترت على الله الكذب وادعت أن المرأة مخلوق شيطاني أو نجس، بل وكما قلنا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول >النساء شقائق الرجال، كما يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح >المؤمن لا ينجس<.
والحقيقة التي تنطق بها النصوص أن العبرة بالايمان وتقوى الله وحسن الخلق يقول الله تبارك وتعالى >ياأيها الناس إنا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا. إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم<(الحجرات) >فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض<(آل عمران) >من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون<(النحل)
وليس في نصوص القرآن والسنة المطهرة ما يفيد المزاعم التي ترددها الأديان والمذاهب الفاسدة التي افترت على الله الكذب وادعت أن حواء عليها السلام هي التي أغوت آدم عليه السلام بالأكل من الشجرة التي حرمها الله عليهما فأخرجهما من الجنة، ولكن نصوص القرآن الكريم قاطعة بأن الأمر الالهي توجّه إلى آدم وحواء معا >ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وورى عنهما من سوءاتهما وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين. فدلاهما بغرور< ثم كانت التوبة منهما معا >قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين<(الاعراف) وفي سورة البقرة >فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه<.
وهكذا سدّت نصوص القرآن الكريم والثابت الصحيح من السنة المطهرة كل منابع الادعاء الزائف، والخرافات التي يثيرها البعض حول المرأة وطهارتها.
ومسؤولية المرأة الإيمانية كالرجل سواء بسواء، فهي مسؤولة عن تصديقها وإيمانها بالله والرسول، وإن خالفها أقرب الناس من أب أو أخ أو زوج في ذلك، ولحكمة شاءها الحكيم الخبير ضرب الله المثل للذين كفروا بامرأتين كما ضرب المثل للذين آمنوا بامرأتين أخريين >ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين. وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين، ومريم ابنة عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتابه وكانت من القانتين<(التحريم).
فالمرأة كالرجل مأمورة بالإيمان بالله واليوم الآخر والكتاب والملائكة والنبيين... الخ، كما أنها مأمورة أن تقيم الصلاة وتوتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج إلى بيت الله إن استطاعت إلى ذلك سبيلا، وعليها واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن عليها واجب الولاية لجماعة المسلمين. >والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر<(براءة) >ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن. الله أعلم بايمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار<(الممتحنة) >ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لايشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولايقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجليهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله<(الممتحنة).
وعلى المرأة ما على الرجل من واجب التفقه في أحكام الدين لما تحتاج إليه في شؤون حياتها وللنذارة والتبليغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم >فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون<(الانبياء) >فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون< والطائفة هي الجماعة من الناس.
والحدود المنصوص عليها في الشريعة الغراء واحدة بالنسبة للرجل والمرأة فالسارق كالسارقة، والزاني كالزانية، والقاذف كالقاذفة وشارب الخمر كشاربته، والمحارب لله ورسوله كالمحاربة.
ونفس المرأة في القصاص كنفس الرجل، والمرأة القاتلة كالرجل القاتل والمرأة القتيل كالرجل القتيل ويقتص من الرجل إذا قتل إمرأة كما لو كان قتل رجلا، وأحكام الديات واحدة لا تفرق بين رجل وامرأة ولقد شاركت النساء في بيعة العقبة الأولى وفي بيعة العقبة الثانية.
ولحكمة شاءها العليم الخبير كان أول من آمن وساند وأيد وأدخل السكينة على رسولنا المصطفى وخاتم المرسلين امرأة هي خديجة عليها السلام كما كانت سمية رضي الله عنها من السابقات في الشهادة في سبيل الله وروى البخاري وأحمد عن الربيع بنت معوذ قالت >كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة<
كما أخرج مسلم وأحمد وابن ماجة عن أم عطية الانصارية قالت >غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وأخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى< وأخرج مسلم في صحيحه عن أم سليم زوج أبي طلحة تتمة ..............ص 11 أنها اتخذت خنجرا يوم حنين فلما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : >إتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه< ولم ينكر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.
وخرجت نسيبة بنت كعب في حروب الردة في عهد أبي بكر رضي الله عنه فباشرت القتال بنفسها وعادت وبها عشرات الجراحات من طعنة وضرب.
ولا يصح زواج في شريعة الله إلا بموافقة المرأة ورضاها وإجازتها، ولا يجوز شرعا إجبارها على الزواج بمن لا ترضاه.
وللمرأة ذمة مالية كاملة لا تنقص شيئا عن ذمة الرجل المالية فلها حق تملك جميع أنواع الأموال من عقارات ومنقولات وأموال سائلة (نقود) كالرجل سواء بسواء، ولها حق التصرف بمختلف أنواع التصرفات المقررة شرعا فيما تملكه فلها أن تبيع وتشتري وتقايض وتهب وتوصي وتقرض وتقترض... الخ وتصرفاتها نافذة بإرادتها الذاتية ولا يتوقف شيء من ذلك على رضا أب أو زوج أو أخ. أورد البخاري رحمه الله في صحيحه بابا بعنوان (هبة المرأة لغير زوجها وعِتْقُها إذا كان لها زوج فهو جائز ما لم تكن سفيهة) وذكر به أن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث أعتقت وليدة كانت لها دون أن تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت له صلى الله عليه وسلم ذلك فقال >إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك<
وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الثابت عنه والمتضمن أن النساء ناقصات عقل وناقصات دين وناقصات حظ بما يتسق مع ما أوردته النصوص من حقوق للمرأة ومن كيان إنساني متكامل على النحو الذي سبق أن أوضحناه. فنقص الدين ليس نقصا في الايمان، ولا لأنها مخلوق متدنٍّ غير أهل للتزكي وارتقاء أعلى الدرجات ولكن معناه أن الله تبارك وتعالى رفع عنها بعض العبادات في أوقات محددة فرفع عنها الصلاة والصيام أثناء الحيض والنفاس، كما فسّر نقص الحظ بأنه نقص في بعض أنصبة الميراث فقط فلم يتعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نقص في حظوظ أخرى أو إلى ما يشير لتدني درجتها، وكذا نقص العقل فهو محدد بالشهادة على أمور معينة أهمها الدّين أي القرض وعقود البيع والحدود - ويقطع بعدم إطلاق نقص العقل أو أنه يتدنى بالمرأة فيفقدها المساواة الانسانية بالرجل أن من الأمور ما لا يقبل فيه إلا شهادة النساء دون الرجال، وأن نقل المرأة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبول بالاجماع، كذا ما سبق مما أسلفنا من واجبات المرأة الايمانية والعقائدية وحقها في التملك والتصرف وإتخاذ العقود مستقلة بذلك إستقلالا كاملا ولولم يكن الأمر كذلك لتوقفت تصرفاتها والعقود التي تبرمها على ما يكمل نقص عقلها.
وقد تواتر في النصوص القرآنية الخطاب الموجه للناس جميعا -المرأة والرجل على سواء- والمؤمنين والمؤمنات على سواء قال تعالى >إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما<(الأحزاب) كما يقول >عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم<(الأحزاب) >قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن<(النور).
أما القوامة التي للرجال على النساء التي وردت في قوله عز وجل >الرجال قوامون على النساء<(النساء) فلا يجوز أن تفهم على أنها مطلقة في كل الأمور ولعامة الرجال على عامة النساء وإن ما ورد بذات الآية إيضاحاً لهذا النص بقوله عز وجل >بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم< يحدد أن هذه القوامة خاصة بالأسرة فقط وفيما يتعلق بالأمور المشتركة بين الزوج والزوجة دون ما عداها، وكما أسلفنا فليس للزوج قوامة على تصرفات زوجته المالية، وكل تصرفاتها في أموالها الخاصة نافذة وليس لزوجها أن يبطل شيئا منها، كما لا يتوقف أي من هذه التصرفات على إذن الزوج كما أن هذه القوامة هي رياسة وتوجيه مقابل التزامات وواجبات يجب أن تؤدى وتحترم فالرجل هو الذي يؤدي الصداق عند الزواج وهو الذي يعد المسكن وفرشه وفراشه وكل مايحتاجه وهو الذي عليه نفقة الزوجة والأولاد وليس له أن يجبر زوجته على المشاركة في شيء من هذا ولو كانت ذات مال، وهو في الأغلب الأكبر سنا والأكثر اختلاطا بالناس وتدخلا في الأمور العامة، ولابد لكل مجموعة من قائد يقودها في حدود ما أمر الله تبارك وتعالى إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والزوج هو المؤهل لهذه القيادة، وهذه الرياسة ليست رياسة قهر وتحكم واستبداد ولكنها تراحم وتواد ومعاشرة بالحسنى وإرشاد إلى الطريق السليم بالحكمة والموعظة الحسنة، وهي تقوم أساساً على التشاور فالنص الكريم >وأمرهم شورى بينهم<(الشورى) عام كما أنه ورد النص الخاص الذي يرشد إلى التشاور في أمور الزوجية >فإن أراد فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما<(البقرة) بل حتى في الطلاق ورد ما يفيد ذلك >ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به<(البقرة)، فإذا أضفنا إلى ذلك قوله عز وجل >وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا<(النساء) وغير ذلك مما ورد في الشرع الحنيف من أن الحياة الزوجية تقوم على السَّكَنِ والتراحم والمودة يتبين لنا بصورة قاطعة معنى القوامة وحدودها، وأنها ليست لأن المرأة جنس أدنى ولا لنقص في انسانيتها وحقوقها الأساسية، وإنما هي كما قال الله تبارك وتعالى درجة للرجل في مقابل واجبات التزم بها لتستقر أمور الأسرة.
فالأصل إذن هو المساواة بين الرجل والمرأة ولكن الاستثناءات ترد من لدن العليم الخبير الذي هوالخالق والأعلم بمن خلق وذلك في الأمور التي ميز تعالى فيها بين المرأة والرجل وجعل للمرأة خصوصيات تتناسب مع وظيفتها الأساسية في الحياة وكذا بالنسبة للرجل، وهذا التمايز مقصود به التكامل وهو ضروري لتحقيق هذا التكامل ولا ينجذب الرجل للمرأة ولا تنجذب المرأة للرجل ولا تستقيم الحياة الزوجية ولا تقوم الأسرة إلا به، ولهذا التمايز ولطبيعة المرأة وأنها الوعاء الذي تستقر فيه الانساب خص الله تبارك وتعالى المرأة بحرمات يجب المحافظة عليها حتى يحافظ على الأعراض وتصح الانساب، وقد وردت النصوص بأن جسد المرأة كله عورة ولا يجوز أن يظهر منه لغير محارمها سوى الوجه والكفين، وأن خلوة المرأة بالرجل غير المحرم لها غير جائزة، فإذا أضفنا إلى ذلك أن حياء المرأة أسمى بكثير من حياء الرجل وما يخدش حياءها أقل وأدق مما يخدش حياء الرجل، كان من اللازم أن يراعى فيما أسلفنا من حريات وحقوق للمرأة، أن تباشر هذه الحريات، وتِلْكُم الحقوق في ملابسات تحفظ عليها عرضها وكرامتها وحياءها وحرمتها.
كما أن مما لا شك فيه أن للمرأة وظيفة هامة سامية خصها الله تبارك وتعالى بها هي وظيفة الحمل والأمومة وهو ما لا سبيل للرجل أن يقوم به وهي أسمى الوظائف (رغم ما يحاول البعض من تهوينها والحط من شأنها) وبدونها ينقطع النسل وتجف منابع الجنس البشري، وأكثر من ذلك فإن الأم هي التي ترضع وليدها مع لبنها حنانا ورعاية تشيع في أجزاء نفسه، وفي كل جسده، ويبقى تأثره بها حتى يشب ويكبر، كما أن المرأة هي ربة البيت وملكته، ووظيفتها في رعاية أهل البيت وإعداده للسكن والهدوء والراحة والمودة خطيرة وجليلة، فلا يجوز أن تهمل أو يستخف بها.
وهذه الوظائف والمهام والخصائص التي ميز الله تبارك وتعالى المرأة بها تقابلها حقوق للزوج والأولاد لها أسبقية على غيرها ويجب تقديمها على ما عداها وهي لازمة لضمان استقرار الأسرة التي هي خلية المجتمع الأساسية وقوام تماسكه وصلابته وصلاحه، كما لا يجوز إغفال حقوق الزوج الشرعية في الإذن لزوجته في الخروج والعمل، فهذه حقوق شرعية معتبرة وهي تُنَظَّم بالاتفاق بين الزوج والزوجة وهي بعيدة عن أن يُنَظِّمَها قانون أو أن تتدخل السلطة فيها إلا في حالات نادرة.
حق المرأة في الانتخاب وفي عضوية المجالس النيابية وفي تولي الوظائف العامة
بعد هذه المقدمة التي نرجو أن تكون قد ألقت بعض الضوء على مكانة المرأة المسلمة في المجتمع المسلم وأوضحت بعض حقوقها وواجباتها فإننا نعرض لما نراه بخصوص ما أثير في المجتمعات العالمية عامة والإسلامية خاصة حول مشاركة المرأة في انتخاب أعضاء المجالس النيابية وما ماثلها، وحقها في أن تنتخب عضوا بتلك المجالس وأن تتولى الوظائف العامة، وأن تقوم بالأعمال المهنية :
أولا : المرأة وحق المشاركة في انتخاب أعضاء المجالس النيابية وما ماثلها.
ونحن نرى أن ليس ثمة نص في الشريعة الغراء يحجب أن تشارك المرأة في هذا الأمر بل إن قوله تبارك وتعالى >والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر<(براءة) >ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون<(آل عمران) يتضمن تكليفا للمرأة هي تؤديه بالمشاركة في اختيار أُولي الحَلِّ والعَقْدِ على وجه شرعي، وفي بعض الظروف قد تكون هذه المشاركة واجبة وضرورية، فحيث تنص قوانين الانتخابات المعمول بها في كثير من الدول الإسلامية الآن على إطلاق حق المرأة في الانتخاب، فإن إحجام المرأة المسلمة عن المشاركة في الانتجابات يضعف من فرصة فوز المرشحين الإسلاميين.
ثانيا : تولي المرأة مهام عضوية المجالس النيابية وما يماثلها
ترى الجماعة أن ليس في النصوص المعتمدة ما يمنع من ذلك أيضا، وما أسلفنا من نصوص تؤيد مشاركتها في الانتخاب ينطبق على انتخابها عضوا.
ومما قيل في هذا الشأن لتأييد الرأي المعارض :
1- إن المرأة جاهلة وغير متمرسة بالشؤون العامة وبالتالي يسهل التغرير بها – وهذه الحجة مردودة بأن المرأة الجاهلة كالرجل الجاهل وليست كل النساء جاهلات ولا كل الرجال بالمتعلمين أو المتمرسين في الشؤون العامة أو لا يسهل التغرير بهم… كما إننا نتكلم عن أصل الحق لا عن الشروط الواجب توافرها في الناخب أو الناخبة لضمان حسن أدائه المهمة، فتلك قضية أخرى. ونحن ندعو لتعليم وتثقيف النساء والرجال وبذل كل جهد ممكن في هذا المضمار الذي هو مقصد من مقاصد الشريعة الغراء وواجب شرعي هام.
2- إن المرأة يعتريها الحيض والنفاس والحمل مما قد يعوقها عن أداء العمل بالمجلس الذي تنتخب فيه والرد على ذلك أن الرجل أيضا يعتريه من الأمراض وغيرها مما يؤثر عليه وعلى امكانياته في العمل – يضاف إلى ذلك أن عضوية المجالس النيابية تحدد لها شروط منها، إلا يقل سن العضو عن حد معين يتراوح عادة ما بين ثلاثين إلى أربعين سنة، والأغلب أن المرأة إذا بلغت الأربعين أو جاوزت ذلك فإنها تكون قد فرغت من أعباء الحمل والولادة وبلغت طور النضوج العقلي والنفسي والاستقرار العاطفي، كما أنه قلما يستطيع الشخص في سن الحد الأدنى المقررة أن يفوز بالمنصب النيابي لما يحتاجه ذلك لممارسة طويلة لسنوات عديدة في الاعمال العامة، والاحصاءات تقرر أن قلة صغيرة من أعضاء المجالس النيابية هم الذين يكونون في الحد الأدنى من السن المقررة أو ما يقربه والغالبية تكون قد جاوزت ذلك بكثير :
وعلى أي حال فنحن نتكلم عن الحق في الترشيح للعضوية وفي توليها إذا ما تم الانتخاب ولسنا بصدد البحث فيما ينبغي أن تتضمنه شروط العضوية من مؤهلات يجب أن تتوافر في الرجل أو المرأة كما أن الأمر متروك للناخبين فإن رأوا أن المرشحة ليست في حالة أو ظروف وأوضاع تمكنها من أداء مهامها، فالمفروض أنهم لن يؤيدوا انتخابها، كما أن الجهة التي سوف تزكيها سوف تحجم عن تزكيتها وترشيحها.
3- التبرج والإختلاط – ونحن لا ندعوا للتبرج ولا للإختلاط ولا نقول بالتسامح فيه، والمرأة مأمورة بأن تلتزم بزيها الشرعي سواء خرجت للمشاركة في الانتخابات أو حضور جلسات المجلس التي هي عضو فيه أو لغير ذلك.
كما أنه من الواجب أن تخصص مراكز انتخاب للنساء وهو أمر معمول به في معظم الدول الاسلامية، كما أنه يجب أن تخصص للنساء في المجالس النيابية أماكن حتى لا يكون ثمة مجال لتزاحم أو اختلاط.
4- سفر المرأة العضو للخارج بغير محرم – وهذا أمر مردود بأنه ليس بالضرورة أن تسافر ما لم تكن مع محرم أو في حال يؤمن عليها حسبما تقرره الأوضاع الشرعية.
ثالثا : تولي المرأة الوظائف العامة.
الولاية العامة المتفق على عدم جواز أن تليها امرأة هي الامامة الكبرى ويقاس على ذلك رئاسة الدولة في أوضاعنا الحالية.
أما القضاء فقد اختلف الفقهاء بشأن تولي النساء له – فمنهم من أجازه على إطلاق (الطبري وابن حزم)، ومنهم من منعه على الإطلاق (جمهور الفقهاء) ومنهم من توسط فأجازه في أنواع من القضايا ومنعه في أخرى (الامام أبو حنيفة رضي الله عنه)، ومادام أن الأمر موضع إجتهاد فالترجيح طبقا للأصول الشرعية أمرٌ واردٌ، ثم ابتغاء مصلحة المسلمين طبق ضوابطها الشرعية وطبقا لظروف المجتمع وأحواله أمرٌ واردٌ أيضا.
أما ماعدا ذلك من الوظائف فمادام أن للمرأة شرعا أن تعمل فيما هو حلال لم يرد نص بتحريمه، ومادام أن الوظيفة العامة هي نوع من العمل فليس ثمة ما يمنع أن تليها.
وكذا قيام المرأة بالأعمال المهنية طبيبة، مدرسة، ممرضة، إلى غير ذلك مما هي قد تحتاجه أو يحتاجه المجتمع.
ملاحظة هامة :
نرى ضرورة التنويه إلى لزوم التفرقة بين أن يكون للإنسان حق وبين كيفية استعمال هذا الحق وشروط ذلك والظروف المناسبة لاستعمال هذا الحق، وبالتالي فإذا كانت المجتمعات تتباين ظروفها الاجتماعية وتختلف تقاليدها ودرجات النضج الثقافي والفكري فيها فإنه يكون من المقبول أن يتدرج استعمال الحقوق طبقا لاحوال المجتمع وظروفه وأن يحاط استعمال الحق بما يناسب تلك الأحوال وأهم من ذلك بما لا يؤدي إلى الخروج أو الاخلال بقواعد أخلاقية وردت بها النصوص ويجب الالتزام بها.
ومما يجب أيضا وبالحاح الاشارة إليه أن المثال الغربي لمعاملة المرأة ووضعها الاجتماعي والاستهانة بحيائها وعرضها هذا المثال من هذه النواحي مرفوض جملة وتفصيلا، وهو يقوم على فلسفة إباحية تناقض مبادئ الشريعة الغراء وأخلاقها وقيمها، وأننا في مجتمعنا الاسلامي يجب أن تكون المبادئ والاخلاق والقيم الاسلامية هي المهيمنة والمعتبرة بكل حرص وبكل اعزاز وبكل تقدير ومع خشية كاملة لله تبارك وتعالى.
جبهة العمل الاسلامي الاردن